طب وصحة
نزلات البرد والإنفلونزا.. الوقاية تقلل من الإصابات
* حالات نزلات البرد
* التعريف العلمي لنزلات البرد هو أنه أحد الأمراض الفيروسية التي تُصيب الجهاز التنفسي العلوي، أي الأنف والحلق بالدرجة الأولى. وعادة ما تبدأ أعراض الحالة بالظهور على المُصاب بعد ما بين يوم إلى ثلاثة أيام من التعرض لأحد الفيروسات المسببة للحالة. وتشمل الأعراض: – سيلان الأنف، أو اختناق مجرى التنفس عبر الأنف. – تهيج أو ألم في الحلق. – السعال. – احتقان الأنف أو الحلق. – ألم في عضلات الجسم. – صداع خفيف. – عطس. – زيادة دمع العين، أو احتقان لونها. – ارتفاع متوسط في درجة حرارة الجسم، الى حوالي 39 درجة مئوية. – إجهاد عموم الجسم بدرجة متوسطة. والملاحظ أن إفرازات سيلان الأنف، تكون عادة سائلة وشفافة، ولكنها قد تُصبح ثخينة القوام، ويميل لونها نحو الخضرة أو الصفرة. وأهم ما يُميز نزلات البرد، عن الإنفلونزا مثلاً، هو أن حرارة الجسم لا ترتفع بدرجة عالية، ولا تكون الشكوى من الصداع شديدة، كما لا يكون إجهاد وتعب الجسم قوياً. ولدى البالغين، ثمة دواع تتطلب مراجعة المُصاب للطبيب. وذلك مثل ارتفاع حرارة الجسم إلى ما فوق 39 درجة مئوية، خاصة حينما تكون هذه الحمى مصحوبة بزيادة واضحة في إفراز العرق، أو إجهاد وتعب الجسم بصفة مرهقة، أو إخراج بلغم أصفر أو أخضر عند السعال، أو الشكوى من ألم في مناطق الجيوب الأنفية. وهناك أكثر من 200 نوع من الفيروسات القادرة على التسبب بهذا المرض. والتي تُوصف عادة بأنها سهلة الانتقال فيما بين المُصاب والسليم. وتدخل هذه الفيروسات إلى جسم السليم من خلال الأنف أو الفم أو العينين. والفيروسات هذه قادرة على الانتشار من خلال رذاذ الماء في الهواء، أي ضمن الرذاذ الذي يخرج من المُصاب حال عطسه أو سعاله أو كلامه أو ضحكه. كما أنها قادرة على الانتشار بلمس اليد لليد، من مُصاب إلى سليم، أو من خلال لمس السليم لأشياء لمستها يد المُصاب، كسماعات الهاتف أو الهاتف الجوال أو مقابض الأبواب أو لوحة مفاتيح الكومبيوتر أو المناشف أو غيرها. وحينما يلمس السليم عينيه أو أنفه أو فمه بعد ذلك، فإن الفيروسات قد تدخل إلى جسمه.
* حالات الإنفلونزا
* الإنفلونزا حالة مرضية تتسبب بها العدوى بواحد من ثلاثة أنواع من «فيروسات الإنفلونزا». وتُهاجم هذه الفيروسات أنسجة أغشية الجهاز التنفسي، والذي يشمل الأنف والحلق والشُعب الهوائية للرئة، وربما أنسجة الرئة نفسها. وعادة ما يُطلق البعض كلمة «فلو» flu على حالات الإنفلونزا. وكثيراً ما يخلط الناس فيما بين نزلات البرد وبين الإنفلونزا، لأنهما يتشابهان في أعراض سيلان الأنف والعطس وألم الحلق. ولكن ثمة فروقا جوهرية بين الإصابات بنزلات البرد وبين الإصابات بالإنفلونزا، ومن المهم التعرف عليهما، نظراً لتداعياتهما المختلفة على الصحة، خاصة لدى كبار السن أو المُصابين بأحد الأمراض المزمنة أو الأطفال. وفي حين تبدأ أعراض نزلات البرد بالظهور ببطء على المُصابين، فإن حالة الإنفلونزا تبدأ وتتسارع في وقت قصير، حيث ترتفع الحرارة بشكل أعلى وأسرع، ويشكو المُصاب بالإنفلونزا من صداع، وألم وإعياء في الجسم، بصفة أشد. وبالجملة يكون المُصاب بالإنفلونزا أكثر معاناةً من مُصاب نزلات البرد.
