المنبه الثوري الذي يجري
قلت مرارا ان جيناتي العربية ضعيفة، ليس فقط لأنني انتمي الى إثنية النوبة في أقصى شمال السودان، وأعجمي اللسان لأن لغتي الأصلية ليست العربية، ولكن لأنني «مهووس»، بالوقت والمواعيد، فإذا ضربت موعدا لأحد فإنني لا أقول «بعد صلاة المغرب» او «عصر يوم باكر»، بل أحدد الوقت بالدقيقة، وأحرص على التقيد بالموعد الذي ضربته، وكثيرا ما قطعت أو جمدت علاقتي بآخرين لأنهم لم يحترموا موعدا ضربوه لي، وكنت موضع شماتة أصدقائي لأنني فشلت في تحديد موعد زواجي، ولم يكن لي في ذلك ذنب، فمثل تلك المناسبات تتعرض لـ«الاختطاف» من قبل الأهل، الذين تذرعوا بأنني لم أكن أملك سابق خبرة في شؤون الزواج، وصاروا يملون علي كل شيء يتعلق بزواجي (بيني وبينكم إنني لا أعتقد- بعد زواج اسفر عن اربعة عيال – انني أملك خبرة في شؤون الزواج)،.. وبسبب حرصي على المواعيد فإنني حريص على اقتناء الساعات (الرخيصة طبعا)، فتجد في كل حائط في بيتي ساعة، وعلى رأس كل سرير منبها، بل ان المنبه يصحبني حتى في إجازاتي، كما علمت عيالي ضبط أمورهم بالمنبه، وكان لي ولد يدرس في نيوزيلندا ويتطلب منه السفر اليها ومنها الطيران نحو عشرين ساعة، يتوقف خلالها في عاصمة آسيوية نحو تسع ساعات، وذات مرة حطت به الطائرة في مطار سنغافورة، وكان مقررا ان يبقى هناك بضع ساعات يستقل بعدها طائرة الخطوط الجوية الكويتية الى الخليج، فاستأجر غرفة في المطار وضبط المنبه بحيث لا تفوته الطائرة، ونام.. ويبدو ان المنبه رن حتى تقطعت انفاسه وجفت بطاريته من دون ان يستيقظ صاحبنا.. وبعد ان شبع نوما نظر الى ساعته وأدرك ان الطائرة في طريقها الى الإقلاع فاندفع الى بوابة الخروج، ولكن الحارس منعه وأبلغه ان باب الطائرة قد أغلق، بعد ان نادوا على اسمه عبر مكبرات الصوت عدة مرات.. فرطن ولدي بالانجليزية وبرطم بالصينية ولكن الحارس قال له: مي بنق دي تون ما ني هو سا (ومعناها «حِل عن سمائي».. والله أعلم)، فبدأ الولد يسب ويسخط بالعربية: يا أغبياء… يا بجم.. يا سجم يا عجم.. لو فاتتني هذه الرحلة فسأظل مقيما في المطار أسبوعا كاملا وأ،ا أطالع وجوهكم التعيسة!! فتقدم نحوه شاب وسأله بالعربية عما به فشرح امر النوم والطائرة فسأله الرجل: الأخ سوداني؟ فقال: نعم، فضحك الرجل قائلا: وتزعلون لما يقولوا عليكم كسلانين؟.. كان الرجل مندوب الخطوط الجوية الكويتية في المطار، وهرع بولدي الى الطائرة وكانت قد امتلأت فأجلسه في الدرجة الأولى (مما يؤكد ان النوم والكسل يعودان بالفائدة).
طالبة في معهد ماساشوستس الامريكي للتكنولوجيا اخترعت منبها (ساعة تنبيه) يمشي: يرن فتضربه ليسكت فيسقط ارضا ويسير بعيدا عنك وهو يرن.. ويزن ويطن الى ان تضطر الى مطاردته والقبض عليه واسكاته وتكون بذلك قد استيقظت.. اختراع مدهش وينبغي ان تشتري كل دولة عربية الآلاف منه ليرنّ ويرنّ ليوقظ الحكومات والشعوب لتدرك انها مازالت في عصر البخار فتتبخر منها العنطزة والفشخرة الكاذبة وتعمل على اللحاق بركب الحضارة والعلم.. وكتجربة دعونا نزود الجامعة العربية بواحدة منها عسى ان تستيقظ وترى اين هي من الاتحاد الأوروبي والآسيان.. بل حتى لو نجحت الجامعة العربية في اللحاق بالفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) لكان ذلك إنجازا وإعجازاً.
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
صدقني يا أستاذي العزيز جعفر عباس أو كما تقولون في النوبية (جافر أباس) أن الأمة العربية ليست بحاجة فقط إلى منبه ثوري كما أسلفت في مقالتك .. بل يحتاجون إلى منبهات ثورية شبيهه بصافرات إنذار الحروب وعلهم يستيقظون وعن كلامك في (العنطزة) و (الفشخرة) فلن ولم تجد أبرع في هذه الأمور من العرب !! لأنك تجد بعض الناس وخصوصا” ممن ولدوا وفي أفواههم ملاعق وليست ملعقة من ذهب !!! يفكرون في الأشياء الشكلية أكثر من الجوهرية .. وأما لدينا نحن الخليجيين فحدث ولاحرج !! وآخر هذه القصص ثري خليجي يشتري ناقة (بهيمة) ب 20 مليون !!!!!! تقبل مروري والسلام خير ختام .