سياسية

المهدي والتحالف .. تشييع وتشنيع !

[JUSTIFY]أطلق زعيم حزب الأمة القومي، عضو تحالف المعارضة، السيد الصادق المهدي كل ما توفر لديه من ذخائر على رفاقه فى التحالف بحيث حصدَ الرصاص السياسي المنهمِر رؤوس الجميع. وكانت ذروة ما وصل إليه المهدي فى مؤتمره الصحفي الذى عقده -الأربعاء- الأسبوع الماضي تهديده بالانسحاب من التحالف حيث قطع بقدرة حزبه (بمفرده) وبما يملكه من إمكانات، على قيادة تحركات معارضة للنظام على حد قوله، بما يُستشف من ذلك بمفهوم المخالفة أن المهدي يرى أن حزبه (منفرداً) يساوى التحالف مجتمعاً ولربما يفوقه!
وقد ورد هذا الاستنتاج ضمنياً فى سياق آخر من حديث السيد الصادق حين وصف التحالف المعارض بعدم الفعالية وفقدان الرؤية وأنه -أي التحالف- بات مضحكة؛ وهي أوصاف غير مسبوقة فى التحالف، بصرف النظر عن عما إذا كانت تجد لها سنداً من الواقع أم لا.

ويعتقد العديد من المراقبين إن المهدي -بهذا الموقف المستجد- وإن لم يضع حداً فاصلاً بينه وبين التحالف فهو على أية حال أطلق الطلقة الأولى! وبذا يمكن القول إن تحالف قوى المعارضة أو ما يسمى بقوى الإجماع بات على شفا حفرة من هاوية فناء لا قرار لها، إذ أن كل السيناريوهات تبدو قاتمة بالنسبة له.

فمن جانب أول فإن المهدي لم يقف عند حد ما أثير ضده من قبل حزب البعث فى الشكوى الشهيرة التى قُدِمت لقيادة التحالف ولكنه قاد لما يمكن أن نسميها (هجمة مرتدة) بلغة لعبة كرة القدم، بحيث اضطر للوقوف بحزبه على كفة، وبقية مكونات التحالف فى كفة أخرى، وهذا يعني أحد أمرين، إما أن ينحني التحالف لعاصفة المهدي الكاسحة فينتج عن ذلك تسيّد المهدي للتحالف، وهي رغبة تتأجج بشدة فى نفس المهدي ويتخوف منها آخرون؛ أو أن يخرج المهدي من التحالف فيسقط تلقائياً لأن المهدي بطريقة أو بأخرى هو الذي يمنح التحالف بعض حيوية وبعض وجود.

ومن جانب ثاني فإن التحالف يقع فيه انشقاق بحيث تنفصل قاطرة اليسار عن قاطرة اليمين وهو الوضع الأكثر ترجيحاً، فإن لم يكن لشيء فلأن (الألوان) غير متجانسة والرؤى غائبة أو متقاطعة. وفى هذه الفرضية فإن انهيار التحالف أو انقسامه الى قسمين معناه بداهة زيادة إضعافه وخروجه نهائياً من الملعب واستحالة بنائه من جديد.

من جانب ثالث فإن استمرار الأمور كما هي دون الالتفات الى ما قاله المهدي وشيّع به التحالف وزاده تشنيعاً، أمر وارد ولكن فى هذه الحالة تكون كل مكونات التحالف قد أدركت أن المهدي بات هو السيد فى التحالف، وتلك إحدى مرارات القادة هناك.

وعلى كلٍ فإن الأمور وبعيداً عن السيناريوهات التى أشرنا إليها تشي بالكثير، فالمكونات المتحالفة تباعدت بينها المسافات تباعُداً شاسعاً للغاية إذ ليس مجرد حديث ما أورده المهدي من أن التحالف أصبح مضحكة، فهو دون شك يعني أن هنالك (أطرافاً) بعينها فى التحالف تجلب عليه الضحك والهزء والسخرية، بما يؤكد أن المهدي زهد في تحالف لا يجلب لنفسه سوى الضحك والسخرية.

كما أن المهدي بات يرغب فى التخلي عن التحالف (طالما بقيت هناك أطرافاً فيه) وغنيّ عن القول هنا أن المهدي ضاق ذرعاً بالبعث وربما اليسار عموماً فى إشارة الى الشكوى المقدمة ضده، حيث بدا وكأنّ الإمام تحسّر على زعامته وإمامته لكيان كبير وحزب عريق تُقدَم ضده شكوى من حزب (لا يملأ منسوبيه مقاعد حافلة واحدة) كما قال أحد قادة الأمة . وعلى العموم فقد شنّع المهدي بالتحالف قبل أن يشيِّعه ويواريه الثرى فى تلك الأربعاء (غير الرائعة) لرفقاء المعارضة!

سودان سفاري[/JUSTIFY]