الخدمة المدنية بعيون منسوبيها
وعليه فإن ما يحدث من تسيب في العمل الإداري يرتبط بالممارسات السلبية للموظف أثناء تأدية مهامه الرسمية وهذا ما يحكي عنه حال الخدمة المدنية اليوم ، فالخدمة المدنية في السودان مرت بمراحل مختلفة منذ دخول الاستعمار البريطاني وحتى يومنا هذا ، ولكن الناظر لحالها في الفترة الأخيرة يجد أن هنالك تدهورا ملحوظا حيث أصبح المواطن لا يجد الخدمة المطلوبة من قبل المؤسسات المعنية لتوفير الخدمات له فما هي الأسباب التي أدت لذلك ؟
حسن عثمان موظف بالخدمة المدنية أوضح للصحافة بأنه لابد من وضع هيكل للأجور والترقيات خاصة وأن زيادة الرواتب ومنح الترقيات وتعديل الهياكل الإدارية تحقق الاستقرار الوظيفي وتحد من الظاهرة ، وأشار حسن إلي أن هناك شركات ومؤسسات مثل شركات النفط والبترول والاتصالات تقدم رواتب كبيرة ومغرية وامتيازات وظيفية أخري كبدلات السكن والغروض مما يؤدي إلي هجرة الكفاءات إليها .
وليس بعيدا عن هذا المنحي فقد أكد للصحافة الطيب محمد عثمان وهو موظف متقاعد بأن المشكلات التي تواجه الخدمة المدنية كثيرة كتجميد ترقية العاملين وصرف النظر عن تغيير الوظائف لحملة الدرجات العلمية في الخدمة المدنية فضلا عن تأخير الاستحقاق السنوي ، كذلك أوضح عثمان أن من أكبر المشكلات ما يتعلق بتجميد ترقية العاملين بأنها حق يمنح وفق قوانين العمل وقي حدود سنتين أو ثلاث كحد أقصي بواسطة شؤون العاملين أو الإفراد ولكنْ هنالك تحايل من بعض المؤسسات لترقية العاملين حيث يتم تكوين لجنة تسمي لجنة الترقيات لا تعمل وفق قوانين العمل وإنما وفق لوائح داخلية منظمة للعمل وليست تشريعا أساسيا وتعتمد علي تقرير الأداء بصورة مباشرة دون النظر لسنين الخدمة ، وأحيانا تبرر بأن الهيكل لا يسمح بالترقية لبعض العاملين .
ويقول مدير العاملين في إحدى المؤسسات فضل حجب اسمه بأن بعض المؤسسات تحد من سلطات شؤون العاملين في ممارسة سلطاتها في الترقي وتطلب منها أن تعمل وفق سياسة المؤسسة ، وبالنسبة لعدم فك الاختناقات الوظيفية يقول بأن بعض المؤسسات بها اختناقات وظيفية بسبب تجميد ترقي العاملين وعدم التعامل مع الهيكل الوظيفي بصورة علمية وفق قوانين العمل .
ولتحليل هذه الظاهرة أوضح الخبير في المجال الإداري هاشم عثمان أن تفشي روح اللا مبالاة والتسيب عن العمل وعدم الاهتمام بخدمة المواطنين وانعدام المساءلة والمراقبة كذلك تفشي الفساد المالي الناتج عن ضعف الوازع الديني في نفوس العاملين إضافة إلي ضعف المرتبات مقارنة مع مرتبات المؤسسات والشركات في القطاع الخاص وتأثير ذلك في الروح المعنوية للعاملين وتوقف التدريب الداخلي والخارجي للعاملين كلها عوامل تعمل علي تدهور الخدمة المدنية . ويوضح هاشم للصحافة أن طيلة الفترة الماضية لم تواكب مرتبات العاملين بالخدمة المدنية ارتفاع غلاء المعيشة ، في الوقت الذي حدث تطور هائل في تحسين المرتبات لكثير من فئات العاملين خارج الخدمة المدنية، يوضح بأن هذه الفوارق في الأجور مقارنة بغلاء المعيشة وضعف الوفاء بمتطلبات العاملين أدت إلي التسيب في العمل الإداري والإهمال والارتشاء وضعف الإنتاج وأوضح هاشم ما لم يحدث تحسين جوهري في مرتبات العاملين بالخدمة المدنية مقارنة بالعاملين في المؤسسات الأخرى لن نتوقع أن يحدث إصلاح إداري ، وعزا الفساد الإداري لتردي الأوضاع التي يعيشها العاملون مما ينتج عنه التسيب والغياب عن العمل دون عذر وخروج العاملين من المكتب قبل انتهاء ساعات العمل نتيجة لعدم المحاسبة والمساءلة من جانب مرؤوسيهم ، وقال إن الرؤساء أنفسهم لا يتجرؤون على محاسبتهم وذلك لعلمهم بأن الموظف لا يتمتع بالرضا الوظيفي ولا يجد مرتبا مجزيا يحفزه للعمل والمواظبة .
