الهجرة .. حتى لانخرج من المولد دون حمّص !!
الأرقام تقول أن من هاجر خلال العام 2012 الى خارج السودان حوالي (91000) سوداني ، حوالي 94 % منهم الى المملكة العربية السعودية ، وهذا العدد مأخوذ من خلال إحصائية « عدم الممانعة » من وزارة العمل ولايتضمن من هاجر هجرة ( غير شرعيّة!!).
الغريب في الأمر أن رغم « تنامي » معدلات الهجرة إلا أن هناك دراسة أجريت كشفت أن 94% من المغتربين خارج السودان « غير راضين » عن إغترابهم لعدة أسباب منها سوء أوضاعهم بدول المهجر أيضاً !!
التركيز كان على خطورة هجرة « الكوادروالكفاءات » أكثر من المهن الحرفيّة والوظائف الأخرى من محاسبين ومناديب مبيعات وغيرهم ، وللأسف ان ضيوف البرنامج لم يوضحوا لنا بالمقابل كم أعداد ( العودة الطوعيّة أو الإجباريّة ) ممن حققوا أهدافهم أو إصطدموا بالواقع أو سئموا الغربة ، أو ساءت أوضاع بلدان مهجرهم . فلو أخذنا مثالاً على العائدين من ليبيا « فقط » بعد أحداث الثورة فقد بلغ « 61 ألف » مغترب حسب إحصائية جهاز المغتربين والعاملين الخارج ، وهذا ما قد يفسر « تضاعف » عدد المهاجرين هذا العام بصورة لافتة عن العام السابق ! أضف إليهم أعداد العائدين من اليمن والعراق وسوريا وغيرها من البلدان التي ساءت أوضاعها !
دائماً ما أقول ومحدثكم صاحب تجربة في « الإغتراب » ان المهاجرين من السودان لايرون إلا كفة ميزان واحدة وهم بأرض الوطن ، وعندما يهاجروا يرون الكفة الأخرى وبعدها يستطيعون « الموازنة » لذلك أرى ان الإستطلاع الذي صاحب الحلقة كان « منقوصاً » وياحبذا لو أجرى البرنامج إستطلاعاً مماثلاً مع المغتربين خارج الوطن الذين خاضوا التجربة ونظروا إلى الكفتين ، لنرى هل الهجرة « مجدية » في حد ذاتها لتحقيق كثير من الأحلام الوردية التي يتطلع لها من ينوي الهجرة من داخل السودان في ظل « المتغيرات » الجديدة التي طرأت على دول المهجر التي تعاني نفسها من عاطلين عن العمل .
فللأسف حتى الأوضاع في بلدان الهجرة أصبحت تسوء يوماً بعد يوم ويضيق فيها الخناق على « الوافدين » ، فالهجرة في نهاية السبعينات والثمانينات ماعادت هي الهجرة في أعوام الألفية الأخيرة !!
