د. عبدالماجد عبدالقادر: نصلِّح السراير.. وأنا كمان !!
أما الولد «المنفصل» فلم يعرف ماذا يفعل وبدأ بمعاكسة أخيه فلم يفلح وأخيراً صار يتبعه أينما ذهب حاملاً نفس الأدوات مقدماً نفس الخدمات.. وكان من درجة كسله أنه لا يتعب نفسه حتى في المناداة على خدماته وينتظر أخاه فإذا قال «نصلح السراير» يقول الآخر «وأنا كمان».. وإذا قال الكبير «نجلِّد العناقريب» قال «وأنا كمان» وإذا قال الكبير «نبدِّل الحمير» قال «وأنا كمان» وإذا قال الكبير «نبيِّض الحلل» قال الآخر «وأنا كمان»… وهكذا ظل ذلك الكسول لا يكلف نفسه حتى مشقة أن يصيح على بضاعته بنفسه بل ينتظر الآخر ليفعل مثله.
وهذا أيضاً ما ظل يمارسه معنا أهل الدولة الجديدة من دينكا الحركة الشعبية.. فهم أصلاً كانوا يعتمدون علينا طيلة ستين عاماً بعد أن ضمهم الخواجات إلى السودان «تعسفاً» .. و اعتمدوا علينا في أكلهم وشربهم وعلاجهم وتعليمهم.. واستنزفوا من خيرات السودان ما استطاعوا حمله «وخمَّه» أو حتى «خطفه».. ثم أضمروا في أنفسهم التمرد والحرب ومارسوا القتل والدمار بأشكاله المختلفة فلم يفلحوا في حياتهم العملية في عمل شيء مثلما أفلحوا في تكوين الأنانيا الأولى والثانية والحركة الشعبية وبهذه المناسبة فإن كلمة أنانيا معناها «حشرة أوثعبان سام» ولا أدري ما هي العقدة التي أصابتهم وصاروا يحتجون عندما أطلقنا عليهم اسم «الحشرة الشعبية» فالأنانيا حشرة حسبما سمت نفسها هي والحركة الشعبية ما هي إلا امتداد طبيعي لنضال الأنانيا الحشرة القديمة ــ وتحولت إلى حشرة شعبية جديدة.
ثم إنهم أنشأوا فرق التدمير وقتلوا المواطنين منا ومن بني جلدتهم ومع ذلك اعتمدوا علينا في إقامة البنيات الأساسية وفي نقل الطعام إليهم وإيوائهم مع أن 99% منهم كانوا يقيمون في الشمال.. ثم جاء قرنق زعيماً لهم ناشراً الذعر في الجنوب وفي الشمال خادعاً المعارضة «الماوطنية» وضحك عليها حتى انتهى بمعاهدة نيفاشا التي جعلت الانفصال أمراً ممكناً ومطلوباً ومرغوباً منا ومنهم..
والآن بعد أن ذهب الجنوبيون إلى بلدهم فهم ما زالوا مثل «ولد الحلبي» الكسلان لا يعرفون ما يفعلون لأنهم أصلاً لم يكونوا ذات يوم يفعلون شيئاً ولأن معيشتهم أصلاً اعتمدت على العطايا والمزايا و«مدة المزين» والهبات والإغاثات ولهذا عندما فوجئوا بأن عليهم أن يديروا دولة لم يجدوا غير أن يفعلوا مثلما نفعل وبمنتهى الكسل.. فهم أولاً ليس لديهم لغة لدولتهم التي تحتوي على ثلاثمائة قبيلة وكل قبيلة لها لغتها.. وعليه فقد صار عربي جوبا هو لغتهم المتاحة والرسمية مخلوطة بشيء من الإنجليزي الذي لا يقل «تفجيخاً» عن عربي جوبا.. وجعلوا من هذا الخليط «المفجخ» الاستعماري بتاعنا لغة رسمية.. أما من حيث الدين فدولتهم «ما عندها دين» وهذا يكفي.
وإذا كان بعض الذين زاروا جوبا مؤخراً أعجبهم أن مراسم القصر الجمهوري في جوبا هي ذات المراسم كما عندنا في السودان.. وملابس الجنود هي ذات الملابس كما الجيش السوداني.. وطريقة السلام الجمهوري و«المشية العسكرية» هي ذات المشية «وقَدْلَتُو» فذلك هو نفس ما ذهبنا إليه من أن «الناس ديل» ليس لديهم إرث يعتمدون عليه في عمل أي شيء.. يخصهم في ذاتهم وليس لديهم إلا أن يقلدوا «المندكورو» في كل ما يفعل.. فإن قلنا «نصلّح السراير» قالوا « ونحن كمان» وإن قلنا «نجلّد العناقريب» قالوا «ونحن كمان».. ولعلهم في جملة تقليدهم الأعمى لنا نسوا حتى في نشيد العلم «بتاعهم» وقالوا إنهم دولة مباركة «يعني زي أمريكا» وإن دولة الرب هذه هي أرض «كوش» ونسوا أن الجنوب ليس له أي علاقة بمملكة كوش بتاعة ناس مملكة مروي بتاعتنا.. ومملكة مروي ملوكها ناس الكنداكة «أماني تيري» و«أماني شيختو» وناس بعانخي وشبكا.. يا جماعة شفتو ليكم ملكة أو أميرة جنوبية اسمها «أماني» وكمان ساكنة في البجراوية بتاعة كبوشية المجاورة ديم القراي شمال شندي؟؟ يا جماعة الاختشوا ماتوا.
ونصلح العناقريب «وأنا كمان» ونفتح المعابر و«أنا كمان» ونمرر البترول «وأنا كمان» ونفك الارتباط «لا أنا ما كمان»؟!!
{ كسرة: صديقنا الذي سأل عن قبيلة الجوامعة والجموعية نحيله إلى قاموس اللهجة العامية في السودان تأليف الدكتور عون الشريف قاسم.. الطبعة الثالثة وعلى صفحة 212 تحت عنوان الجماعة والجموعية والجوامعة.. سيجد أن الجموعية فرع من القبيلة الجعلية ويشتركون مع الجميعاب في النسب.. والجوامعة قبيلة بكردفان وهي قبيلة جعلية من أبناء جامع الجعلي والمفرد منهم يقال له جامعي.. وجموعية كذلك فرع من الجعليين أبناء جموعة بن غانم الجعلي وفروع منهم في دار حامد والحمر.. وعلى كل حال فالجوامعة والجموعية يوجدون في كل السودان تقريباً مع تمركزهم في شمال ام درمان وجنوبها ومنطقة الجيلي شمال الخرطوم وكردفان.. يعني أقول ليك يا زول الجماعة ديل أولاد عمك مية المية…صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]