* أعراض الإنفلونزا
* وتشمل أعراض الإنفلونزا: – ارتفاع حرارة الجسم إلى أعلى من 38 درجة مئوية، لتصل إلى حدود 40 وربما أكثر لدى الأطفال. – شعور بالقشعريرة والبرودة، مع زيادة إفراز العرق. – صداع، ربما يكون شديدا. – سعال جاف. – ألم في العضلات، ووصف البعض لها بأن «عضلاته مكّسرة» قد يكون صحيحاً. وخاصة في الظهر والعضد والأفخاذ والساقين. – إجهاد وضعف عموم البدن. – احتقان الأنف. – تدني أو فقد الشهية للأكل. – إسهال أو قيئ، في بعض الأحيان، خاصة لدى الأطفال أو كبار السن. ولأن حالات الإنفلونزا أشد، والاحتمالات أعلى لحصول المضاعفات بالتهابات الرئة أو الأذن أو غيرهما، فإن مراجعة الطبيب قد تكون ضرورية، خاصة عند بدء الشكوى من سعال مصحوب بإخراج البلغم، أو الارتفاع الشديد في حرارة الجسم، أو الشكوى من ألم في الصدر، أو وجود صعوبات في التنفس، أو غير ذلك مما ليس معتاداً في مثل هذه الحالات. وتحصل العدوى بالإنفلونزا عند نجاح الفيروسات المسببة لها بالانتقال من شخص مُصاب إلى شخص سليم. وتنتقل فيروسات الإنفلونزا عبر رذاذ الماء في الهواء، وهو ما يحصل عند عطس أو سعال أو كلام أو ضحك شخص مُصاب. كما تنتقل الفيروسات عبر التصاقها لفترة على أحد الأشياء التي يُمكن عادة تكرار لمسها، كسماعة الهاتف وغيره مما تقدم ذكره، مما يلمسه السليم ثم يلمس فمه أو أنفه أو عينيه.
* أنواع فيروسات الإنفلونزا
* وهناك ثلاثة أنواع من فيروسات الإنفلونزا، إنفلونزا إيه A، وإنفلونزا بي B، وإنفلونزا سي C. ونوع إيه A قد يتسبب بموجات وبائية قاتلة، تُصيب البشر فيما بين كل 10 أو 40 سنة. بينما نوع بيB، قد يُؤدي إلى موجات أخف وأصغر، ومحصورة محلياً في مناطق جغرافية من العالم دون أخرى. ونوع إيه A ونوع بي B من فيروسات الإنفلونزا، قد يتسببان بموجات الـ «فلو» السنوية التي تُصيب الكثيرين في غالبية مناطق العالم خلال فصلي الخريف والشتاء. وأما نوع سي C، فلم تتسبب فيروساته بأي من موجات الإنفلونزا الوبائية. والواقع أن فيروسات نوع سي C أكثر ثباتاً بشكل نسبي، وذلك بالمقارنة مع نوعي إيه A وبي B، اللذين كثيراً ما يتغيران ويتحوران في تركيبهما. ولذا تظهر في كل عام تقريباً سلالات جديدة من نوع إيهA ونوع بي B. وهذا الأمر له أهمية خاصة في مدى تكوين جسم للمناعة ضد عودة الإصابة بأحد أنواع فيروسات إيه A أو بي B للإنفلونزا. ومعلوم أن الشخص حينما يُصاب بأحد فيروسات الإنفلونزا، فإن جهاز مناعته يُكون أجساماً مضادة antibodies، لمنع تكرار الإصابة بهذه الفيروسات في المستقبل المنظور. ولكن حينما تُغير وتُحور الفيروسات من تركيبها، فإن المناعة التي كوّنها الجسم في العام الماضي مثلاً، لا تبقى فاعلة وقادرة على مقاومة هذه الفيروسات التي طورت من بنيتها وشكلها، ما يجعل الإنسان عُرضة للإصابة بها والمعاناة منها لاحقاً.
