تحقيقات وتقارير

الأسمدة الفاسدة .. عندما يتحول الترياق الى سم

[JUSTIFY]أوقفت السلطات الجمركية ببورتسودان حاوية سماد في مطلع الشهر الماضي بعد أن كشف المعمل الجمركي أن بها مواد مشعة.. وكانت الشحنة في طريقها لمشروع حلفا الزراعي قادمة من اليابان عن طريق الصين وتمت إعادتها إلى دولة المنشأ فوراً لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هل هذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها شحنة مشعة للبلاد؟ أم أن هنالك شحنات «فلتت» من الرقابة؟ والسماد العادي المستخدم لتسريع الإنتاج هل يستخدمه المزارعون بصورة علمية صحيحة أم أنه لا توجد ضوابط في استخدامها؟ وهل يؤثر السماد على صحة الإنسان العامة؟ حاولنا الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال هذا التحقيق:

اضبط .. سماد مشع

المقدم شرطة خالد أحمد محمد ممثل المعمل الجمركي بورتسودان، تحدث لوسائل الإعلام في ندوة حماية المستهلك التي أُقيمت بعنوان «الاستدعاء والاسترجاع وإبادة السلع» عن الحاوية التي تحمل شحنة سماد مشع والتي دخلت بورتسودان قبل شهر تقريباً في طريقها لمشروع حلفا الزراعي قادمة من اليابان عن طريق الصين، أكد أنهم أعادوها إلى دولة المنشأ بعد اكتشاف أن نسبة الإشعاع الموجودة فيها «30%» واعتبرها موادّ ضارة لأن المعدل الطبيعي للإشعاع «10%»، ووصف الأمر بالجريمة المنظمة ضد الشعب السوداني تحت استغلال علاقته الطيبة مع الصين لأن الباخرة لا تحمل بيانات رسمية على حد قوله، إلا شهادة صغيرة مكتوب عليها هيروشيما الأمر الذي يربط الحدث بباخرة الخليج، التي اكتشفت بها مواد مشعة منتجة في هيروشيما، ودعا لمتابعة القضية عبر الإنتربول لمعرفة من أين جاءت الحاوية، وشكك في وجود شبكات عالمية تصدر موادّ مشعة وضارة لدول العالم الثالث وأشار إلى تهميش هيئة الطاقة الذرية ببورتسودان، وافتقارها إلى الإمكانات، إضافة إلى غياب وزارة الزراعة متمثلة في وقاية النباتات التي لم تبدِِ أي اهتمام بأمر الشحنة المشعة ولم تتحدث عنها نهائيًا .

معلومة خطيرة

بإحدى مزارع شمال بحري التقينا بعض العاملين في مجال الزراعة المحمية و بما أنهم خريجو كليات الزراعة فإنهم يستخدمون السماد بالصورة العلمية إلا أن طمع أصحاب بعض المزارع يجعل بعضهم يستخدم سمادًا مضرًا بالرغم من علمه بذلك، كما فعل أحدهم من دولة مجاورة بأن ادخل سمادًا ممنوعًا من مشتقات الكبريت إسرائيلي المنشأ بعد أن غلفه باسم آخر للسماد المسموح به من دولته وأدخله للسودان، ويعتبر هذا نوعًا آخر من التهريب، وأفاد مصدرنا أنه عندما يتم استخدامهم لهذا النوع من السماد الخطير يتم إلباسهم ملابس واقية لا تكشف حتى عن العيون، هذه دلالة على مدى خطورته وإمكانية تسبيبه في أمراض كثيرة وخطيرة .

