رأي ومقالات

الذكرى الثانية : انتفاضة مسروقة وفكر عاجز ودستور ميت !

[JUSTIFY]أن تهتف الحشود الهادرة في ميدان التحرير (مش ريسنا.. مش ريسنا.. انت يا مرسي مش ريسنا)، وتمضي وهي تطالب بإسقاط الرئيس وما تسميه نظام المرشد، وأن يُرمى الرئيس التونسي بالحجارة هو ورئيس حكومته، وأن تصل الخسارات الإجمالية لدول الربيع المائة مليارية الثانية، وتقفز نسبة الفقر في اليمن من39 في المائة إلى 52 في المائة ليصبح عدد الفقراء حسب البنك الدولي 12 مليونًا، وتتضاعف أرقام البطالة، وتصل إلى المخاوف الجديّة فاجعةُ (المجاعة)، فهذا يعني أنّ الرّبيع وهو في خواتيم عامه الثاني وبداية عامه الثالث، لم يعد طلقًا ولا يختال أبدًا، بل فشل في تحقيق الطموحات والمحافظة على شعبية التغيير إلى الآن على أقل تقدير، وتعريف الفشل البسيط هو القصور في تحقيق الأهداف، وأهداف الربيع (عند من يرونه ربيعًا) كانت ضد الفقر، والقهر، والتخلف ومع الحرية، السلام، التنمية، فكيف حدث الانحراف، وكيف صار مشروع الغضب مشرعًا للانتقام لا تنقضي عجائبه، حتى انتهى بعودة الثائر ليقول ثورة كعب داير!

في الكرّة الأولى استطاعت الأجسام السّياسية المنظَّمة تجيير المظاهرات والتحرّكات الشعبيّة لتنصب في قالبٍ من القطيعة مع التاريخ الحداثي للعقل المصري والتونسي على حد سواء، فجُعل كل الماضي (خطيئة) ووقودا للثورة، متناسين تجربة الإنسان المصري والتونسي وتاريخه السياسي والثقافي والقانوني المتراكم، واستطاع كثيرون منهم أن يوهموا الجماهير ويتقوّلوا عليها وأجندتها، فألبسوها مطالب أيدويولجية لم تكن ضمن أجندتها الواضحة، وهتافاتها التي شهدتها الميادين، لأجل رغيف العيش وفسحة الحرية، فأصبح حال الجمهور كحال الأعرابي المُشتكي: قُلت لهم إنّي جائع، فاشتروا لي جُبة وعمامة! وماذا يفيد الكساء للجائع، إنما طلبي الحساء.

الدّستور ليس الحساء المقصود، ولكنّ النقاشات المستعرة حوله كانت ترفيّة، فالجدال المستعر حول الدساتير العربيّة الجديدة، تقدّم الأجوبة الصحيحة على الأسئلة الخاطئة، وتتجاوز ما يجب أن يُناقش إلى غيره، فأهملت مواضيع إرادة التعاقد الاجتماعي ورعاية الحريّات الاجتماعية والدينيّة، ومهام أجهزة الدولة وأسس إدارة توزيع الثروة والسّلطة وتداوليتها، وتمّ تركّز الحوار على هلاميّات تهوِّم في الفضاء الإيديولوجي، خلقت حالة من الصراع السلبي، وخلطت الغيب بالحاضر، وأوغلت في البلاغيات، كل هذا استنادًا لا إلى برامج أو حوارات وورشات للأحزاب ومنظمّات المجتمع المدني والأهلي، ولكن انفعالاً وتسميا بأوهام الشرعيّة الثوريّة، وإفراطًا في ممارسة التكسّب السّياسي، وأجواء النقاش كانت بعيدة كل البعد عن منابر المثقفين والأكاديميين والورشات، وصارت كلّها معركة من معارك العرب الوهميّة، ولم تحضر الإرادة الشعبيّة بوضوح في النّقاشات، لاختلاف الهموم، فهذا الجائع لا يغريه الجلبَاب والعمامة التي يُباهِي بها السّاسة، الآن على الأقل.

وهذا ما يفسّر ضعف الإقبال الذي لقيه التصويت على الجولة الأولى من الدّستور المصري، فنسبة الإقبال على الدّستور لم تتجاوز 31 في المائة، حسب تصريحات مسؤولين من الإخوان لكريم فهمي (نيويرك تايمز، 16 ديسمبر(كانون الأول) 2012).

