رأي ومقالات

صباح محمد الحسن : سيدي.. بتعرف “السخينة” !!

[JUSTIFY]بعض البرامج التلفزيونية عندي عبارة عن حلقات يومية راتبة لا تستحق المتابعة الدقيقة.. ولا حتى أن تمسك بكوب الشاي لترتشف بمتعة وأنت تتابع حلقة صباحية في برنامج على قناة فضائية.. لكن كان موضوع الحلقة جاذبا وملفتا ليس لأن منتج البرنامج (أبو الأفكار) لكن القضية تهم جميع البيوت السودانية… وبين اللا انتباه والشعور بأنك تريد أن تتابع ما يحدث سمعت المذيع يعيد موضوع الحلقة ويكرر ذكر أرقام الهواتف في محاولة لحثّ المشاهدين على الاتصال.. وهنا انتبهت أن الحلقة تناقش موضوع (غلاء الأسعار والفوضى العارمة التي تضرب محلات البيع) عندما تتباين الأسعار بطريقة واضحة وفاضحة.. حيث إن ثلاث بقالات في الحي الواحد تختلف فيها الأسعار عن بعضها الأمر الذي يجعل المواطن يثور ويذهب بالسلعة إلى التاجر ليخبره بثمنها الحقيقي في بقالة جاره على الناصية.

هذا ما يحدث يوميا ونحن جزء من هذا المسلسل (بايخ) الحلقات لكن لنعود إلى الحلقة.. الكارثة التي فتحت أبوابها فيها كثير من الإشارات الحمراء التي تنذر بالخطر فبعد أن بدأت الحلقة بالحديث من المتصلين عن الأسعار فإذا بشابة سودانية تتصل من احدى الولايات تحكي أنهم عشرة أفراد في البيت الواحد همهم اليومي وجبة الفطور.. وقالت إننا إن أردنا أن نأكل عدساً فنحن نحتاج (50) جنيها يوميا وإن أردنا أن نأكل فولاً فنحن محتاجون لذات المبلغ أي أنهم يحتاجون (1500) جنيه شهريا لوجبة الفطور فقط وأضافت أنها هي البنت الوحيدة التي تعمل وأن راتبها (900) جنيه وقبل أن تكمل المتصلة حديثها سدت حلقها قصة جعلت حديثها مؤلما للغاية لتسأل المذيع يا أستاذ بتعرف (السخينة) وقبل أن يجيب- السخينة دي بصلة محمرة عليها (موية) ليجيب المذيع إجابة يريد أن يواسي بها المتصلة كيف لا أعرفها قالت أقسم بالله (نحن بنفطر بيها يوميا).

ويواصل المذيع التذكير بأرقام الهواتف وكأنه يقصد أن يمنحني مزيدا من الألم ليتصل آخر ويحكي مأساته مع شراء الرغيف.. وآخر يجزم أن اللحمة لم تدخل بيته لأكثر من ستة أشهر وأخر كيف أن الفول أصبح وجبة غدا وأن السندوتشات نظام غذائي غير مكلف.. للمرة الأولى تكون السندوتشات أكل الغلابة لأنها أما فول أو فلافل .. لا تذهبوا بعيدا بخيالكم أصبح الوقوف أمام (الكاشير) في كافيتريا البيرقر والشاورما حلما يراود الكثير من الناس.

وانتهت رغبتي في أن أواصل الحلقة متابعة قبل أن تنتهي والمذيع أصبح رده لا حوله ولا قوة إلا بالله اليد قصيرة والعين بصيرة والذي لحظته أن لا أحد من المواطنين تحدث عن الموضوع الأساس للحلقة غلاء الأسعار وفوضاها ليس لجهلهم بالموضوع ولكن لأنهم وجدوا نافذة للتنفيس كأنهم يقولون هذا حالنا قبل أن نصل إلى صاحب المتجر لنعترك معه في الزيادة أو الغش.. وتمنيت أن يتصل مشاهد واحد يخرج الجميع من حالة الهلع والشفقة والألم ولكن كل من يتصل كانت شكواه أكبر..
وبحثت في هاتفي عن رقم مسؤول معين ليس لأشكو له حالنا.. ولكن لأساله سؤالا واحدا سيدي.. (بتعرف السخينة)!!!.

صحيفة المشهد الآن [/JUSTIFY]