جعفر عباس

صاحبة أجمل صلعة

صاحبة أجمل صلعة
هذه حكاية أبطالها عائلة هندية مقيمة في المملكة المتحدة، وتتألف من زوج وزوجة وبنت واحدة، وذات صباح وقبيل توجه البنت – واسمها سيندو – إلى المدرسة كان عليها ان تتناول وجبة الإفطار المكونة من البيض والحليب، وكانت سيندو تكره البيض والحليب، مثل نفور أبي الجعافر من الكوسا والقرنبيط وفاروق الفيشاوي، وتوجه الأب نحو سيندو وقال لها: عشان خاطري يا بنتي كلي البيض واشربي بعض الحليب، فيهما بروتينات وفيتامينات مهمة للنمو الصحي، والتفتت البنت نحو والدها قائلة: طيب، لو تناولت الطعام، هل تعدني بتلبية أي شيء أطلبه منك؟ هنا تدخلت الأم: بس أوع تشطحي في الطلبات وانت عارفة البئر وغطاه، وعلينا فواتير متلتلة. ولكن الأب وعدها بتلبية كل ما تطلبه، وهنا قالت سيندو إنها تريد وعدا مماثلا من أمها، فقالت الأم: يا حبيبتي انت أغلى شيء عندنا ولكنك تعرفين ظروف والدك المادية فلا تشطحي في طلباتك وتقولي انك تريدين شيئا باهظ الثمن. فابتسمت الفتاة وقالت إنها لن تطلب شيئا يرهق العائلة ماديا، وهكذا تعهدت الأم بدورها بتلبية طلب سيندو التي التهمت البيض وشربت كوب الحليب.. ثم قالت: طلبي بسيط، فقال لها الأب: انت تأمر يا جميل، فابتسمت البنت وقالت: أريد قص شعري كليا، على الزيرو من لغاليغو… كومبليتلي.. حتى تظهر فروة رأسي! فصرخت الأم: مجنونة أنت؟ خلاص صرت مثل البنات الصعلوكات المسترجلات اللواتي يتخلصن من شعر رؤوسهن ويثقبن شفاههن وألسنتهن لوضع حلقات فيها؟.. شوفي يا بنت.. أنت هندية وستظلين هندية والشعر تاج رأسك وعليك ان تنسي موضوع «الصلعة بالحلاقة»، وإياك تحسبي نفسك خواجية.. فقالت سيندو لوالديها: وعدتموني بتلبية طلبي وتعهدت لكم بألا أطلب شيئا باهظ التكلفة وها أنتم تتنصلون من وعدكم خلال دقائق.. ثم: وااا وااا أهئ إهئ.. هنا أحس الأب بالحرج وانتحى بزوجته جانبا، وقال لها ان البنت لن تصدق كلمة منا لو رجعنا عن وعدنا لها، وإذا كان قص الشعر رغبتها فلنحققها لها على الرغم من عدم رضانا عن ذلك.
وهكذا اصطحب الأب سيندو إلى الحلاق الذي خلصها من شعرها الجميل خلال دقائق نظير مبلغ بسيط، بينما الأب يحس بالألم كلما تهاوت خصلات شعرها الطويل الجميل أرضا.. وفي اليوم التالي أوصلها إلى المدرسة وتوقف عند البوابة قليلا متوجسا من أن بنته ستتعرض لضحكات الاستهجان من زميلاتها، وفجأة وقفت سيارة أخرى قرب البوابة وخرجت منها فتاة رأسها أجرد أي ذات «صلعة» ونزلت من السيارة أمّ تلك الفتاة وتوجهت نحو والد سيندو وقالت له: بنتك هذه رائعة، فقد امتنعت ابنتي عن الحضور إلى المدرسة طوال شهر بعد ان فقدت شعر رأسها نتيجة للعلاج الكيمائي الذي تتلقاه لأنها مصابة بسرطان الدم، وخشيت ان تصبح عرضة للتهكم والتريقة من زميلاتها في المدرسة، وزارتها سيندو في البيت مؤخرا وقالت لها: لا تشيلي هم التهكم والاستهجان وتعالي إلى المدرسة مع بداية الأسبوع التالي وسأقدم إليك مفاجأة سارة!! وها هي ابنتك قد تجردت وتخلصت من شعرها تضامنا مع ابنتي الصلعاء بسبب السرطان فما أنبلكم من عائلة!! هنا اندفع الأب الهندي نحو بنته الصلعاء واحتضنها قائلا: ليتك كنت أمي.

جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. ما أجمل هذه القصة وما أجمل دافع البنت النبيل .. لكن في الحقيقة مهما كان!!! فجمال المرأة في شعرها وخصوصا” إذا كان طويلا” إلى منتصف الظهر .. ولا شك أننا في المجتمعات العربية نتأثر بالشكليات؟؟؟؟ .. فالرجل مثلا” ليثبت أنه (عنتر) في زمن (العنتريات)!!! لا بد أن يطيل شاربه كثيرا” حتى يكون كما في المثل المصري رجل(بحق وحقيق) أما إن كان شاربه خفيفا” أو ينتزعه من (لغاليغو) فيا حيف على الرجولة !!! وهكذا الأمثلة كثيرة على التناقض والإنسلاخ من الشخصية!!! والتميع والتداخل في شخصيات قد لا تروق للمقلد لكنه الخوف من نظرة الآخرين و تعليقاتهم .. دام قلمك نابضا” أستاذي العزيز .