منى سلمان
ركبة بركبة يا ود الزين .. ما بيناتنا الزعل..!!
أما حكمة أهلنا الكبار والتي تؤكد حق المظلوم في الرد بالمثل فتقول:
(ركبة بركبة يا ود الزين .. ما بيناتنا الزعل)!!
وللمثل الحكمة قصة تحكي بطلها صيّاد يسمى (ود الزين):
يقال أن (ود الزين) كان صياد يمتهن صيد السمك، وقد خرج يوما من الايام كعادته للبحر مبكرا، وهناك في الفضاءة التي تفصل القرية عن شاطيء البحر، رأى حمارا يقف في ظلمة الفجر وحيدا فظنه لأحد أبناء قريته .. فكر (ود الزين) في نفسه بانه إن ترك الحمار في مكانه، لربما ابتعد عن القرية وضاع، لهذا قرر أن ينتفع به في ذهابه للبحر ومن ثم يسلمه لصاحبه عند العودة.
ركب (ود الزين) على ظهر الحمار حتى وصل للشاطيء، وهناك ربطه ونزل بشباكه للبحر .. وما أن ألقى بها في الماء حتى اصطادت له سمكة كبيرة جدا .. فرح (ود الزين) فرحا شديدا بهذا الرزق الوفير والذي جاءه سريعا، فقرر في نفسه أن يكتفي به وقفل راجعا للشاطيء، ولكنه لم يجد الحمار في المكان الذي ربطه فيه .. فحمل صيده وشباكه على كتفه وعاد وقد امتلأ قلبه بالحزن والاسف على هروب الحمار، وعند وصوله لنفس المكان الذي أخد منه الحمار، انتفضت تلك السمكة وسقطت من على كتفه للأرض، وفجأة غطى المكان دخان كثيف وعندما انقشع أكتشف (ود الزين) المرعوب، بأن السمكة قد تحولت لرجل يقف أمامه .. خاطبه الرجل قائلا:
أنا شلتك من هنا لغاية البحر .. وأنت شلتني من البحر لحدي هنا .. كده نبقى خالصين (ركبة بركبة يا ود الزين .. ما بيناتنا الزعل)
ومن ثم (جك) اختفى .. شاع خبر قصة (الجن) مع (ود الزين) وصار مثلا يضرب لكل من يجازي من يتعدى عليه بنفس الجزاء ..
جملة إعتراضية:
اثناء كتابتي لهذه المادة شاركتني (الري) قرأءة ما أكتب، وما أن انتهت من قراءة قصة (ود الزين) حتى سألتني برعب:
القصة دي حقيقية يا ماما؟
فطمأنتها بأنها مجرد كلام خرافات وأساطير .. يعني يا جماعة ما تصدقوها وتقوموا بيها طوالي .. فـ قصة مثلنا وغيرها من القصص مثل قصة (الغول أب نومة سنة وقومتا سنة)، ما هي إلا خرافات صاغها خيال حبوباتنا (الساديات) المحبات لترويع الشفع بمثل هذه الكلامات العجيبة !!
ما علينا .. نرجع لمرجوعنا الأولاني وهو السبب الذي جعلني اذكر قصة الجزاء من صنف العمل، وهو وضع الحالة التي آلت إليها (نفيسة)، بطلة قصة (التسوي كريت في القرض تلقى في جلدا)، فخطورة هذه القصة تأتي من أنها قصة حقيقية .. لم تحدث في (قديم الزمان) .. ولكنها تحدث الآن بل لم تكتمل فصول مأساتها بعد ..
رغم انه لا يوجد أحد يمكن أن يوافق (نفيسة) على تصرفها القاسي ببيع البيت الذي يأويها مع بناتها واسرهن، وتركها لهن ليواجهن مشقة العيش وجهجهة الايجارات، إلا أن ردة فعل البنات على تصرف أمهن بهجرانها ورفض ايوائها بينهن، عندما احتاجت لرعايتهن بعد أن دهمها الكبر والمرض وفقدت مالها، انما هو عقوق مبين لا يجوز في حق الأم التي أوصانا بها الاسلام والرسول صلوات الله وسلامه عليه.
ومن سخرية القدر أن ينطبق المثل بحزافيره في جزاء (نفيسة) بمثل فعلتها في بناتها .. فبعد أن طردتهم من البيت، دار الزمان دورته وجاء الدور على البنات ليطردنها من حياتهن .. أو كما قالت إحداهن:
خليهم يجدعوها زي ما جدعتنا قبيل !!
لا يحق لنا أن نعامل والدينا بنفس الطريقة التي كانوا يعاملونا بها .. فالاحسان لمن اساء إلينا من مكارم الاخلاق لو كان هذا المسيء غريبا لا يمت لنا بصلة، فكيف إذا كان هو الأم التي قيل في حقها (الجنة تحت أقدام الأمهات). [/ALIGN]
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com