فأعباء المعيشة وتكلفة إيجار السكن والعلاج ودراسة الأبناء ، أصبحت عبئاً ضاغطاً على كاهل المغترب ، وخاصة أن الدراسة تقف عند حد الجامعة ، في بعض البلدان التي يهاجر إليها أكثر المغتربين السودانيين ! ، والأهم من ذلك والذي يستدعي عدم الإقامة لفترة أطول هو ضغوط منظمة العمل الدولية وحقوق الإنسان على دول المهجر بإعطاء العمالة المقيمة ببلدانها « حق التملك والتجنيس » بعد مضي فترة زمنية لاتتجاوز الخمس سنوات ، وتتهرب من هذا الحق غالبيّة دول المهجر مما يجعلها تقوم بسن قوانين تعسفيّة تجبر المغترب على عدم الإقامة (الدائمة أو الطويلة)
السؤال الذي كان « يتكرر » من مقدم البرنامج هل الهجرة الحالية مقلقة وأنا أجيب بإختصار « لا » لعدة أسباب ، أولاً أن الهجرة ليست وليدة اليوم فهي ظاهرة كونية وهي إحدى سنن الحياة والصراع من اجل البقاء. وهي قديمة قدم الإنسان علي هذه الأرض الهجرة ولايمكن التدخل في « إيقافها » لنغيّر من طبيعة البشر وحرياتهم ونعطل سننه الكونيّة « فتنظيم حركتها » دون معالجة أسبابها هو تقييد في حد ذاته و يعد سجناً داخل الوطن وإنتهاكاً لحرية التنقل ، فالهجرة قد تكون « قناعة » شخصيّة بسبب موضوعي أو غيره لايمكن أن تقف أمامها ، ثانياً : الهجرة الآن أصبح « يخطط » لها غالبية المهاجرين بسقف زمني محدد وخاصة بما توصف بهجرة « الكفاءات » يحققون منها ما يستطيعون من أهدافهم ويكتسبون خبرات جديدة مفيدة ثم يعيدون للإستقرار بالوطن بعد تحسين أوضاعهم أو إيجاد مورد إستثماري يؤمن مستقبلهم وهناك أمثلة لكثير من الإستشاريين وأساتذة الجامعات الذين عادوا وإستقروا بالسودان بعد تحقيق أهدافهم من الغربة ، فالتفكير في الهجرة إختلف مفهومه من السابق من « هدف » إلى « وسيلة » ، لان قوانين بلدان الهجرة أصبحت نفسها طاردة وغير مهيأة للإقامة الدائمة إلا من جعل من الهجرة «غاية » وليست وسيلة لتحقيق هدف ، ثالثاً : ان الهجرة هي حل لمشكلة البطالة التي تعاني منها كثير من البلدان ، كما أن عائدات المغتربين أصبحت مورداً هاماً يرفد الإقتصاد الوطني برغم التحويلات التي تتم خارج النظام المصرفي فقد صرح قبل عدة أشهر أمين عام الجهاز أن عائدات المغتربين في مجملها تفوق عائدات البترول وأن السودان حسب تصنيف البنك الدولي قد احتل المركز الخامس في تلقي تحويلات المغتربين من كافة الدول والبنك الدولي رصد في 2009م تحويل حوالي 3 مليارات دولار ، وكما ذكر الأمين العام « أن هذه التحويلات لكي نحافظ عليها نحتاج إلى تشريعات وحوافز ايجابية يستفيد منها المغترب » والرجل محق في ذلك ، فالمغترب يحتاج لحوافز لتحفيز ه على مزيد من التحويلات ، فلايمكن لمغترب أن يعطيك دولاراً و« ترغمه » على إعطاء مقابل له بالعملة الوطنيّة بالسعر المحدد من قبل الدولة ، أعتقد أن ذلك يحتاج « لفتوى شرعيّة » قبل أن يكون غير مجدياً وغير محفزاً للإستفادة من تحويلات المغتربين ، فالفارق شاسع مابين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي مما ساعد على « إهدار » موارد هامة كان بإمكانها أن تٌضَخ في إقتصاد البلد ، وقد كشف الدكتور كرم الله علي، نائب الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج قبل أيام بالزميلة « الإنتباهة » أن سعر الدولار لم يرتفع بسبب انفصال الجنوب بل بسبب إحجام المغتربين عن التحويل بالطرق الرسمية !! فلا يمكن ان تضع الدولة أصبعها على الجرح وتعجز عن إيجاد المعالجات بسياسات أعتقد انها « بسيطة » ومفيدة للطرفين ، منها إعطاء « حوافز» للمغتربين الذين يحولون مدخراتهم عبر النظام المصرفي كما كان في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري ، أو من يعطيك دولاراً بالخارج تعطيه دولار بالداخل وهي تجربة ناجحة كان معمول بها ومطبقة في معظم الدول . فلا يعقل ان لاتستفيد الدولة من موارد المغتربين و « تفيدهم » ولاتحافظ على إستبقاء كوادرها وكفاءاتها !
