حوارات ولقاءات

كاشا: 400 مليون دولار نفرة العرب لدارفور لا يعرف عنها أحد شيئاً

[ALIGN=JUSTIFY]يعد دكتور عبد الحميد موسى كاشا من الاقتصاديين القلائل الذين لا يخافون ولا يترددون في اطلاق التصريحات النارية حيال أزمة ما مهما كانت ردود الأفعال حولها، وهو يعمل الآن بالمجلس الوطني رئيساً للجنة الاستثمار والصناعة والتجارة الخارجية، وكان من قبل وزيراً للزراعة والغابات من ثم التجارة الخارجية وهو أحد نواب كتلة دارفور والمؤتمرالوطني الذي يعمل بنشاط داخلهما.
(الوطن) التقته في حوار حول قضايا الساعة والأزمة المالية العالمية وقضايا القطاع الصناعي المتمثلة في النسيج وصناعة الأسمنت وقانون الأموال المرهونة وتجارة الحدود، وغيرها من الأسئلة التي أجاب عليها بشفافية ودون أي تحفظات فماذا قال!؟

حوار: راقية حسان / كمال محمد عثمان

* تأثر الميزانية بالأزمة المالية العالمية
* معروف أن الأزمات المالية العالمية التي بدأت تظهر منذ العام 1929م بسبب الفساد ثم توالت بعد ذلك بشكل جلي بعد حرب الخليج بين إيران والعراق في عام 1994م بعد إعلان منظمة التجارة العالمية واعلان سياسة التحرير الاقتصادي، اذ أصبح الاقتصاد الحر هو الذي يسير العالم والآن تتحكم فيه ثلاثة محاور لدول العالم الثالث على وجه الخصوص وهذه المحاور الثلاثة هي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وتقف من وراء هذه القوى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام وهي التي تسيطر على اقتصاد العالم، ونلحظ أن السودان قد تأثر سلباً وايجاباً رغم ان لديه موارد طبيعية داخل باطن الأرض ولكن هذه الثروات أما انها غير مستغلة أو سيئة الاستقلال، ومن الملاحظ أن السودان وحسب موارده فأن الزراعة تعد المورد الأساسي في هذه الموارد الطبيعية والبشرية وكان من المفترض ان يكون الاعتماد عليها في اقتصاديات السوق بالسودان، ونلحظ أيضاً أن الاعتماد على الصادرات غير البترولية من المفترض أن يكون ذا أولوية ومركز ثقل، ولكن من حيث الإنتاج والإنتاجية وارتفاع التكاليف بسبب زيادة الأسعار نجد أن التأثير يكون هنا ملحوظاً في البترول الذي بدأت تعتمد عليه الدولة في ميزانيتها منذ أول صادر برميل في نهاية اغسطس 1999م، ولعل هذا البترول هو سلاح ذو حدين وكان ينبغي أن توجه موارد البترول نحو الصناعة والزراعة بشقيها النباتي والحيواني وللبنية التحتية من طرق ونقل، وكل مقومات نجاح الصادرات غير بترولية ومن المعروف بأن البترول من الموارد الناضبة وأنه آن الآوان لأن يكون الاعتماد على البترول بدرجة أقل وتتحول الاستفادة منه للدفع بالزراعة والصناعة، بالرغم من معاناة هذين القطاعين (الزراعي والصناعي) من بعض العقبات التي تحد من نموهما ورغم مجهودات القطاع الخاص في هذا الأمر، خاصة وأن السودان لديه ميزات نسبية في هذين القطاعين بالذات.
* هل تعتقد بأن الأزمة المالية العالمية مفتعلة؟
– حسب قراءتي نجد بأن الأزمة من ورائها أيادي خفية كالولايات المتحدة الأمريكية وقد يكون لها دور في ذلك وعلينا ان لا نأخذ الأمر بهذه البساطة، ويمكن ان ندلل على ذلك بأن الارتفاع الكبير في البترول قد أضر في اقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية وادى ذلك لخفض قيمة الدولار وبعد هذه الأزمة، وبسبب الاستهلاك الضخم للوقود في أمريكا نلحظ أن أسعار البترول انخفضت إلى ما دون السبعين دولاراً بينما كانت قد وصلت إلى أكثر «140» دولاراً للبرميل.