عشوائية التسميد

تعج الأسواق بالمنتجات الزراعية في مواسم غير مواسمها الإنتاجية «كإنتاج الطماطم في فصل الصيف» يأتي ذلك نتيجة لاستخدام السماد الأمر الذي قد يشوِّه شكل المنتج أو يغير طعمه وحجمه لأن الاستخدام غير صحيح لذلك كان لا بد من الاتجاه إلى المزارع للوقوف على حقيقة الأمر فكانت لنا جولة بمزارع شمبات بحري التقينا الفاتح إسماعيل الذي يعمل بالحرفة لسنوات طويلة أوضح أنه يجلب السماد من السوق الحُر دائماً دون وجود أي رقابة أو إشراف أو تعريف بطريقة استخدامه من أي جهة مختصة على حد قوله، فقط يستعين بخبرته الطويلة في المجال وبين أن أكثر أنواع الأسمدة استخدامًا هو اليوريا حيث يتم وضعه في الأرض حسب الحاجة ونوع النبات وقد استشهد بمحصول البطاطس الذي يحتاج إلى «10» جوالات سماد للفدان الواحد في الوقت الذي تحتاج فيه الطماطم إلى ثلاثة جوالات أثناء الموسم الواحد وقد عزا استخدام سماد اليوريا لكونه سريع المفعول أخبرنا أنه خاض تجربة البيوت المحمية من قبل في زراعة الخيار لمدة عام كامل ونجح فيها بسبب استخدام التسميد الكيميائي «اليوريا» السريع المفعول القليل التكلفة في الوقت الذي يحتاج فيه الفدان الواحد إلى طن كامل من السماد الطبيعي المكوَّن من روث الحيوانات والذي لا يظهر مفعولاً بالأرض إلا بعد ثلاثة مواسم إضافة إلى سعره المرتفع كما أنه أفادنا بعدم وجود أي مراقبه على المزارعين من أي جهة مختصة ما عدا بعض المنشورات التي توزعها كلية الزراعه جامعة الخرطوم وقد أرجع اختلاف الطعم للمنتج الزراعي أن السماد غير طبيعي.

للتخصص أثره

أما المزارع حسن السيد فأكد أن التربة الميتة تفتقر للنيتروجين وتحتاج إلى كمية أكبر من السماد الفعال لذا فإنهم يلجأون للكيميائي لأن الطبيعي يحتاج لفترة طويلة من أجل وأوضح أنه تخصص في نظام الزراعة المحمية واعتبرها من التجارب الزراعية الناجحة بالسودان باختلاف المناخات وبما أنه خريج كلية الزراعة فإنه يستخدم السماد والمحاليل بصورة علمية حسب حاجة التربة والنبات.

المواصفات والمقايس

وبما أن سماد اليوريا هو الأكثر شيوعًا في السودان اتجهنا إلى الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس التي أمدتنا بالمواصفة القانونية لها .حيث أنه سماد كيميائي يحتوي على عنصر النيتروجين كعنصر تغذية أساسي. ويجب أن تحتوي على هذه الخواص:

الخواص الفيزيائية

يكون المنتج على شكلين: حبيبات بيضاء اللون تذوب في الماء «ذات تأثير قلوي. إضافة إلى أن تكون بلوريةPrilled« »Granulated ويجب ألا تقل نسبة الحبيبات ذات «الحجم من 4 مم إلى 2.5 مم عن 90%. كما يجب ألا تقل البلورات ذات الحجم من1 مم الى 2.8 مم عن 90%.. يجب أن تكون خالية من الشوائب. وألا يزيد محتوى الرطوبة عن 0.5%.

الخواص الكيميائية

ألا يقل محتوى النيتروجين عن 42%. ألا يزيد محتوى البيرويت عن 1%. ألا يزيد محتوى الأمونيا الطليقة عن 0.03%. حسب إفادة المواصفات والمقايس فإن السماد يعتبر غير مطابق للمواصفات

أ. إذا خالفت الديباجة المعلقة عليه حقيقة مكان صناعته أو أي من المعلومات الواردة بالديباجة.

ب. إذا أضيفت إليه أيٌّ مادة أخرى أو حذفت منه أو تم تخفيض أيٍّ من عناصره بما يقلل من جودته أو يؤثر على نوعه أو طبيعته المحددة في المواصفات المجازة بناءً على اللوائح الصادرة بموجب أحكام هذا القانون.

ج. تغيير تكوينه أو تغيير خواصة الكيمائية أو الفيزيائية كلياً أو جزئياً بالقدر الذي يجعله صالحًا أو بالقدر الذي يشكل خطراً إضافياً على صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة.