كما لايمكن أن تقف الدولة « عاجزة » عن وضع سياسة « ناجحة » للإستفادة من تحويلات المغتربين « الضخمة » وجذبها إلى الخزينة العامة ، لتحسين الوضع الإقتصادي الذي دعى إلى الهجرة ، بدلاً أن تذهب إلى أيدي السماسرة والعابثين بالإقتصاد من اجل مصالحهم « الشخصيّة » !!!
فإن كنا قد تضررنا من « سلبيات » الهجرة كما يعتقد البعض دعونا نتعامل مع أمر « واقع » فرضته أوضاعنا الإقتصادية ، فنستفيد من « إيجابياتها » حتى لانخرج من المولد من دون « حمّص » .
بقلم : محمد الطاهر العيسـابـي
كاتب صحفي ـ ومدّون
النيلين
[/JUSTIFY]
الاستاذ محمد الطاهرفعلا موضوع مهم جدا لك التحية اسباب الهجرة عديدة اولها الحالة المعيشية في السودان بسبب تضارب الحكومات مع المعارضة وعدم استقلال موارد الدولة بصورة صحيحة اذا قلت طبيب ليس لدية قيمة في السودان من اي ناحية والراتب غير مجزي والمهندسين في كل المجالات حيث اي مهندس يعمل في الخارج يعيش حياة مرموقة ينقصة شي واحد الوطنية مهما كان وضعك الكل منتظر ان يكون الوضع افضل وليس جيد لكي يعود ولاكن انا خارج السودان من العام98 وحتي اليوم اتابع وانتظر اعيش من حيث الاكل والشرب والرفاهية وكل شي اتجول في العالم كما اريد وبرضو احس اني غريب ومحتاج اعيش في بلدي حيث كانت طفولتي واهلي وجيراني
الاستاذ/ محمد الطاهر تحية طيبة
لك الود للمرة الثالثة
خلوهم يدونا قطعة واطة نسكن فيهافقط لا غير وما كثرة الاراضي في السودان ومن بكرة مستعد أحول عن طريق السفارة برغم فارق السعر بالنسبة للسوق الموازي .
ايضا ممن شاهدوا البرنامج و كم تمنيت امكانية الاتصال. انا ممن هاجروا في العام 2012 طلبا للرزق و لم اكن الاول في مجالي (النفط) وأجزم الآن ان أكثر من 50 خبيرا واختصاصيا سودانيا ولا اقول مهندسافالبلد مليئه بالمهندسين قد هاجروا في نفس الوقت الى قطر والعراق والامارات و غيرها و أكثر ما آلمني ان احدا لم يحرك ساكنا لايقاف هجرة بدأت كل يوم في تزايد والمؤسف ان شعور الجميع كان واحدا لحظة المغادره وهو انك غير مرغوب فيك وكأنما الكل (مدراء و مسئولين) يقول لك اذهب بلا عوده الحمد لله ان الجميع هاجر بمرتبات اكثر من مجزيه وباوضاع طيبه
كل الشباب السوداني المفروض يهاجر
والله كنت اول الدفعة في الكلية العلمية المعروفة وتخرجت مهندس بمرتبة الشرف …حفيت قدماي وانا ابحث عن وظيفة تسد رمق اسرتي التي تحتاج الي مساعدتي
اصطدمت وكالعادة بالواسطات والمحسوبية… طيش دفعتي تم تعيينه في شركة بترولية كبرى مع العلم انه لم يكمل البكالريوس واكتفى بالدبلوم .تم تعيينه فقط لانه يتبع لجوقة النظام الحاكم ولان قربيه مسئول كبير
قررة الهجرة والحمدلله جئت الى بلد اول ما ينظرون هو شهادتك العلمية
سلام عليكم
كلام سليم الهجرة سنة كونية وتدافع الناس في معظم الخير… ولكن ممكن أن تناقشوا سعر الإقامة الذي بلغ 14 ألف ريال سعودي وبطريقة مزورة تسمى: فيزة حرة… لم أر أناسا يبيعون أنفسهم ويدفعون ثمن ذلك، إنهم أناس القرن ال21..أسأل مجرب ولا تسأل طبيب
بصراحة الوزيرة دي ما جديرة إطلاقا .