* استشاري بقسم الباطنية في المستشفى العسكري بالرياض
* لنزلات البرد والإنفلونزا.. معالجة دوائية ومنزلية
* عادة، لا تتطلب معالجة حالات الإنفلونزا أو نزلات البرد أكثر من الراحة على السرير، والإكثار من تناول السوائل. والراحة في السرير، والنوم بالذات، هو أفضل ما يُمكن للمرء فعله لمساعدة جهاز مناعته على مقاومة حالة الالتهابات الفيروسية. وأفضل السوائل، التي من المفيد تناولها، الماء أو أحد أنواع عصير الفواكه الطازجة. وأهمية الإكثار من تناول السوائل، هي تعويض ما يفقده الجسم منها. وأفضل علامة لتزويد الجسم بكفايته من السوائل هو إخراج الإنسان لبول ذي لون أصفر فاتح جداً. وثمة عدة دراسات طبية أثبتت فاعلية تناول «شوربة الدجاج» في مقاومة حالات نزلات البرد أو الإنفلونزا. وبعض تلك الدراسات الأميركية، أكدت صراحة على فائدة «شوربة الدجاج» التي يتم إعدادها بإضافة الخضار والبصل والفلفل الأسود والملح. ومن المفيد البقاء في حجرة معتدلة الحرارة، أي غير باردة وغير حارة، وذات درجة جيدة من الرطوبة. وهذان الأمران مُهمان في تخفيف السعال والاحتقان. ويُؤكد الباحثون من مايو كلينك على فائدة «غرغرة» الحلق بالماء الممزوج بالملح، وذلك عدة مرات في اليوم. وكذلك على تناول العسل. كما يُؤكدون على جدوى ترطيب الأنف وتخفيف الاحتقان فيه، بتقطير الأنف بسائل مُعقّم للملح والماء saline nasal drops. والمضادات الحيوية المعروفة، لا محل لها في معالجة حالات نزلات البرد أو الإنفلونزا الفيروسية. والسبب أن المضادات الحيوية موجهة للقضاء على البكتيريا، وليس الفيروسات. وللتغلب على أعراض مثل ارتفاع حرارة الجسم، أو ألم الحلق، أو الصداع، قد يكون من المفيد تناول أحد الادوية المحتوية على مادة «باراسيتامول» أو مادة «أسيتامينوفين»، مثل «بانادول» أو «تايلينول»، بالمشتقات الدوائية المتوفرة في الصيدليات لأي منهما. إلا أنه يجب تذكر أن هذه النوعية من الأدوية، بالرغم من إفراط البعض في تناولها، ضارة على الكبد، خاصة لمنْ لديهم التهابات فيروسية مزمنة في الكبد أو المُفرطين في تناول المشروبات الكحولية أو لديهم أسباب أخرى لضعف الكبد. وقد يكون من المفيد أيضاً، إن كانت حالة الشخص الصحية تسمح، تناول أحد أنواع الأدوية المضادة للالتهابات من النوعية غير «الستيرودية»، مثل «بروفين» أو «فولتارين» أو غيرهما. ولتخفيف الاحتقان في الأنف أو الحلق، قد يلجأ الطبيب إلى وصف تناول أحد الأدوية المضادة للاحتقان، أو كقطرات أو بخاخ في الأنف. ولكن يجب عدم تناولها لمدة تزيد عن ثلاثة أيام، نظراً لاحتمال تسببها بعد تلك المدة في إطالة مدة التهاب الأغشية الأنفية أو الحلقية. وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن ثمة مكانا لأحد أنواع «شراب الكحة» في معالجة نزلات البرد أو الإنفلونزا، فإن نصيحة «الكلية الأميركية لأطباء الصدرية» صريحة في التشديد على عدم النصح باللجوء إليها. والسبب أنها غير فاعلة في علاج سبب السعال في الحالتين هاتين، لدى البالغين. أما بالنسبة للأطفال، فهي لا تنصح على الإطلاق باستخدام الأطفال دون سن 14 سنة لأي مستحضرات علاجية للسعال أو نزلات البرد، من النوعية التي تُباع في المتاجر أو الصيدليات دونما الحاجة إلى وصفة طبية. وذكّرت الكلية في إرشاداتها الحديثة إلى أن هذه الأدوية لها آثارها الجانبية السيئة. كما قالت صراحة بأن على المُصابين بنزلات البرد أو الإنفلونزا معرفة أن السعال المُصاحب لنزلات البرد أو الإنفلونزا، والذي ليس نتيجة وجود التهاب بكتيري في الجهاز التنفسي، سيستمر لديهم غالباً ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وهنا من المهم مراجعة الطبيب للتأكد من الأمر. وهناك من الأطباء من ينصح المُصابين بالإنفلونزا بالذات، بالبدء المبكر بتناول عقار «تاميفلو» Tamiflu ، كأحد مضادات الفيروسات. ولكن «تاميفلو» له آثاره الجانبية التي قد تطال التركيز الذهني واحتمالات إيذاء النفس وغيره من السلوكيات التي تحتاج إلى مراقبة لدى متناوله. هذا بالإضافة إلى محدودية فاعليته في تخفيف أعراض الإنفلونزا، وضرورة أن يتم البدء بتناوله في الـ 48 ساعة الأولى من العدوى. ولا يبدو حتى اليوم، أن ثمة جدوى ثابتة علمية لتناول فيتامين سي في حالات نزلات البرد أو الإنفلونزا.