شروط تعبئة السماد

يجب أن تكون الأسمدة الصلبة معبأة في أكياس بلاستيكية مناسبة لا تسمح بدخول الرطوبة ومغلفة من الخارج بألياف صناعية أو طبيعية على ألا يزيد الوزن الصافي للعبوة عن 50 كيلو جرامًا. في حالة السماد السائل تكون العبوات البلاستيكية من مادة البولي بوربلين.
كما يجب أن تطبع البيانات الأساسية بكل من اللغتين العربية والإنجليزية على كل عبوة وتحتوي على اسم السماد المركب واسم المنتج وعنوانه «بلد المنشأ» كذلك أي تحذير مرتبط بالمنتج مع تاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية ورقم التشغيلة وبيانات عن طرق الاستخدام.

قانون الأسمدة

لقد تم وضع مسودة قانون الأسمدة الذي اشتمل على إنشاء السجل الخاص بالأسمدة اضافة الى تسجيل المادة وتسجيل وشطب الأسمدة حسب اللوائح. وإجازة المواصفات القياسية لها إضافة إلى فحصها وتحليلها وتوصية المعامل المؤهلة للفحص وتحليل الأسمدة و الترخيص بالتصنيع والتجهيز أو تجديد الترخيص أو الغائه وفق اللوائح الرقابية للتخلص من الأسمدة غير المطابقة للمواصفات أو حظرها وتقييد استخدامها إضافة الى إنشاء جهاز للتفتيش والرقابة .

سماد ليوم واحد

بجامعة الخرطوم التقينا أستاذة البساتين رقية التي أفادت أن البيوت المحميه تحتاج إلى كمية كبيرة من المحاليل التي تعتبر مكملاً غذائيًا للنبات مبينة أن هناك مواد مسرطنة ومضرة بصحة الإنسان مستشهدة بمحصول الخيار الذي يضاف إليه بعض الهرمونات التي تساعد على نضجه في يوم واحد فقط بدلاً من ثلاثة أو أربعة أيام لمرحلة نضوج مكتملة حيث تكون في الصباح «زهرة» وتقطف آخر النهار «ثمرة» وهذا مضر جداً بصحة الإنسان رغم هذا فإن هنالك مزارع استثمارية تستخدمها ولاية الخرطوم على حد قولها ونفت استخدامهم الخاطئ للمحاليل داخل البيوت المحمية بالجامعة حيث يضيفونها حسب طور النبات.

إشكالية المبيدات:

أوضحت المهندسة الزراعية وفاء ميرغني التي تعمل داخل بيوت محمية استثمارية أن السماد هو غذاء النبات ولا تأثير له على المنتج إلا أن الإفراط فيه يؤثر على التربة حيث يقوم بتدميرها وبالتالي تصبح غير صالحة ولا تأثير له على النبات الذي يمتص ما يحتاج إليه فقط ويغوص المتبقي في الأرض ويمكن أن يصل الأثر إلى المياه الجوفية فيما بينت أن المبيدات هي التي تعتبر مهددًا صحيًا للإنسان خصوصًا في حالة قطف الثمار قبل انتهاء فترة الأمان«الفترة التي يقضي فيها المبيد على الآفات»

جامعة الخرطوم.. المرشد الوحيد

تقوم كلية الزراعة قسم الإرشاد الزراعي بجامعة الخرطوم بتقديم دورات تدريبية للمزارعين بمختلف أعمارهم حيث يقومون بتدريبهم على كيفية استخدام الأسمدة ورش المبيدات وكيفية الاهتمام بصحة التربة والنبات هذا ما أكده القائمون بأمر المعرض السنوي للكلية بمقر الجامعة وتعتبر الجهة الإرشادية الوحيدة للمزارعين.

رأي خبير

الخبير في مجال الأسمدة البرفسور عبد المنعم التلب أفاد أن السودان لم يصل حتى الآن إلى مرحلة أن يسمد مزارعوه التسميد الصحيح حسب المواصفات العلمية مبيناً أن السماد الأكثر استخدامًا هو اليوريا وهو يتكون من النيتروجين والهيدروجين والأوكسجين ويعتبر مكملاً غذائيًا للتربة لأن تربتنا تفتقر إلى عنصر النيتروجين حسبما أفاد ونصح باستخدامه لأنه اقتصاديًا يناسب تربتنا مؤكدًا أنه غير ضار بالصحة لأنه يذوب في الماء وتمتصه التربة، أما في حالة استخدامه في الوقت غير المناسب والكمية غير المناسبة فإنه يفقد قيمته مضيفًا أن أي عنصر كيميائي له نظير مشع ولكن غير مستخدم في السودان إلا في التجارب وفي إطار محدود جدًا فإذا كانت هناك مضار صحية فإنها تأتي من المحاليل الكيميائية المستخدمة في البيوت المحمية التي تكون تربتها رملية إضافة إلى المبيدات الحشرية التي ترش على النباتات الورقية.

