تحقيقات وتقارير

هجرة اساتذة الجامعات و العقول المبدعة تعيق بناء الدولة

[JUSTIFY]اصبحت هجرة الكفاءات العلمية والخبرات الوطنية ، خاصة اساتذة الجامعات للعمل بالخارج ظاهرة تتمدد لظلال سالبة على جميع المؤسسات العامة والخاصة ما يستدعي التوقف مليا عندها بهدف الكشف عن اسبابها وايجاد الحلول لما لها من آثار سلبية مؤثرة على البلاد وعلى مستقبل التعليم الجامعي في وقت شهدت فيه السنوات الاخيرة اضطرار المئات من افضل الاساتذة لدرجة وصلت فيها معدلات الهجرة لارقام غير مسبوقة في تاريخ البلاد واصبحت معظم المؤسسات العلمية تواجه نقصا كبيرا فى الكفاءات فى مختلف التخصصات . مركز الدراسات السودانية والدولية بجامعة الزعيم الازهرى تناول هذه القضية فى منتداه الشهرى امس الدكتور خالد علي قدم الورقة الرئيسة بالمنتدي حول اثر هجرة الكفاءات السودانية اشار فيها الى الاحصاءات الصادرة عن المؤسسات المعنية بالهجرة للعام المنصرم والاسباب التى ادت الى الهجرة والسلبيات والايجابيات ثم التوصيات مبتدرا الحديث عن الاسباب التى ادت الى هجرة الاستاذ الجامعي التي من اهمها اختلال سوق العمل فى التعليم العالي وعدم انسجامه مع مطالب الاساتذة المادية اضافة الي وجود اسواق عمل جاذبة للكفاءات لذا فان نسبة الهجرة للخارج فى تزايد لتوفر الشروط المجزية للعمل والبيئة التعليمية المميزة اضافة الى العروض المغرية التى تقدمها الدول المتقدمة لكل متميز مبدع والتى تتمثل في المال والمنصب والوضع الاجتماعى وكثير من المميزات الاخرى التى لا يحلم بها الاستاذ الجامعى في وطنه.

ومن اسباب الهجرة انعدام التخطيط الواقعى فى مجال التعليم العالى والفشل فى ايجاد شروط وظيفية مجزية تمكن هذه العقول من الاستقرار والابداع للبحث العلمى وانخفاض المستوى المعيشى ، وكذلك وجود بعض القوانين والتشريعات والتعهدات والكفالات المالية التى تربك اصحاب الخبرات من الاساتذة الذين نالوا شهادات عليا من الخارج فضلا عن البيروقراطية والادارة التقليدية والتضييق على الكفاءات المبدعة اضافة الى الطموح العلمى الشخصى لبعض الاساتذة لاشباع روح البحث والتطوير لفقدانهم لذلك فى وطنهم .