قبل أكثر من ثلاثة عقود، وبعد أن مرّ السّودان بتجربة فاشِلة، كتب الشاعر والسِّياسي السّوداني، محمد أحمد المحجوب (ت 1976) في كتابه الديمقراطية في الميزان، تلخيصًا ظريفًا للنقاشات الهلاميّة إذ يقول إنّ المعركة حول الدستور- كانت عقيمة، كان يجب أن لا يقوم جدل حول إسلامية الدستور أو علمانيته، كان بوسع السودانيين أن يحصلوا على دستور دونما الحاجة إلى دعوته دستورًا إسلاميًا ويتابعوا ممارستهم للإيمان الإسلامي ويستفيدوا من تعاليمه المتسامحة (ص183). الذي حدث جرّاء نقاشات لا معنى لها، أنّ السّودان إلى الآن لم يستقر على دستور دائم، وكلّ ما تعاقب عليه كان دساتير منحة وأوامرا دستوريّة عسكريّة، بينما بقيت الثغرات الاجتماعية في العقد الاجتماعي شاخصة، إلى أن انفصل بسببها جنوب السّودان، فالاصطفاف مجرد الاصطفاف- تجاه وثيقة التّعاقد على أساس أيديولوجي، يصدّر إلى المستقبل قنبلة موقوتة تنفجر وتتسبب بالانشطار.

لن يكون التكرار سمجًا لو قلنا إنّ سؤال المرحلة ليس سؤالاً أيديولوجيًا، بل هو سؤال تنمية وتخطيط واستراتيجية، وللأسف فإنّ من تقدم لقيادة الزمام هم رجال أيديولوجيا بعيدون كل البعد عن فضاء تخطيط البناء، حسبما تدلل نتائج العام الثاني للربيع، ولا زال عليهم الإجابة على سؤال واضح هل من الممكن أن يقدموا اليوم حلاً لأزمة الفقر العربي أو الفكر الإسلاموي، والانتقال من الأمّة إلى الدّولة، لا عن رؤية براغماتية ولكن عن إيمان؟ والجواب مفتوح تسطّره الأيام، وأعوام الربيع الذي كسر عجلة الإصلاح تُسطّر، وإلى الآن فإنّ اللا الكبيرة تتسع، ولم يعد بوسع الشّعب الصبر عليها، وعلى محاولة أخونَة مؤسساته، وتحويلها لخادم تيار واحد، ودولة شموليّة، تُعيد انتاج الاستبداد.

في الختام، فشل جديد، ولكنه هذه المرة معكوس، تمليه الإشارة كانت الإشكاليّة في مرحلة سابقة تتمثل في كيفية إدماج فئة من المؤدلجين من التيّارات الدّينية في الوطن ومفهوم المواطنة، ولكن الأزمة المُضحكة الآن- تتمثّل في محاولة الحاكمين الجدد تكييف الوطن ومؤسساته في منهج المؤدلجين ليكون خادمًا للفكرة، وعلى هذا يثور الشعب الآن. فهل ينجح أو يتعظ الحاكمون الجدد؟

160056606 e1359202920446

المجلة
عمر البشير الترابي[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. لو سئلت هذا الرجل في الصورة عن كلمة دستور تجدة لايعرف فقط شخص مؤجر

  2. ان تسمية الربيع العربى نفسها هى اكبر دليل على انهزامية وخواء فكر الصفوة او الطليعة المثقفة والتى هى فى الاصل ربائب واذناب للغرب والاستعمار الجديد القديم ومصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ) . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن . ذلك ان تسمية الربيع العربى من اطلقها هو باراك اوباما ومن بعد الية الغرب الاعلامية الضخمة وهى ليست بربيع عربى هى انعتاق من عملاء الغرب وصنائعه الذين ما كانوا يتحركون الا باوامر من الغرب والصهيونية تخطيطا وتنفيذا لمؤامراتهم واحقادهم ومكرهم وان كان مكرهم لتزول منه الجبال كما ذكر فى القران الكريم . هذه هى الديمقراطية التى يتمشدق بها عملاء الغرب والامريكان ويتباكون عليها ويدبجون فيها ويسكبون عليها كثير من الدمع الكذوب حتى اذا جاء الحق والاسلام عبرها انفضح زيف دعاويهم وتفاهتها وحقيقة تباكيهم ودمعهم هم يريدون ديمقراطية العلمانية وفصل الدين من شئوننا والفساد والعرى والتردى الاخلاقى لكن اذا جاء الاطهار الانقياء عبرها خرجوا وتنكروا على قواعد الديمقراطية اليس مرسى من انتخبته الجماهير اليس هورئيس فعلى لمصر ويعبر عن تطلعات اهلها مالكم كيف تحكمون الآن هوى صنم الديمقراطية التى ظلوا عليها عاكفين وتمايزت الصفوف تماما وانكشف الزيف والخداع الذى يمارسه عملاء الغرب فى الداخل او الخارج والله متم نوره ولو كره الكافرون لك الله مرسى واعانك على نفسك ونصرك واعزك واعز فكرتك وحكم فينا شرعه ومنهاجه ونصر الاسلام واعز جنده