عالمية

صحافية تونسية شاهدت اغتيال بلعيد تروي تفاصيل مثيرة

كشفت الصحافية التونسية، نادية الداود، الأربعاء، تفاصيل مثيرة وخطيرة عن عملية اغتيال شكري بلعيد، المنسّق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد. ووجهت شكوكا إلى سائق بلعيد، مؤكدة أنه لم يهتز أو يصرخ أو ينهار لحظة الجريمة.

وقالت الصحافية، التي كانت شاهدة عيان على الجريمة، إنها كانت تسكن في الطابق الرابع من نفس العمارة التي يسكن بها بلعيد في الطابق الأول.

وصرحت- وهي تبكي- لإذاعة “إكسبرس اف ام” التونسية الخاصة، بأنها كانت تقف في شرفة منزلها بينما سائق بلعيد ينتظره مثل كل صباح في سيارته.

وذكرت أن شخصا اقترب من السائق وتحدث إليه، ثم غادر قبل أن يخرج بلعيد من المنزل متجها إلى السيارة.
وأضافت أن دراجة بخارية، على متنها شخصان، اقتربت من بلعيد عندما فتح باب السيارة، وأطلق عليه مسلح رصاصة في البداية، وتبعها بثلاث رصاصات متتالية.
وأوضحت أن الرصاصة الأولى التي أطلقت على المعارض كانت في مستوى الصدر، وأن باقي الرصاصات أصابته في الصدر والبطن.
وألمحت إلى أنها فقدت لحظة الجريمة التي اغتالت أحد أصدقائها كل حرفية، فلم تلتقط أي صور للحظة الحادث، ولكنها التقطت صورا لاحقا لدى وصول سيارة الإسعاف لنقل الجثمان.
وأبدت الصحافية شكوكا كبيرة في السائق، وقالت إنه لم يصرخ أو ينهار أو يهتز، وأن رد فعله على حادث الاغتيال بدا غير طبيعي.
وأوضحت أنها لم تبلغ أي جهة أمنية بعد بشهادتها، مشيرة إلى أنها فقدت الثقة في كافة الأجهزة الأمنية في البلاد.

وأعلنت الجبهة الشعبية التونسية المعارضة أنها قررت الانسحاب من الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور بعد اغتيال سياسي معارض، الأربعاء.

وقال المتحدث باسم الجبهة الشعبية، حمة همامي، إن المعارضة تدعو أيضا إلى إضراب عام احتجاجا على اغتيال شكري بلعيد الذي قتله مسلحون أمام بيته في العاصمة تونس.

ورافق مئات المتظاهرين الغاضبين سيارة إسعاف جابت وسط العاصمة تونس وعلى متنها جثمان المعارض اليساري البارز، بلعيد.

وتوقفت سيارة الإسعاف أمام مقر وزارة الداخلية، وردد المتظاهرون الذين تتزايد أعدادهم باطراد شعارات معادية للحكومة مثل “الشعب يريد إسقاط النظام”. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لإبعاد المتظاهرين.

وشهدت مدينة سوسة حالة عصيان مدني شاملة، احتجاجا على اغتيال بلعيد. كما خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة سيدي بوزيد وسط وجود أمني كثيف.

وقال ممثل عن تنسيقية الجبهة الشعبية بسوسة، هشام صابحية، إن اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن وآلاف من المواطنين وأفراد من الجبهة الشعبية، وإن الشرطة أطلقت الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين توجه عدد منهم إلى مقر الولاية (المحافظة) رافعين شعارات ضد النظام وضد الاغتيال السياسي”.

وقالت وزارة الداخلية إن متظاهرين أشعلوا النيران في مقار تابعة لحركة النهضة.

وغصّ شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في البلاد بالمتظاهرين، الذين رفعوا شعارات تطالب بإسقاط الحكومة على خلفية الاغتيال.

وهتف المتظاهرون أيضاً “عار عار شكري مات بالنار”، فيما طوقت قوات الأمن المكان ولم تقع حتى الآن أيه مواجهات.

كما ندد المتظاهرون بقمع بعض الأطراف السياسية لحرية الرأي، معتبرين أن الحكومة التونسية الحالية لم تعد تستطيع حماية أبنائها، وأن عملية اغتيال شكري بلعيد هي الحلقة الأولى من مسلسل سيتابع الشعب فصوله لاحقاً.

وقتل المعارض بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، بعد أن أطلق مجهولون النار عليه أثناء خروجه من منزله إلى العمل، في أول اغتيال سياسي تشهده البلاد.