و من اسباب الهجرة الاحباط الذى يصيب المتميزين والاكفاء لاسناد مسؤولية تسيير دفة العمل فى الجامعات احيانا الى من اقل كفاءة وتميزا اضافة الى التضجر الذى يعترض البعض من الازمات السياسية والاقتصادية المتتالية المرتبطة احيانا بعدم التوافق الايدلوجى مع الحكومة واخيرا حالة الركود فى تطوير القوى العاملة بالدولة كما يعانى بعض العلماء من انعدام وجود اختصاص حسب مؤهلاتهم كعلماء الذرة وصناعات الصواريخ والفضاء وصعوبة او انعدام القدرة على استيعاب اصحاب الكفاءات الذين يجدون انفسهم اما عاطلين عن العمل او لا يجدون عملا يناسب اختصاصاتهم العلمية وعدم توفير التسهيلات المناسبة وغياب المناخ الملائم لامكانية العمل ، تشكل هذه النقاط غالبية الاسباب التى تؤدى الى هجرة العقول السودانية فيما اشارت الورقة الى سلبيات وايجابيات الهجرة للقول بان هجرة الكفاءات والخبرات تعد من اخطر المشكلات التى تواجه برامج التنمية وهى انتقال اهم رأسمال اقتصادى وهو رأس المال البشرى المثقف فى الوقت الذى استفادت فيه كثير من الدول، ويمكن تلخيص الانعكاسات السلبية لهجرة الاساتذة فى ضياع الجهود والطاقات الانتاجية والعلمية لهذه العقول التى تصب فى شرايين دول المهجر بينما تحتاج التنمية فى السودان لمثل هذه الكفاءات فى مجالات الاقتصا والتعليم والصحة والتخطيط والبحث العلمى والتقانة وغيرها ،اضافة الى تبديد الموارد الانسانية والمالية التى انفقت فى تعليم وتدريب الكفاءات والتى تحصل عليها دول المهجر بدون مقابل يذكر ، وهناك ضعف وتدهور الانتاج العلمى والبحثى فى المؤسسات التعليمية بالمقارنة مع الانتاج العلمى للعقول السودانية بالخارج ، وفقدان قوى عاملة مدربة وخبرات متراكمة ، وحدوث بعض المشكلات الاجتماعية والاسرية جراء الهجرة ، وكذلك من السلبيات التى اشارت اليها الورقة المناهج التى يتلقاها ابناء المغتربين فى دول المهجر لا تمكنهم من الوفاء بالانتماء القومى لوطنهم لانها موضوعة لتوافق متطلبات تلك البلاد اضافة الى تحدى الاندماج مجددا فى المجتمع السودانى عند العودة الطوعية خاصة اذا طالت فترة الهجرة خارج الوطن ، ولفتت الورقة النظر الى انه مع ازدياد معدلات هجرة الكفاءات السودانية يزداد الاعتماد على الكفاءات الاجنبية فى مجال التعليم العالى وبتكلفة اقتصادية مرتفعة والسودان يتحمل بسبب هذه الهجرة خسارة مزدوجة لضياع ما انفقه من اموال وجهود فى تعليم وإعداد الكفاءات المهاجرة ومواجهة نقص الكفاءات وسوء استغلالها والافادة منها عن طريق استيراد الكفاءات الاجنبية بتكلفة كبيرة ، ورقة الدكتور خالد علي كشفت ان معظم الذين يغادرون الجامعات للعمل فى جامعات اخرى بالخارج جلهم من الاساتذة والمساعدين والمشاركين وقليل من البروفيسرات وهم فى قمة عطائهم فى مجال البحث العلمى وسعيا للحفاظ على هذه الكوادر من جانب ، والاستفادة من حماسهم وخبرتهم وعلمهم من جانب اخر .

ان اتخاذ الخطوات لتوفير بيئة سليمة وشروط خدمة متميزة هو الحافز لبقاء الكفاءات وتشجيعا لمن هم خارج الوطن للعودة بتوفير السكن المجانى او المدعوم وتحقيق مجانية التعليم بمختلف المراحل التعليمية لابناء اعضاء هيئة التدريس اضافة الي تطبيق مجانية العلاج الكامل وتوفير سيارة لكل استاذ جامعى وبدل لبس ومراجع وتشريع قوانين جديدة تساعد على بيئة العمل صحيحة ومعافاة وتوفير ما يعين على تطبيق هذه التشريعات بالصورة المطلوبة وتوفير الية محددة للنظر فى التظلمات المرفوعة من قبل اعضاء هيئة التدريس وتوفير وسائل البحث الكافية فى الجامعات ومراكز البحوث واطلاق الحريات الاكاديمية للبحث والنقد والمشاركة وتنظيم سياسة التعيينات فى المناصب العلمية والادارية الجامعية الهامة بحيث تكون الاهلية (القوى الامين) هى المقياس الاوحد للتعيين فى المناصب واخيرا استقطاب الكوادر العلمية المؤهلة واعطائها الفرصة للتطور والتحديث والمساهمة فى صنع القرار.

