تحقيقات وتقارير
السوق الأفرنجي بالخرطوم .. من الشَّوام والأغاريق إلى الجنوبيين
من التجار الذين التقتهم (الإنتباهة) والذين أبدوا عدم رغبتهم في الذهاب إلى موطنهم الأم (جنوبي جابر) يعمل بالسوق منذ فترة السبعينيات، قال إن السوق (نيفاشا) اشتُهر بالتجار الجنوبيين، حيث كان في السابق يفتتح في الفترة المسائية أي الساعة التاسعة مساء، وكان السُّوق الأفرنجي يمتلئ بالأزياء الرجاليَّة (الماركة) حيث كان التجار يعرضون بضاعتهم في داخل المحلات التجارية.. أما البرندات الموجودة حاليًا فيمتنع التجار عن البيع فيها، غير أنه تغيَّرت معالم السُّوق بعد أن دخل الجنوبيون للتجارة به وأصبحوا يفترشون البرندات بطولها وعرضها مما أثر على أصحاب المحلات التجاريَّة، وكانت الأسر تأتي الساعة التاسعة مساء للتفرُّج على البضاعة المعروضة، وكان مخبز بابا كوستا يقوم بعمل الخبز الفاخر (الأفرنجي)، ومطعم أتني من أشهر المحلات الموجودة بالسُّوق إلى جانب ملهى سانت جيمس (وكايرو جلابية) ومحلات الجروبي والسنجر وقهوة الزّيبق، وكان بيع الشاي مقتصرًا على الرجال دون النساء.
أما مادنقو قاي فقال إنه كان يعمل موظفًا بالدولة، وبعد الانفصال تم فصله، وقال: لذلك قمت بالعمل مع أخي في مجال تجارة (القمصان والبناطلين) بسوق نيفاشا، وأشار إلى أنه ليست لديه رغبة في الذهاب إلى دولة الجنوب نسبة إلى أنه يعمل من أجل أبنائه الموجودين حاليًا بدولة الجنوب خاصَّة بعد أن ضاعت حقوقُهم بالعمل الحكومي، وقال إنَّهم يقومون ببيع القميص بسعر (40 ــ 50) جنيهًا والبنطلون في حدود (50 ــ 60) جنيهًا
أما دينق دينق، يسكن منطقة (مايو) بالخرطوم، عند حديثنا معه قال إنه كذلك ليست لديه رغبة في الذهاب إلى دولة الجنوب، وقال إن الأوضاع بالجنوب ليست مستقرَّة لذلك يفضِّل عدم الذهاب، وأشار إلى أنه بدأ العمل قرابة العشرين عامًا بالسُّوق حيث كان يبيع (كميرات التصوير) الميني غير أنَّه تحول الآن إلى بيع الأحذية، وأضاف أن من أشهر التجار الجنوبيين بالسُّوق (مأمون كاو وعبد الله مجيك صاحب محلات (نيفاشا) ولو شانو ودينق كوت ودينق مريال وأمان أيول.
أما داود واو فقال إنَّه يعمل في السُّوق منذ خمسين عاماً في بيع الأحذية الرجاليَّة بأنوعها المختلفة، وقال إن الإيجار بالمحلات يكون حسب سعر المتر وذلك أنَّ مساحة المترين تُقدَّر بسعر (50) جنيهًا لليوم لذلك فضَّل عددٌ من الجنوبيين افتراش الأرض أمام المحلات بـ (البرندات) نسبةً إلى أنَّهم لا يدفعون إيجارًا، وقال إنَّ (البرندات) بالسوق ارتبطت بالتجار الجنوبيين الذين يقومون ببيع (القمصان والأحذية) وغيرها من البضاعة وإنهم بالسُّوق يتعارفون مع بعضهم البعض حيث إن عدد الجنوبيين بالسوق يصل إلى (50) جنوبيًا يفترشون البرندات لعرض بضائعهم وأن الزبائن كذلك دائمًا يكونون من الجنوبيين. أما فور دينق فيقول إن انفصال الجنوب أثر عليهم كتجار حيث كان السوق يمتلئ بالزبائن الجنوبيين الذين كانوا يقومون بشراء البضاعة الغالية الثمن، وقال إنه لا يرغب في الذهاب إلى دولته الأم نسبةً لعامل البيئة وإنَّه يفضل الموت من الذهاب إلى الجنوب، وأضاف أن القوة الشرائية بالسوق ليست ضعيفة.
ومن محلات (مليون صنف) (شركة أبونا) حاليًا يقول مدير الشركة عادل آدم محمود إن محل (مليون صنف) تم تأسيسه في عام (1953م) ويُباع فيه القماش والأواني المنزلية والأزياء الجاهزة التي تأتي من (ألمانيا وإنجلترا وسويسرا) وغيرها من الدول الأجنبيَّة، أما حاليًا فأدخل السجاد والمُوكيت والشنط بأنواعها والأقمشة النسائية وتأتي اليوم من دول (شرق آسيا)، وقال نائب مدير الشركة بدر الدين يوسف إن من أشهر المحلات الموجودة بالسُّوق سابقًا محلات (مليون صنف) و(المسرَّة) و(الجوهرة) و(محلات (الشاشات) و(جنبيرت) و(بامبنوا) و(انترناشونال هاوس) و(صالون الأخضر) ومحلات (أتني) و(السلامة) وإن أشهر ترزي بالسوق سوري الجنسية وهو محلات (جوجري الفحام) وصالون كمال وصالون نيو لايف ومحل محمود العاقب السروجي ومحل عم عباس لبيع الفول وكذلك بنك الشعب التعاوني وبنك الخرطوم. أما أحمد عبد الرحمن فلديه قرابة (62) عامًا كان يعمل سائقًا لشركة بشير النفيدي، ويقول إنه عاصر زمن الإغريق والشَّوام حيث إن السُّوق تأسَّس منذ دخول الإنجليز الخرطوم. أمَّا الحاج يوسف فيقول إن السُّوق تم تأسيسه تقريبًا منذ عام (1918م) أي في القرن العشرين.
خلاصة:
الملاحظ في السُّوق أن التجار الجنوبيين يفترشون في (برندات) ابتداء من شارع الجمهورية إلى الشارع الداخل للجامع الكبير، حيث يقوم عددٌ منهم ببيع النظارات الشمسيَّة والساعات والطواقي الأفرنجيَّة والأزياء من (قمصان وبناطلين) وغيرها وأن عددًا قليلاً منهم بداخل المحلات يعرضون بضاعتهم، ورغم عشوائيَّة البيع إلا أنَّ من الملاحظ وجود عدد من الأجانب سواء كانوا عربًا أو من الغربيين الذين يقومون بشراء بعض البضاعة التي يعرضها التجار الجنوبيُّون.
الخرطوم: أمل محمد إسماعيل
صحيفة الانتباهة