الطاهر ساتي

الديمقراطية..( في ليبيا ساق و في سوريا كُراع ).

الديمقراطية..( في ليبيا ساق و في سوريا كُراع ).
جاءنا البيان التالي : ( تهنئ الحركة الإسلامية السودانية بأجل الحمد لله رب العالمين لثورة المجاهدين والشهداء والوحدة بليبيا الشقيقة، والتي مثلت أنموذجا للصمود والصبر والمصابرة والبأس لمقاومة الظلم الأعتى والأشد على أمتنا..ومثل ما كانت هذه الثورة المباركة مثلا في الجهاد، نتمنى أن تذهب في طريق الريادة بتأسيس دولة الوحدة والحرية والعدالة والتسامح والقانون والمؤسسات الرائدة لبناء ليبيا الجديدة، وتحقيق طموحات شعبها للحياة الحرة الكريمة..وعلى طريق النصر إن شاء الله للثورة العربية العارمة في عهد شعوبها الجديد .. الله الله في الوحدة والسيادة والاستقلال)..هكذا هنأت الحركة الإسلامية السودانية شعب ليبيا، ثم باركت له للثورا ثورتهم الظافرة وإنتصارهم على نظام القذافي، وهو بيان يكشف بأن الحركة الإسلامية السودانية تؤمن بالحرية وتقدس العدالة وتعشق الوحدة و(تموت في حاجة في إسمها ديمقراطية )، ولو لم تكن كذلك لما إبتهجت بالثورة الليبية التي حررت شعب ليبيا من قيود القذافي.. ممتاز، يلا نمشي لي قدام ..!!

** عفوا، قبل أن نواصل في إحتفاء الحركة الاسلامية السودانية بانتصار الثورة الليبية، نحكي ما يلي ..أغبشا أغبرا جاء من ريفنا الحبيب الى عاصمة البلد لقضاء بعض الحوائج، فساقه القدر الجميل ذات ظهيرة الي المحطة الوسطى وزحام مركباتها العامة، وبعد فاصل من المصارعة الحرة نجح في تجاوز باب المركبة ثم الحصول على مقعد طرفي، وقبل أن يجلس عليه إنتهرته إحدى حسان المدينة : ( يازول إنت عميان؟، شيل كراعك من ساقي )، وما كان من أغبشنا إلا يتحزم برد فحواه : ( علي الطلاق بالتلاتة ماني شايلها إلا توريتيني ليه حقتي كراع وحقتك ساق ؟)..وهكذا تقريبا لسان حال الحركة الاسلامية السودانية – وحكومتها – أمام الثورات العربية .. إذ إندلعت ثورات وإنتصرت بليبيا ومصر وتونس، فأبدى سادة الحركة – وحكومتها – مواقف وبيانات وتصريحات ذات ملامح رائعة – شكلا ومضمونا- كما (سيقان تلك الحسناء) في مخيلة الحسناء ذاتها..بيد أن هناك ثورات أخرى لاتزال في مرحلة الإندلاع بسوريا واليمن، ولكن ملامح مواقف وتصريحات سادة الحركة وحكومتها تبدوا جافة – شكلا ومضمونا – كما ( كراع ذاك الأغبش) في مخيلة الحسناء أيضا..وعليه، سؤال برئ جدا لموقف الحركة الاسلاميه وحكومتها بالسودان : لماذا- وكيف – تكون الثورة الشعبية مدخلا للحرية والعدالة والديمقراطية بليبيا ومصر وتونس، ثم تكون الثورة الشعبية ذاتها مدخلا للعمالة والإستهداف بسوريا؟..هكذا الكيل بمكيالين، وهذا لايجوز، أو بلغة الشوام ( هذا لايصير ) ..!!

** على كل حال..تلك القيم والمبادئ التي إشتعلت في سبيلها ثورات مصر وليبيا وتونس، قيم ومبادئ لاتتجزأ ولاتقبل (الخيار والفقوس)، إذ هي ذات القيم والمبادئ التي تشعل ثورتي سوريا واليمن حاليا، ولذلك على الحكومة – وحركتها وحزبها – أن تتصالح مع ذاتها، وذلك بانتهاج تلك المبادئ والقيم في نهجها الحاكم أولا، بحيث تعم الديمقراطية والعدالة والحرية كل أرجاء السودان، ثم بعد ذلك تناصر كل الشعوب الساعية إليها في أرجاء العالم..أي ليس من المنطق أن يكون حال الحكومة وحركتها ومؤتمرها الوطني كما حال (الزول الساقط وشايل قلمو يصحح )، أو كما وصف الإمام الصادق المؤتمر الشعبي حين إستنكر حواره مع الحكومة.. وكذلك ليس من المنطق أن يصبح حال الحكومة وحركتها ومؤتمرها الوطني كما حال ( تلك الحسناء)، بحيث تهلل وتكبر لبعض الثورات وتصفها ب(الساق)، ثم تستنكر و تشجب وتدين ثورات أخرى ويصفها ب(الكراع)، سوريا نموذجا..ثم على الحكومة أن تتعظ من تجربتها ومواقفها مع نظام صدام حسين في خواتيم عمره، وهي التجربة التي دفع الناس والبلد ثمنها حصارا وحربا وعداءا لكل دول العالم .. يعني بصراحة كدة : إن لم يكن إيمانا بقيم الحرية والعدالة والديمقراطية، فرحمة بما تبقى من الشعب السوداني، مطلوب بعض( الفطنة السياسية) و( الذكاء الدبلوماسي) حين يتحدث أي متحدث عما يحدث في (سوريا واليمن)..أي ليس هناك من داع للمواقف السياسية الشوفونية التي من شاكلة ( إتحاد اأصحاب لخضر والفاكهة بمحلية شلعوها الهمج يقف في خندق واحد مع نظام بشار الأسد)..فليتكلم أحدكم متحديا الآخرين وإرادتهم – أو محذرا- بمقدار ما يملك من مال وإرادة، أو فليتزم الصمت..خاصة وأن بلادنا لاتنقصها (المواجع الداخلية)..ثم حين يتحدث العالم عن الحرية والعدالة والديمقراطية، على الحركة الإسلامية بالسودان أن تنزوي في ركن قصي وتخبئ ذاتها من الناس والحياة كما فعل القذافي وصدام، هذا إن كان شيوخها وسادتها يستحون..فتلك قيم لايجاهر بها إلا من يؤمن بها، وليس من ينتهكها ويغدر بها ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]