يبدو أن بعض الصحف السعودية ومنها بالتحديد جريدة «الشرق» السعودية قد وظفت العبارة الاخيرة من مقولة «القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ» خير توظيف، فالمثقفون العرب قد أدركوا مبكراً مدى تعلق السودانيين وشغفهم بالقراءة والاطلاع، فجريدة «الشرق» منذ انطلاقتها أفردت مساحة لبعض الاقلام السودانية، فنراها قد خصصت للبعض منهم أعمدة صحفية على صفحاتها، من أمثال الكاتب الصحافي وجدي الكردي وإسحاق أحمد فضل الله وغيرهم من الكتاب السودانيين، وأتاحت بعض فرص التحرير لعدد من محررينا الصحافيين، كما أن مراسلها بالخرطوم الزميل فتحي العرضي، بتغطياته من هناك جعل للسودان حضوراً وسط الصحافة السعودية التي أخذت منها جريدة «الشرق» السعودية زمام المبادرة، لتمد مزيداً من الجسور الإعلامية والثقافية بينها وبين جمهور القراء السودانيين الشغوفين والمتابعين لكل ما هو جديد في عالم الثقافة، والمتذوقين البارعين، الذين يتخطون بذائقتهم الثقافية ويتطلعون أكثر لما وراء الأخبار، للحصول على مزيدٍ من التحليل، بمتابعة يحسدهم عليها خبراء الإعلام ودهاقنة الصحافة، فتسعى تلك الصحف العربية لتوسيع أرضيتها من القراء وفي نفس الوقت تمد الجسور لتقوية أواصر العلائق بين الشعوب العربية، ومخاطبة قراء ما وراء الحدود.
نورد هذا الملمح الموجز لتسليط بعض الضوء على جهود بعض المثقفين من الإعلاميين السعوديين وهم يسعون لاستثمار رصيد السودانيين الثقافي والاعلامي وشغفهم بالقراءة والاطلاع الذي اصبح سمة تميز المثقف وغير المثقف السوداني، فمن من السودانيين لا يلم بتفاصيل خريطة الوطن العربي الجغرافية منها والسياسية والاجتماعية، بل يذهب بعيداً ليقرأ ـ عالمياً ـ لكافكا وتلستوي وهمونجواي والبرت مورافيا، بجانب إطلاعه على مستجدات الأخبار الاقليمية والعالمية، وأيضاً يذهب لما وراء الحدث لقدرته على التحليل والاستقصاء، ففطن بعض رؤساء الصحف ودور النشر في الوطن العربي لهذه الخاصية اللصيقة بالسودانيين، واستثمروها في ترويج بضاعتهم الثقافية والاعلامية، ووظفوها لما فيه خير الجميع، وأيضاً من هذا المنطلق، نأمل أن تنحو صحافتنا هذا المنحى، وتستقطب بعض الاقلام السعودية والعربية للكتابة في الشأن السعودي والعربي بوجه عام، عسى أن يؤدي هذا الطريق الذي عبدته جريدة «الشرق» السعودية مستقبلاً إلى التكامل الثقافي والإعلامي الذي تنشده الدول العربية.حامد النصيح – صحيفة الصحافة
نرجوا أن يعود السودانيون لقراءة جريدة الشرق التي كانت في يوم ما جريدتهم الأولى قبل أن تقطع سكين السياسة حبل الوصل بينهما .