* يعاني القطاع الصناعي من اشكالات في رأيكم كيف يتم معالجتها!؟
– أكبر المشكلات التي تواجه القطاع الاقتصادي هي الضرائب والرسوم وارتفاع تكلفة مدخلات الانتاج وسعر الكهرباء مما يجعل المنافسة غير ممكنة مع دول العالم، وذلك بذلك بأن سعر كيلو الكهرباء في مصر «2» سنت أمريكي بينما في السودان «14» سنتاً أي حوالي «7» أضعاف السعر في مصر، رغم أن كثيراً من المصانع السودانية تحمل شهادة الأيزو العالمية.
* في رأيك ماهو المخرج من إشكالات قطاع النسيج؟
– اذا لم يتم تدارك هذا القطاع سوف ينتهي تماماً وينهار ووزارة الصناعة من المعلوم أنها جهة فنية اشرافية وهذه مسؤولية القطاع الخاص، وكثير من المصانع الحكومية الآن معروضة للقطاع الخاص ولكن النسيج يحتاج لرؤوس أموال ضخمة ونحن غير قادرين على الاستفادة من الميزات النسبية الكبيرة للقطن السوداني في الصناعات، ونجد أن الصورة في السودان مقلوبة حيث نصدر خام القطن ومن ثم يعود لنا في شكل ملابس وهذه الصناعة تحتاج إلى تمويل كبير يجب أن يتم الترويج بشكل مميز من قبل رؤوس أموال سودانية وأجنبية.
* صناعة الأسمنت رغم أنها بدأت مراحل التوطين.. إلا أن أسعاره لازالت عالية!؟
– حسب الخطة الموضوعة من قبل وزارة الصناعة سوف يشهد العام 2009م اكتمال «6» مصانع للأسنت بولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، ونعتقد أن هذا جهد كبير بذل في هذا المجال وهذا بالتأكيد سوف يساعد على خفض الأسعار غصباً عن الذين يرفضون ذلك، واذا لم تواكب المصانع الجديدة الأسعار العالمية فأنها سوف تتواجه بكساد كبير ونجد أن مصنع السلام بدأ انتاجه في زمن الأزمة لذا فإنه لم يساعد كثيراً في خفض الأسعار، ولكن بزيادة الوارد الداخل للسودان من الأسمنت سوف تقل الأسعار ونلحظ منذ بداية هذه الأزمة تم استيراد (300) ألف طن من مصر والآن هناك (100) ألف طن في طريقها للسودان، وبالتأكيد فإن هذه الكميات ستخفض الاسعار في الأسواق. وعموماً فإن هذه الأسعار هي مؤقتة وسوف ينخفض سعر الطن إلى ما دون الـ (350) جنيه.
* الميزانية بها عجز 20%
– هذا السؤال يوجه للسيد وزير المالية رغم ان الميزانية هي تقديرات ما بين الايرادات والمنصرفات والعجز يحدث في انخفاض الايردات، وهنا لابد من عمليات في ترشيد الصرف وهنا سؤال يفرض نفسه ان وظفت أموال فائض البترول.
* صناديق الإعمار التي جاءت مع الاتفاقيات يقال بأن بها إشكالات!؟
– في البدء لابد وان يكون هناك تنسيق بين صناديق الأعمار وبرامج الولاية التنموية والحكومية الاتحادية بحيث يعرف ماذا يريد، مثلاً أهل دارفور أو الشرق أو الجنوب في مجالات الطرق والتعليم والمياه وغيرهم وبشكل عام لا يعرف أحد حجم التدفقات المالية لهذه الصناديق، ويشكو العديد من الإخوة داخل صندوق اعمار دارفور من التدفقات المالية.
* هي هناك داعي لهذه الصناديق!؟
– هذه الصناديق كما قلت لك بأنها جاءت بها الاتفاقيات لذا فانها ملزمة وكان من المفترض أن يكون التنفيذ بين الولايات والاشراف من المركز، والآن هناك عدم تنسيق واضح ومن المفترض يكون التنسيق محكم وان يتم وضع الأولويات التمويلية في كل قطاع حسب الأولوية، بل من ضمن الاشكالات المهمة الآن لا أحد يعرف
أين ذهبت أموال نفرة أهل دارفور التي أقامها العرب ويقال بأنها تجاوزت المبالغ فيها (400) مليون دولار. وسوف نثير هذه القضية بالمجلس الوطن