وبجانب ماذكر فى صدر الورقة من مقترحات قدم مقدم الورقة توصيات لكبح ظاهرة الهجرة مشددا على تحسين اوضاع الكفاءات واجراء تحسينات مستمرة فى الاجور ومشاريع اخرى تشجيعية ، وزيادة المرتبات لمواجهة الزيادة المطردة فى مستوى المعيشة والتضخم ،تقديم بديل نقدى يعادل مرتب 12 شهرا اجماليا ، تهيئة المجال لتوظيف التخصصات المختلفة وذلك للحد من هجرة العقول والعمل على وضع خطة استراتيجية شاملة للعمل على تنشيط وسائل التشغيل فى البلاد وضرورة التركيز على تبادل الخبرات والتجارب فى مجال التنمية ، تهيئة المجال لتوظيف التخصصات المختلفة وذلك للحد من هجرة العقول، وايجاد الحلول المناسبة للمشاكل التى تعترض اسواق العمل فى مجال التعليم العالى وضرورة متابعة اوضاع العلماء السودانيين بالخارج ورسم سياسات استقطاب الكفاءات المهاجرة وتفعيل صندوق دعم الكفاءات السودانية ، زيادة العلاوات والبدلات الخاصة بطبيعة عمل اعضاء التدريس كعلاوة البحث والكتب والعمل التطبيقى التى ظلت دون تعديل منذ عام 2002م وان فئاتها اصبحت متدنية مقارنة مع الارتفاع المطرد فى تكاليف المعيشة ، وضرورة تحسين شروط خدمة اعضاء هيئة التدريس بتعديل واستحداث العلاوات والبدلات الخاصة بطبيعة عملهم والتى تميزهم عن الفئات الاخرى بالدولة سعيا وراء تهيئة الجو المناسب للتدريس والبحث العلمى والحد من الهجرة المتزايد للعقول ، منح العاملين بهيئة التدريس بدل لبس بواقع ثلاثة اشهر اجمالى وتحديد منحة العيدين بواقع اجر ثلاثة اشهر ، وتخصيص اراضى بالخطة الاسكانية والمساعدة ببنائها ، وتوفير العلاج المجانى وتحمل تكلفة الابحاث والكتب التى يؤلفها ويكتبها ومنح العاملين الذين انتهت خدمتهم مكافاة نهاية الخدمة والعمل على انشاء مراصد متخصصة ، ووضع البرامج الوطنية لمواجهة هجرة الكفاءات والعمل على اجراء مسح شامل بهدف التعرف على حجم ومواقع وميادين اختصاص المهاجرين وتبنى سياسات الاستفادة القصوى من الخبرات السودانية المهاجرة .

17047
تحقيق/ هويدا المكى
صحيفة الصحافة [/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    كيف يستقر الاستاذ الجامعى فى ظل حرب غير مغلنة ضده ؟ البحث العلمى يحتاج الى بيئة داعمة وادارات مبدعة توفر للباحثين الامكانيات للابداع ولكن للاسف ما يحدث فى بلادى محاربة المتميزين واجبارهم للهروب وقطعا سكون لخيرهم وللافضل . هل حقا تريد مؤسساتنا التعليمية الحفاظ على كوادرها؟ الاجابة قطعا لا لانها ببساطة حتى من يخرج منه بشق الانفس للتعلم والاستادة من العلم لخدمة وطنه تحاربه حربا ضروسا فانا خير مثال حيث اوقفت الجامعة الاسلامية وادارة التدريب بعثتى قبل ان اكمل ما اتيت لاجله رغم امتلاكلهم كل الادلة بل وشرعت فى فصلى من الجامعة حتى دون اى اعتبار للمبلغ الذى صرفته لانه ببساطة ليس من جيب احد ولكن الاهم الحرب بدوافع عنصرية او احقاد او تصفية حسابات وكثيرون عادو بعد ان اكملو دراستهم بشق الانفس بالاستدانة وغيرها ليجدز انفسهم وقد فصلتهم جامعاتهم بل هناك من سافر وهو مجرد موظف وباجازة دون مرتب ليعود ويجد نفسه مفصولا بعد ان تحصل على الماجستير والدكتوراة وعلى نفقتهم الخاصة
    ببساطة هناك فئة تحارب الدولة وتسعى لتدميرها فلا تلومو الا الدولة التى لاتعرف مايدور فى دهاليز مؤسساتها

  2. سلام عليكم
    الذي يحصل في السودان شيء عادي جدا… ولكن السودانيين دايما بيفتكروا في زوا غاصب عليهم… فهم في حرب مع الوهم ، مع أن الله أعطاهم بلد وسط العالم بالضبط…

  3. [SIZE=5]أعرف أستاذا يعمل بالجامعة،
    والف كتابا علميا قيما ولم بستطع نشره منذ سبعة أعوام وراسل دور النشر بالداخل والخارج وكلهم طلبوا دفغ كلفة الطبع أولا، ولم تساعده الجامعة بالنشر![/SIZE]