* عناصر للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا
* في ما عدا أخذ اللقاح الخاص بالإنفلونزا، سنوياً، فإن عناصر الوقاية من نزلات البرد تتشابه مع تلك التي للوقاية من الإنفلونزا. وهي ما تشمل: – غسل اليدين. وبالرغم من استسهال البعض له، وتقليلهم من شأن أهميته، فإن تكرار غسل اليدين جيداً بالماء والصابون، وفركهما بعضهما ببعض، ولمدة لا تقل عن 15 ثانية، يظل هو أفضل وسيلة يُمكن بها للمرء أن يقي نفسه من الإصابة بنزلات البرد أو الإنفلونزا. ولا يُوازي غسل اليدين، بتلك الصفة، في الفائدة إلا فركهما بسائل يحتوي على الكحول بنسبة لا تقل عن 60%. – النظافة المنزلية والمكتبية، خاصة تنظيف الأشياء التي قد يستعملها الغير، كسماعات الهاتف أو لوح مفاتيح الكومبيوتر والحمامات وغيرها. – استخدام المناديل الورقية. وعلى المرء أن يتعود على عدم العطس أو السعال إلا باستخدام المناديل الورقية لتغطية الفم والأنف. وضرورة التخلص المباشر من تلك المناديل الورقية. ومن المهم أيضاً تعليم الصغار، والكبار، على عدم استخدام اليدين لتغطية الفم أو الأنف عند السعال أو العطس. – عدم مشاركة الغير في استخدام الأشياء. وتحديداً، فإن الحديث موجه نحو تجنب استخدام كؤوس الماء أو الملاعق أو الأطباق أو غيرها مما استخدمه الغير. – الاهتمام بصحة الأكل والنوم. وذلك بتناول الأطعمة الصحية وأخذ الكفاية من النوم الليلي اليومي، لأنها أحد وسائل رفع مستوى مناعة الجسم. – تجنب المُصابين. ونزلات البرد والإنفلونزا من السهل جداً انتشار عدوى أي منهما حال الزحام أو العناق أو الجلوس الطويل في ما بين المُصابين والسليمين، سواءً في المنزل أو المكتب أو المطاعم أو وسائل التنقل. ولذا فإن تجنب الأماكن المزدحمة وتجنب القرب الشديد من الغير أحد وسائل الوقاية من نزلات البرد. – تلقي لقاح الإنفلونزا. لا يُوجد حتى اليوم أي لقاح خاص بالوقاية من نزلات البرد، ولكن يُوجد لقاح يُنتج سنوياً للوقاية من الإنفلونزا. وعلى الإنسان أن يأخذ اللقاح الخاص بالإنفلونزا الموسمية، في شهري أكتوبر أو نوفمبر. وهو ما يُمكن الجسم من إنتاج الأجسام المضادة لمقاومة الإنفلونزا في أوج موسمها، أي في ما بين شهر ديسمبر وشهر مارس.
الرياض: د. عبير مبارك:الشرق الاوسط [/ALIGN]