* قرار وزارة التجارة للسلع تجاه مصر هل هو قرار تنسيقي أم ارتجالي!؟
– في البدء لابد وأن يُعرف أن العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف سواء كانت بين الدول المنفردة أو الأعضاء في تجمعات هذه العلاقات تحكمها أسس وضوابط تحمي الصناعات الوطنية، وهناك ضوابط للاستيراد والتصدير وهيئات معنية بالمواصفات ويمكن لأي بلد أن يصدر سلعة ولا يمكن أن تمنع دخول سلعة معينة إلاّ إذا كانت غير مطابقة للمواصفات، وهذه مسؤولية الدولة الواردة لها السلع ولكن يمكن أن تمنع صادر سلعة ما يتأثر بها البلد الوارد وهذه سياسة عامة بشكل عام، وفي حالة مصر فهناك لجنة عليا برئاسة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان ورئيس وزراء مصر د. نظيف ولجنة وزارية فنية تختص بكافة القضايا المتعلقة بالتجارة بين البلدين ولذلك فالأمر منسق تنسيقاً كاملاً ومحكم.
* هل هناك قوانين تحكم تجارة الحدود!؟
– فيما يتعلق بتجارة الحدود هناك خلل كبير ولكن ضبطها وترشيدها لا يتأتى بمنع دخولها بقدر ما يتأتى بالمواصفات والمقاييس والصلاحية والجودة، ويتم الاستيراد الحر وهذا يدل بأن القرار سليم.
وهنا لابد أن نشير إلى أن قانون الاغراق التابع لوزارة التجارة الذي ظل حبيس مجلس الوزراء لفترة طويلة، يوضح كثيراً من هذه الاشكالات ويضع لها حلولاً جذرية.
* لماذا لم يأت هذا القانون للمجلس الوطني!؟
– هذا يجيب عليه مجلس الوزراء.
* نعود لتجارة الحدود؟
– هذه التجارة تستخدم في سلع محدودة لمدن الجور وولايات الجوار فقط، وهذا يعني أنه إذا كانت تجارة الحدود مثلاً بين الكفرة بليبيا ومليط بالسودان، فلا يمكن ان تأتي الصناعة إلى بقية مدن السودان هذه هي التجارة الحدودية التي نعرفها، ولكن هناك تشوهات لهذه التجارة بشكل عام.
* خلال هذه الدورة ينتظر أن تضع في منضدة المجلس العديد من القوانين من قبل لجنتكم ماهي أهم هذه القوانين!؟
– قانون بنك التنمية الصناعية وهو قانون ذو أهمية قصوى لأنه يعمل على فتح آفاق صناعية جديدة بالبلاد لابد وان تجد حظها إذا كنا نهدف إلى صناعة متكاملة، أيضاً هناك قانون الأموال المرهونة ولقد طلبنا هذا القانون لاجراء بعض التعديلات عليه، خاصة وانه يعد من القوانين السلطوية ونلحظ بأن الشكل العام له به بعض الاشكالات، فمثلاً اذا أخذت قرضاً من البنك لمنزل بسعر (100) مليون جنيه بعد فترة السماح يكون البنك هو الشاكي والقاضي في آن واحد، وهنا لابد من قوانين صارمة لعملية القرض منذ البداية، وكذلك نريد أن نمنع دخول الوسطاء تماماً في مثل هذه القضايا.
* يقال إن هناك تعديلات في قانون الاستثمار؟
– سمعت بها مثلكم ولكن إلى الآن لم يأتِ لنا هنا وعلى كل حال فأن قانون الاستثمار رغم أنه يعد من أميز القوانين الا انه يحتاج إلى مراجعات في بعض مواده ليكون هناك مزيد من الاستثمارات الاجنبية، وعلى كل حال الاستثمار له مقومات أساسها الاستقرار السياسي والأمني ونلحظ بأن ذلك متوفر في السودان إلا من بعض التفلتات التي نلحظها هنا وهناك، وبشكل عام فان عملية النافذة الواحدة التي رأيناها بوزارة الاستثمار سهلت كثيراً للمستثمرين وقللت من بيروقراطية المكاتب، وهذه البيروقراطية لها مسببات أهملها قلة التجربة لدى العاملين بهذا القطاع ولكن أعتقد بأن الخارطة الاستثمارية هي الأساس في هذا العمل، لأنها تعمل على توضيح كل الموارد التي يمكن أن يستثمر فيها بالسودان ليعرف المستثمر أين يريد ان يستثمر.

الوطن[/ALIGN]