وجدي الكردي
جمعية للرفق بالرجال..
وبعد أشهر من الرفقة، كنت قد غصت في نفوس رفاقي وتعرفت عليهم عن قرب، هذا يبدو أفّاك أشر، وذاك يخاف الله رب العالمين سالك في صراطه المستقيم، فيما كان ثالثنا (بطل الحكاية)، غريباً مريباً، فما أن يحشر نفسه في التاكسي حتى يتبسمل ويتحوقل ويتعوذ ثم يبدأ ضلاله اليومي:
ــ أعوذ بالله من حريم الزمن ده، ما ينفع معاهن غير الجزمة..!
ثم يحكي وقائع معارك وهمية خاضها مع (الجماعة) وانتصر فيها بـ (العين الحمرا ساكت).
وفي أحد الأيام تأخر صاحبنا عن (الترحيل)، فتحركت بنا السيارة لتتوقف قريباً من باب بيته ليطلب مني الرفاق أن أحثه على الخروج..
أمسكت مقبض الباب في حذر، فالباب متهالك لا يحتمل الطرق غير المدروس عليه، فتوقفت لثوانٍ أبحث عن (حتة مضمونة أدق عليها)، لأن (ضلفة الزنكي) كلها ثقوب ودمامل ومسامير، تماماً مثل وجه فتاة استخدمت عن طريق الخطأ بقايا كريم كانت تركته الملكة نفرتيتي في حفرة دخانها فوجدته المسكينة و.. (أهو.. بقى وشها زي لوح الزنكي القديم ده)..!
قبل أن أملأ أصابعي جيداً بمقبض الباب، تراجعت الضلفة من تلقاء نفسها جزعة إلى الخلف، مفسحة لي الطريق عن مشهد بائس لم أكن أتوقعه، فقد إتضح لي أن صاحبي متزوج من (طاحونة كبيرة جداً)..!
وجدت صاحبي وقد جحظت عيناه حتى تجاوزت الجفون بعيداً، ورقبته محشورة بين أصابع زوجته العشرة وبين إبطها الأيسر سفنجة مقاس (46) بدت لي هي الأخرى مخنوقة مثل صاحبنا..
ــ ياخي فكّي الرقبة دي في الأول وأنا حوريكي..
ــ والله ما أفكها يا ود الكلب إلاّ تقول وديت القروش وين..
بهدوء أغلقت الباب دون أن يراني صاحبي وعدت إلى السيارة، ثم أين له أن يراني؟! (بي ياتو عيون حيشوفني)؟!
عدت إلى السيارة وجلست في مقعدي مطرقاً، فسألني الرفاق:
ــ وين صاحبك ده ياخي نحنا إتأخرنا..
ــ لا خلاص قرّب يموت، أقصد قرّب يجي..
حين احتل مقعده بجواري، وصدره يعلو ويهبط، سألته:
ــ مالك الليلة ياخوي؟!
ــ نعمل شنو مع الحريم ديل، الواحدة لو حمرت ليها عينك ساكت إلا تحلف عليك تفطر حتى تطلع من البيت.
ثم قال مستدركاً:
ــ ياخي ما كان تتفضلو معانا؟!
شكره رفاقي في براءة، فيما كنت أنا مشغول بتحسس رقبتي..
آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]