حماية المستهلك تستنكر

رئيس جمعية حماية المستهلك الطوعية د. نصر الدين شلقامي استغاث بالمسؤولين من أجل حماية صحة الإنسان واستنكر الغياب التام لوزارة الصحة ووزارة الزراعة متمثلة في قسم الإرشاد الزراعي ووصفها بغير المسؤولة تجاه واجبها الإرشادي وتوعية المزارعين ومراقبتهم لأن معظمهم لا يستخدم السماد ولا المبيدات بطريقة علمية سليمة، على حد قوله، مبيناً أن حماية المستهلك جمعية تطوعية لا يحكمها قانون يقتصر دورها في توعية المواطن فقط مضيفًا بقوله: «حتى إذا ذهبنا للمزارعين وتحدثنا معهم فإنهم ينتقدوننا بقولهم بـ «صفتكم شنو؟؟» أما عن الشحنة المشعة فأكد أن المعمل الجمركي قام بأداء واجبه على أتم وجه إلا أنه استنكر بشدة عدم وجود تحقيق في الموضوع من أين أتت الشحنة؟ ولماذا قصد بها السودان، وأوضح أن هنالك قصورًا من الأجهزة الأمنية والشرطية والأمن الاقتصادي تجاه الموضوع، ولم يستبعد دخول بعض الحاويات غير المطابقة للمواصفات للبلاد في وقت سابق.

خبراء التغذية يحذرون

د. أميمة صابر قسم الله اختصاصي التغذية أوضحت أن تأثير الأسمدة على المنتجات المزروعة تكون في شكلها وحجمها وطعمها بالتالي فهي تؤثر سلبًا على صحة الإنسان، فهذه الأسمدة عبارة عن مواد كيميائية سامة ويكون التأثير طرديًا مع الحجم لأن التكبير يعني خروج المنتج قبل الوقت المحدد له ويتضاءل الأثر السلبي إذا ما استخدم في المدى الآمن «الفترة السمادية المحددة وبالكمية المحددة علمياً» إلا أنها استطردت قائلة «إن استخدام السماد بصورة عامة يفقد المنتوج الزراعي فائدته الغذائية الحقيقية» لأن حجم المنتج يزيد في فترة أقل من الطبيعي وهذا يعني أنه لم يتضمن مواد طبيعية موجودة في التربة أثناء عملية النمو لأن التربة تمد المنتج الزراعي بالفوائد الطبيعية والسماد يعمل على تكبير حجمه ونضوج الثمرة في فترة أقل من المقررة ونبهت على تنظيف المنتج جيدًا قبل تناوله لأن معظم المزارعين لا يهتمون بنظافته الأمر الذي يجعل تناوله عبارة عن تناول للسموم الكيميائية بصورة مباشرة فيتسبب في أمراض وقتية مثل الإسهالات وتقلصات المعدة والبكتريا المعدية ونبهت المواطنين على اجتناب تناول المنتجات المسمدة التي يمكن ملاحظتها باختلاف الطعم بينها وبين الطبيعي إضافة لزيادة الحجم وإشراق اللون.

صحيفة الإنتباهة
راحيل إبراهيم ــ أم بلة النور[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. يجب الانتباه للاخوة المصريين وجميع ميخ الزراعة إذا قدم من مصر أو الأردن وذلك لأن إسرائيل ممكن تدخل حاجات وأشياء عن طريقهم والكل يعلم الاتفاقية الموقعة بين هذه الدول . والكل يعلم ما حدث في الزراعة في مصر أيام الوزير يوسف والي والأمراض التي أصابت الأرض والبشر عندهم . وللأسف هذه الأمراض بدأت تظهر عندنا وهي أمراض الكبد والفشل الكلوي والسرطانات حمانا الله وإياكم