جعفر عباس
لحظة الحقارة
الأمريكان هم الذين ابتكروا ما يسمى «تلفزيون الواقع»، وليس عندهم قشَّة مُرّة، (بضم الميم وفتح الراء المشددة) وعندما يقول سوداني إن فلان ما عنده قشة مرة، فإنه يقصد أن ذلك الفلان لا يمانع في فعل او تعاطي أي شيء، وهكذا فإن هناك قنوات تلفزيونية أمريكية تعرض برامج ياكل المشاركون فيها الصراصير والديدان، وأخرى فاضحة كل من يشارك فيها يجلس «ربي كما خلقتني» يعني حتى بدون بامبرز.. وبرنامج لحظة الحقيقة في نسخته الأمريكية يسأل المتسابق عن كل شيء في حياته الخاصة، فيضطر المتسابق الى كشف أسرار حياته التي ما باح بها قط لقريب او حبيب او صديق، والتلفزيون تجارة يتوقف نجاحها على قدرة برامجه على شد واجتذاب الزبائن (المشاهدين)، ومن ثم الإعلانات التجارية، وحتى في مجال الصحف في الدول الغربية فإن الصحافة الصفراء المتخصصة في الفضائح ونهش الأعراض هي الأكثر مبيعا، ولكن برنامج لحظة الحقيقة يكشف مدى حقارة بعض الناس الذين لا يمانعون نشر غسيلهم القذر أمام الملايين.. وإليك نماذج من الأسئلة: هل تكره أمك؟ هل تشتهي زوجة أبيك؟ هل سبق ان سرقت شيئا من مكان عملك؟ هل خنت زوجتك مع صديقتها؟ هل عندك ميول جنسية شاذة؟ هل كانت لديك علاقات حميمة مع قريباتك؟ (جعلت أسئلة النماذج هذه بصيغة المذكر، لأن ما يخص منها المتسابقات من النساء ما يتحكيش)، واعتقد ان «الحق» هنا ليس على الأمريكان بل «الطليان»، أي المشاركين، الذين يعرضون لحومهم وأعراضهم وخصوصيات حياتهم الشخصية والعائلية للنهش والبيع.
في النسخة العربية لهذا البرنامج – وتوقفت عنده كذا مرة لدقائق معدودة لاستمع إلى «نوعية» الأسئلة -لاحظت كيف تأتي فتاة ورأسها مثل الكرنب أي محكم التغطية بعدة طبقات من الأقمشة، حتى لتحسب أنها ستقدم برنامجا في قناة اقرأ او الرسالة.. وما دون الحجاب بلوزة تكاد ان تنفجر وبنطلون لا يمكن نزعه من جسمها إلا ببنج كامل تحت إشراف اختصاصي في المسالك البولية.. مثل هذه الفتاة تعاني عقدة الذنب لأنها تشارك وهي تعرف سلفا أن الأسئلة والأجوبة ستنزع عنها الحجاب وما دونه ولكنها تحرص على الأقل على إعطاء انطباع بأنها «منضبطة» عندما يظهر الجزء العلوي من جسمها على الشاشة
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
الله ينور عليك يا ابو الحعافر لو كل الكتاب مثلك يكتب بما يستطيع ويعرى التلفزيونات والصحف المستنسخة والتى تنقل للناس اوساخ الاخرين وكانها من ابتكاراتهم لبارت بضاعتهم