تحقيقات وتقارير

يعود للأضواء مع (أزمات) الغاز .. (الكانون)؛ الجلوس على دكة (الاحتياطي).!

صندوق صفيحي يحوى عدداً من الثقوب التي تنتشر حوله، تمكيناً لدخول الهواء الذي بدوره يساعد في إشعال تلك الكتل الرابضة داخل جوفه من الفحم، يطلق عليه في السودان (الكانون)، ومع عدم وجود أية مسببات حقيقية لإطلاق تلك التسمية الغريبة، فقد سارت عليه لسنوات طويلة، كان خلالها هو سيد المطبخ والأداة الوحيدة التي يتم الإعتماد عليها في طهي الأطعمة بمختلف أنواعها، إلى جانب شعبيته الكبيرة لدى ربات المنازل واللاتي كنَّ يَحرَصْن على شراء التصاميم الجديدة التي يبتكرها أحد الباعة، والذين شَهِدَت السنوات الأخيرة اختفائهم من شوارع العاصمة.
البوتوجاز هو السبب:
ولعل اختفاء الباعة عن الظهور، له مسببات منطقية جداً، ابرزها ظهور (أنابيب الغاز) و(البوتوجازات) التي عصفت بمكانة وموقع الكانون من خريطة الإهتمامات، وجعلته مجرد (بديل) يجلس على دكة الاحتياطي في انتظار دوره للمشاركة في منظومة الأسرة، ليس كما يريد، ولكن كما يريد (الغاز) والذي صار يتحكم في مشاركاته في الظهور، وذلك من خلال (أزماته) التي تلوح في الأفق ما بين الفينة والأخرى.
جهجهة غاز:
وعن الكانون تتحدث السيدة حليمة إبراهيم ربة المنزل وتقول: (كان للكانون في قديم الزمان مكانة خاصة، وكنت أحرص على شراء الحجم الكبير منه والذي يتمتع بفوهات كبيرة)، وتصمت قليلاً قبل أن تضيف: (بعد أن عَرِفَت ربات المنازل الغاز خاصَمن الكانون، وصار لا يظهر إلا في عيد الأضحية لعمل (شية الجمر))، وصمتت قليلاً قبل أن تقول وهي تُعَدِّل من وضعية ثوبها على رأسها: (والله الطبيخ على الكانون متعب جداً، لكن كمان يفضل هو الخيار المضمون مع جهجهة الغاز الحاصلة دي).!
kanoon متعة خاصة:
(للكانون متعة خاصة في الطبيخ)، بهذه العبارة ابتدرت حنان آدم حديثها (للسوداني) وزادت: (كثير من ربات المنازل يعلمن تماماً هذا الشيء، لكنهن يتغاضين عنه لأسباب كثيرة أولها المشقة الكبيرة التي تترتب عليها تلك المتعة، لذلك فهم يلجؤون للخيار المتطور وهو البوتجاز)، وتضيف حنان: (لا زلت أذكر تلك الأيام الجميلة وجلوسنا مع حبوباتنا في الزقاق لعواسة الكسرة ومطالبتها لنا بأن نقوم بنفخ الهواء داخل الكانون لاشتعال الفحم من خلال الهبابة)، وتقول: (فعلاً، كانت أيام جميلة).
إقبال غير منتظم:
عدد من أصحاب محلات بيع الأدوات المنزلية، لم يغفلوا من وضع الكانون ضمن خيارات الشراء، ولعل هذا ما دفع بنا لنسأل الشاب عوض حسن صاحب إحدى تلك المحلات عن إقبال الناس على شرائه ليقول: (والله الكوانين دي مابتتباع إلا في الاعياد أو نادراً لغرض معين)، وزاد: (نحن لا نتجاوز الكانون على الإطلاق، خصوصاً في ظل تراوح وجود الغاز لذلك لدينا الكثير من الزبائن يهرولون إلينا ما أن تلوح في الأفق أزمة غاز)، ويضيف: (الكانون كان زمان هيبة ومكانة، والآن صار مجرد لاعب على دكة الاحتياطي).
لاعب أساسي:
بالرغم من أن الإفادات السابقة حوت بداخلها اعترافات صريحة بتراجع مكانة الكانون، إلا أن لبائعات الشاي في السودان رأي مخالف تماماً، فهنَّ ـ وعلى حد تعبير (سكينة) ـ لا زلن يضعن للكانون معزته الخاصة والكبيرة، وذلك من خلال بقائه على قيد الخدمة لدى معظم بائعات الشاي، ولعل هذه نقطة ربما تحسب للكانون، وتجعله برغم الغياب عن البيوت حاضراً في الشوارع ولاعباً (أساسياً) كذلك.!

صحيفة السوداني