منى سلمان

كل عام ان شاء الله بخير

[ALIGN=CENTER]كل عام ان شاء الله بخير[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]نفرح بمرور الايام عندما نكون في حالة انتظار وترقب لحدوث حدث قادم من المستقبل، أو عندما نكون في حالة ضيق ونعشم في قدوم الفرج في المستقبل القدامنا .. نحسب الأيام مع زيدان (تمر ايام وتتعده ونقعد نحسب في المدة) .. وننسى أن مرور الايام خصما على اوراق دفاتر (عمرنا الضايع هدر) .. مرتّ ايام رمضان وولت مخلّفة وراءها في قلوب الصايمين و(الداكّين) شيء من حنين ووحشة .. فات رمضان وجانا العيد .. عسانا واياكم من عوّاده ..
حكينا من قبل عن الزيجات عابرة القارات حين يتزوج (ضرب مثل يعني) ابن الشمالية من بنت كردفان ويتّخذا في الخرطوم عشّا لسكن واستقرار اسرتهما الناشئة .. فكلما سعت تلك الأسرة لان تغرس جذورها في تربة الخرطوم الجافة الفقيرة، جاءها العيد واقتلع تلك الجذور اقتلاعا، وقذف بها في دروب السفر بين الشمالية وكردفان، فمعاناة الاسر عابرة القارات لا تظهر على السطح بصورة سافرة إلا في الاعياد، لان حلاوة طعم العيد لا تكتمل بدون الأهل، وبالتالي يكون التحدي الحقيقي امام شريكّي تلك الزيجات في شكل خيار:
العيد وين؟ .. مع (أهلي وللا أهلك) !!
وهذا تحدي تعيشه الكثير من الأسر الناشئة، وكم من شكلة لـ (باب السما) قامت بين زوجين، لا لسبب سوى ايجاد الاجابة للسؤال الصعب:
العيد وين؟
فقد سمعت عن زيجة انتهت بالطلاق بعد سنين العشرة والعيال، بسبب رغبة الزوج الدائمة في قضاء العيد مع أهله وتجاهله لرغبة زوجته في نفس الشيء، وعندما اتفقا بعد طول خلاف على قسم البلد (نصّين)، بأن تحمل هي نصف الكوتة من العيال وتتوجه لقضاء العيد مع أهلها، ويأخذ هو النصف الآخر وينطلق لأهله بدون شر، ولكن ربما أنانية الزوج وربما انقطاع القسمة هي ما دفعته للاصرار على (مكاوشة) العيال جملة لحسابه بحجة أن اهله يرغبون في رؤيتهم كلهم، ليكون اصراره هو القشة التي قصمت ظهر زواجهم في العيد وبسبب العيد !!
كنت واخوتي نتاج واحدة من الزيجات عابرة القارات، بين أبي (ود الجزيرة) وأمي الأمدرمانية (بت بيت المال)، وكان غرس نبتة تلك الزيجة على تربة (الثورة)، لذلك كان العيد عندنا في الصغر موسما للهجرة إلى الجزيرة .. في البدء كنا نشدّ الرحال صوب ارض المحنّة وقلب الجزيرة (ود مدني)، لنعرّس بركبنا بين ربوعها (خمستاشر) يوم العيد، ثم ذاد عددنا وزادت الالتزامات والتكاليف التي كانت تجبر أبي على اختصار المدة والعودة للخرطوم، فصارت ايام عيدنا في الجزيرة (خمسة) .. ثم تقلصت لـ (ثلاثة) ثم اختصرت إلى (عيد آه .. وعيد لا) قبل أن تؤول إلى الزوال، بعد أن تجذّرت جذورنا وضربت في باطن ارض (الثورة).
ثم كان نصيبي في الزواج عابر القارات كـ نصيب أمي، بعد أن تزوجت من (ود الجزيرة) فصارت خياراتي وعيالي، بين الـ (خوة فرتق) بأن نفترق ليقضي كل منا العيد في حضن اسرته، أو أن نشدّ (أنا وعيالي) معه الرحال إلى الحلّة، وليس في ذلك بأس فـ بتلك الشدّة نضرب بحجر عيدنا ثلاثة عصافير .. وصل رحم أبي بزيارة أهلي الحنّان .. ويستمتع أبنائي بصحبة أبناء عمومتهم، ونكفي أنفسنا شر فرتقة الخوة مع (سيد الاسم) .. ولكن تكون المنقصة الوحيدة هي افتقادي لصحبة اخوتي في العيد، ويستمر الحال على ما هو عليه حتى تدور دورة الحياة وترسخ جذورنا في تربة الخرطوم، ليأتي الدور على الابناء ويأخذوا نصيبهم مع اسرهم الناشئة في مواسم الهجرة في العيد .. وان كنت مصرة على تجنيب ابنتي (الري) ذلك .. غايتو ناوية ما أعرّسا إلا لـ (ود خرطوم) أبا عن جد، عشان تبعد عن شر الزوزوة ومواسم الهجرة بين البلدان في الاعياد.
عايدني الكثير من احباب اللطائف عبر البريد وتمنوا لي أن لا يفاجئني العيد كما فاجأني رمضان من قبل .. أقول لهم ما تخافوا .. المرة دي بدري بدري .. تهيأنا للعيد وجهزنا حالنا ورحالنا لرحلة الجزيرة، محل الناس الـ (بجوا يسلّموا كتير)، على قول عيالي عند ملاحظتهم للفرق بين دخول المهنئين الكتار صباح العيد .. فـ طعم العيد في الاقاليم يفرق كتير عن عيد الخرطوم المسيخ، بعد أن تكاسل الناس فيها عن التزاور واكتفوا بمعايدة الرسائل والتلفونات .. كل سنة وانتوا ونحنا بخير. [/ALIGN] لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

تعليق واحد

  1. اولا مقالك عن العيد والمعايدة والفرق بين معايدة الاقاليم والخرطوم جميل ثانيا ياريت كل الناس يحكي مقال بالبساطة واللغة السلسة دي . لست مبالغا ان قلت لك ان مقالك وجدت فيه فهما ووعيا وحلا لكثير من المشاكل الاجتماعية ولااطيل شكرا.