ويري أن ظاهرة الاختلاس من المال العام ترجع لعدم الرقابة الإدارية والمالية ويعزي ذلك للفقر والبؤس الذي يعيشه العاملون في الخدمة المدنية .
ويؤكد إذا أردنا إصلاحا إداريا لا بد من وضع معالجات وذلك بتوفير شروط خدمة مجزية بدءا من المرتب المناسب إلي البدلات والامتيازات الأخرى وكذلك ضرورة الحرص علي الالتزام بالقوانين واللوائح الإدارية والجدية في معاقبة ومحاسبة ومساءلة المخطئ، ومكافأة المنتج والمواظب في عمله وترك المجاملات ووضع ميزانية لتدريب العاملين خاصة وأن أية أموال تستثمر في التدريب ستعود علي المؤسسة أضعافا مضاعفة في زيادة الإنتاج وتجويده .
ويوضح هاشم للصحافة أن الفترة المقبلة تتطلب إيجاد خدمة مدنية مؤهلة ونزيهة ومتجردة لخدمة الصالح العام يتسم أفرادها بالعدل في معاملة الجماهير المستفيدة من خدماتها بجانب توفير خدمة مدنية متدربة ومواكبة لمتطلبات التكنولوجيا تلتزم بالقوانين واللوائح العادلة المنظمة للعمل الإداري .
وأوضح للصحافة أستاذ الاقتصاد بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون بأن بيئة العمل في الخدمة المدنية تواجه صعوبات كثيرة مما ينعكس ذلك علي الحالة النفسية للعامل والإنتاج بصورة مباشرة، وعزا هنون تراجع الخدمة المدنية في السودان والدول المشابهة إلي ضعف الرواتب والتي يترتب عليها كافة المشكلات، وبالتالي لا يكون هنالك ابتكار أو إبداع مما يقود إلي انعدام روح الانتماء للمؤسسة .
وأبان أن كل هذه العوامل تعمل علي تدني الإنتاج والاقتصاد بصورة مباشرة وبالتالي يقل الناتج الإجمالي للدولة ، وأضاف بأن ذلك ينعكس علي المستوي المعيشي للمواطنين ويقل دخل الفرد . وأن العملية الاقتصادية عملية مترابطة تأثير أي جزء منها يؤثر علي الإنتاج وبالتالي يتأثر الاقتصاد القومي ،وأكد هنون أنه لا بد للدولة أن تهتم بالإبداع والابتكار وأن تعمل علي تطوير العمل الإداري في الخدمة المدنية بوضع سياسات علمية تعمل علي النهوض بعملية الإنتاج حتى ينعكس ذلك علي الاقتصاد القومي بصورة واضحة .
[/JUSTIFY]
تحقيق: عادل بدين
صحيفة الصحافة
السبب الرئيسي لتدهور الخدمه المدنيه هم القيادات خارج الفصل الأول الذين يتم تعيينهم بقرارات سياسيه ويتميزون بعدم الكفاءه والخبره والذين يقومون ايضا بالإستعانه بالمحاسيب عديمى المعرفه والخبره بعمل المؤسسه ووضعهم وتمييزهم ماديا وأدبيا أكثر من كبار وقدامي العاملين من أهل ابكفاءه والخبره في المؤسسه الحكوميه الشئ الذى يخلق لديهم الإحساس بالظلم والغبن وبالتالى عدم الولاء والغيره والإحساس بالمسؤوليه إتجاه مصلحة العمل بالمؤسسه الحكوميه مما يؤدى ويتسبب فى تدني وتدهور الخدمه المدنيه ألا هل بلغت الهم فأشهد .