رأي ومقالات

ضياء الدين بلال : القذافي في الخرطوم!!

عجبتني الفكرة الصحفية التي عالجها بالزميلة “المجهر” الصحفي محمد عبد الباقي، وجاءت تحت عنوان (آثار القذافي في السودان..عطاء من لا يحمد له العطاء).
رصد تحقيق المنوعات بالصور تغير الأسماء واللافتات التي تحمل اسم معمر القذافي.
الطريق الذي يربط بين قرى شرق الخرطوم والعاصمة تحول من طريق القائد الأممي معمر القذافي الى طريق ليبيا ولكن على ذات اللافتة التي أصبحت تحمل عنوانين لحقبتين سياسيتين!
القاعة التي أنشأها القذافي بجامعة الخرطوم لم تهدم ولكن سحبت اللافتة التي تحمل اسم منشئها وأصبحت القاعة بلا عنوان، وسحبت الدكتوراه الفخرية من القذافي قبل خطوات من دخوله القبر!
تذكرت أيام انتفاضة أبريل 85 وشعارات إزالة آثار مايو، وتغيير الأسماء وتحطيم أحجار التأسيس التي تحمل اسم الرئيس جعفر نميري، وسحب الدكتوراه الفخرية التي منحتها له جامعة الخرطوم.

الرئيس الليبي السابق معمر القذافي لم يكن في يوم جديراً بالاحترام ولا مستحقاً للتعاطف معه في حياته أو بعد مماته!
ومع ذلك بكل تأكيد لم يكن بإمكاننا كتابة هذا الرأي، بهذه الدرجة من الوضوح قبل سقوط نظامه وانتقال القذافي المذل الى العالم الآخر.
لو فعلنا ذلك في وقت مضى لتمت مصادرة الصحف وربما لأغلقت أبوابها مثل ما حدث للزميلة الانتباهة، حينما مست بكلمة عابرة غرور القائد الأممي.
لكن عدم ذمنا للسلوك السياسي للقذافي وهو على قيد الحياة وعدم انتقاد تصرفاته لا يعني بديل ذلك- حينها- كيل الثناء له وتمجيد ذاته السلطوية!
ربما كان الخيار الأوفق الانتقاد غير المباشر أو الصمت وإنكار المنكر بالقلب باعتبار ذلك أضعف الشجاعة.
أمر مؤسف إذا انتقلنا من الصمت المطلق في حياته الى الإساءة المطلقة بعد مماته، وأمر مخجل جداً إذا انتقلنا من الثناء والمدح الى الإساءة والشتم.
شعرت بانقباض حينما قامت جامعة الخرطوم بسحب الدكتوراة الفخرية التي منحتها للقذافي بعد أن تأكدت من دنو أجله السياسي!
مصدر الانقباض أن السلوك به انتهازية لا تليق بوقار المؤسسات الأكاديمية المحترمة.

الحقب السياسية مهما حملت في جيناتها من أمراض واقترفت بأيديها من آثام يجب ألا يقود ذلك الى إنكار آثارها الإيجابية في المباني والمعاني.
التاريخ ليس ملك لنا لنعبث به في حالات الغضب الثوري ولا أن تمتد أيادي العقاب نحوه بالتزوير والتحريف!
حينما تصبح السياسة هي فن البقاء في السلطة بأي ثمن أخلاقي عبر بيع الأكاذيب وتملق الأقوياء وقلب ظهر المجن عليهم في حال ضعفهم ستنتقل العدوى من الكيانات الاعتبارية الى سلوك الأفراد في المجتمع.
سيصبح مبرراً للفرد أن يتحرك نحو الآخر بقانون جلب المنفعة ودفع الضرر، يحتمي بظل الأقوياء طالما أنهم يقفون على أقدامهم وإذا سقطوا على الأرض وطىء عليهم بالأرجل.
وقديما قيل في مشابهة مثل هذه الحالات اللا أخلاقية في السياسة، (إذا مات كلب الملك شيعه كل الشعب وعندما مات الملك لم تخرج إلا الكلاب)!
القذافي هو القذافي بكل سيئاته، حينما منح الدكتوارة وعندما سحبت منه، لم يتغير، ولكن تغيرت الأوضاع من حوله وتحت قدميه، وحينما بدأ الثور في السقوط تحركت الأيادي العرقة نحو مقابض الخناجر!

الجمع بين اسمين لطريق واحد على ذات اللافتة أكثر أخلاقية من جعل قاعة القذافي بجامعة الخرطوم بلا عنوان!
diyaaeldin رئيس تحرير صحيفة السوداني

‫5 تعليقات

  1. ليس بالضرورة اذا منحتك هيئة حكومية او خاصة شهادة او وسام او غير ذلك ان يظل الشيء الذي منحوك اياه دائما..من الممكن ان يسحبوه منك لكن عندما يكون هناك سبب يستحق ذلك..مثال ضابط حصل على ترقية ونال رتبة متميزة.من الممكن ان تسحب منه هذه الرتبة اذا ارتكب خطأ يمكن ان تسحب بسببه الرتبة التي نالها……على ما اظن جامعة الخرطوم سحبت الذكتوراة الفخرية بسبب تقتيله لشعبه الذي ثار ضده…..

  2. القذافى دقس لانه ما اهتم ببناء دفاع جوى قوى وحديث ولم يتعظ من الغارة الجوية الامريكية على ليبيا فى 1986 كما هو الحال عند نظام البشير الان

  3. على العكس تغيير الاسماء ده شى صحيح جدا
    هذه المعالم بنيت باموال الشعوب وليس باموال الحكام لتسمى باسمائهم وتغيير الاسم ممكن ان يكون رساله للاخرين الا يفعلو ذلك لان الاخرين ينافقوهم فى حياتهم وسيغدرو بهم بعد مماتهم
    ممكن ان يكون حديثك هذا صحيحا اذا كان باسماء ثورات مثلا كحدائق مايو لانها تشير الى حقبه وانجاز حقبه اما باسم شخص فهو ليس من حقه ابدا

  4. بمثل ما تدين تدان و الايام المقبله تحمل الكثير من التبديل و الادال و الاحلال وكله حلال بلال و البادىء اظلم و العبرة لمن يتعظ ؟؟؟