وقد أكد شقيق بلعيد نبأ مقتله لوكالة “فرانس برس”، قائلاً “تم اغتيال شقيقي، إنني يائس ومنهار” .

وأوضح عبدالمجيد بلعيد لإذاعة “موزاييك” أن شقيقه أصيب برصاصتين لدى خروجه من منزله.

وما إن أعلن خبر الوفاة حتى سارع أفراد حزب بلعيد إلى التجمهر أمام المستشفى الذي نُقل إليه، مرددين شعارات ضد الحكومة، ومطالبين بمحاسبة أي طرف تورط في عملية الاغتيال.

فيما تتالت التصريحات والاستنكارات من مختلف الأطراف والأحزاب السياسية، حيث سارع حزب النهضة، الذي بدأت أصابع الاتهام تدور حوله في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” باعتبار أن بلعيد كان لا يفوت أي فرصة للظهور الإعلامي دون أن ينتقد سياسة حركة النهضة بطريقة لاذعة.
ردود أفعال

وفي أول ردّ فعل، قال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي إن اغتيال بلعيد بالرصاص هو اغتيال سياسي واغتيال للثورة التونسية، مشيراً إلى أن هوية القاتل ما زالت مجهولة حتى الآن.

وسارع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى نشر بيان عبر فيه باسم الحركة عن إدانته الشديدة لهذه الجريمة، كما قال إنها تستهدف أمن البلاد واستقرارها، وعزّى خلال البيان عائلة المغدور وحزبه، ودعا في بيانه السلطات الأمنية إلى بذل كل جهد للكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة وكشف أهدافهم أمام الرأي العام.

ولفت في ختام بيانه إلى أن الحركة تدعو جميع الأطراف وكافة المناضلين وكل التونسيين إلى التضامن والوحدة وإلى التزام اليقظة وتفويت الفرصة على كل من يريد ضرب السلم المدني والتعايش السلمي بين التونسيين ودفع البلاد إلى العنف.
426484 567479906598624 7419081 20735 4667 من جانبه قرر رئيس الجمهورية التونسية، محمد المنصف المرزوقي، العودة اليوم الأربعاء إلى تونس مباشرة من فرنسا، وإلغاء مشاركته في القمة الإسلامية الثانية عشرة التي تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة الأربعاء والخميس.

فيما دعا الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، إلى التهدئة وأن يكون دم شكري بلعيد سبباً في توحد الشعب التونسي وإنهاء دوامة العنف.

وكانت وسائل إعلام تونسية أفادت أن بلعيد تلقى رصاصتين في الرقبة والرأس، بينما كان أمام منزله في تونس العاصمة.

ووفق شهود عيان فإن منفذ عملية الاغتيال كان يرتدي “قشابية” وهو لباس مصنوع من الصوف يغطي كامل الجسم، وهو لباس تقليدي تونسي يلبسه حالياً كبار السن وساكني المناطق الجبلية الباردة.

وفي آخر ظهور تلفزيوني له حذّر بلعيد مما اعتبره تحالفاً بين حركة النهضة الحاكمة وشريكها في الائتلاف الحاكم حزب المؤتمر مع سلفيين بتشكيلهم “رابطات حماية الثورة” من أجل استهداف الشخصيات المعارضة في البلاد.

ووصفت نجيبة الحمروني، نقيب الصحافيين التونسيين، الاغتيال بأنه عنف سياسي قائلة “نحن نخشى على حرية الصحافة أكثر من خوفنا على أنفسنا، فالعديد من الأطراف لم تتقبل النقد وأزعجها ما تنقله الصورة عبر وسائل الإعلام”.

وأكدت الحمروني أن الدافع وراء الاغتيال هو سبب سياسي وليس شخصياً”.

وعلق المحلل السياسي التونسي، محمد بوعود، لقناة “العربية” قائلاً: إن حادثة اغتيال بلعيد تُعد بمثابة افتتاح لطور عنف في البلاد. وأكد أن هناك مخازن للسلاح في تونس، كما أن هناك نوعاً من الاستعداد والتهيئة لتلك الاغتيالات، على حد قوله، مضيفاً أنه “قد يكون اغتيال اليوم هو البداية”.

وحذر بوعود من أنه في حال بدء عمليات الاغتيالات، سيكون من الصعب إيقافها.
نبذة عن شكري بلعيد

وشكري بلعيد من مواليد 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1964، ويعمل محامياً وكان في السابق عضوا بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. وهو الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي وقد دخل مؤخراً في تحالف سياسي مع القوى اليسارية والقومية وبعض المستقلين في جبهة سياسية موحدة استعداداً للانتخابات العامة منتصف العام الجاري.

العربية نت