تحقيقات وتقارير

د. غازي صلاح الدين.. ملامح الخروج

[JUSTIFY]عندما وقف القيادي البارز بالحركة الإسلامية د. غازي صلاح الدين العتباني ليدلي بدلوه كبقية إخوانه في المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية يوم مداولة المجتمعين حول دستور الحركة، علا التهليل والتكبير لدقائق معدودات، حتى أن غازي صعُب عليه الحديث لحظتها، وكان ذلك بمثابة استفتاء لشعبية الرجل وسط إخوانه، ولكن للمفارقة أن اجتماع مجلس الشورى الذي انعقد بعد يومين من جلسة تعديل الدستور، قال غير ذلك، حيث تم ترشيح الزبير أحمد الحسن للأمانة بالتزكية عقب اعتذار غازي، الذي وصفه القيادي بالحركة د. مصطفي عثمان إسماعيل بالانسحاب، واعتبره خطوة ذكية من غازي كونه قرأ المشهد أمامه وتيقن بعدم فوزه.

لكن سرعان ما دارت الأحداث في اتجاهات أخرى، وأعلنت الحكومة إجهاض محاولة إنقلابية قبيل ساعة الصفر، وضح أنها إسلامية كاملة الدسم.. المهم، وجد غازي نفسه في موقف لا يُحسد عليه، بتداول مجالس المدينة تورطه فيه، ومن الممكن أن يكون مرد ذلك اعتباره المفكر والعقل السياسي للانقلاب، بينما قوش وجهه الأمني، وود إبراهيم وجهه العسكري.

منذ سنوات طويلة، ظل غازي من دعاة الإصلاح، وجاهر برأيه حول مسيرة الإنقاذ، وقد رُوي أنه بدأ تلك المسيرة منذ العام 1992م، بل فكر الرجل في تخصيص موقع على الانترنت بذات الخصوص، لعدم وصول صوته بالشكل المطلوب.. لكن الحديث أن غازي من دعاة الإصلاح، وهو الذي تقلد عدداً من المناصب في الإنقاذ كان آخرها مستشاراً للرئيس – مستشاراً «مالي» مركزه، إذ تباهى ذات مرة أنه لا يشكو قلة المهام، كأنما أراد أن يقول إنه ليس كبقية مستشاري الرئيس الذين، جاء وحمد الله عنهم في حوار أجراه معه المجاهدون في الشبكة العنكبوتية،أن الشعب السوداني قد وفّر لهم نفقتهم.. هذا بجانب آرائه بشأن اتفاقية السلام الشامل، وهو الذي كان المفاوض الأول قبل أن يتم سحبه لمصلحة النائب الأول علي عثمان محمد طه، والتي فيها كثير من الانتقاد الصريح والمبطن للحكومة نفسها، بجانب فتحه ذات مرة خطاً للنقاش، وبشكل أدق للحوار مع حسن الترابي، بعد أن تبودلت بينهما الرسائل، وهو الأمر الذي أقلق كثيرين جداً بالمؤتمر الوطني، ورأوا خطورة تلك الخطوة على مستقبلهم داخل الحزب، رغم أن غازي كان واحداً من أصحاب مذكرة العشرة التي كانت بداية انشقاق الإسلاميين إلى حزبين «وطني وشعبي»، كل تلك الأسباب مجتمعة وضعت غازي في محطة التيار المناهض لأفعال الحكومة أو حتى الحزب، وبشأن الأخير، كانت له أيضاً مواقف في البرلمان جعلت البعض يضيق ذرعاً بها، سيما وأن غازي من القلائل جداً الذين لا يقفون في المناطق الرمادية، وقد تقدمت كتلة نواب الوطني بالبرلمان بمذكرة إصلاحية أكثر قوة من مذكرة «الألف أخ»، ويقال إن جهات حاصرتها إعلامياً فلم تجد الرواج الذي حُظيت به مذكرة الألف أخ!!

مواقف غازي ولّدت تيارين: التيار الأول، متبرم منه خاصة وأنه من القلائل جداً في الحزب الحاكم من الممكن أن تطلق عليه صفة المفكر، علاوة على أنه صاحب كسب كبير في المشروع الإسلامي، وله مجاهداته التي يعتبرها البعض خصماً عليهم، بجانب أن الصراع غير الخفي بين الأنداد في الحزب والحركة الإسلامية بعد خروج الترابي، من الممكن أن يجعل كل شخص مؤهلاً لخلافة الترابي، وقد نافس غازي وبضراوة حول منصب الأمين العام في المؤتمر السادس، لعلي عثمان محمد طه، وكان الفارق بينهما ضئيلاً. والتيار الآخر الذي بات ينحاز إلى كونه بعيداً من المجموعات المتناحرة في الخفاء، يرى فيه هيبة الحركة الإسلامية من زهد وعفة اليد واللسان وغزارة العلم ومعرفة طرائق التعامل مع الغرب الأوربي والأمريكي، وقد قاد غازي الحوار مع أمريكا في فترة من الفترات، وإن كان هذا التيار قد أحبط حينما اعتذر غازي عن الترشح، وهو الأمر الذي علق عليه الأكاديمي الإسلامي د. عبد الوهاب الأفندي «بتوجيه صوت لوم له»، «لقد خسر الإصلاحيون الرهان بسبب مواقف غازي المترددة»، وهو الاتهام الذي يُوجه لغازي باستمرار كونه يصمت كثيراً ويتردد في بعض الأحايين، لكن على كل حال فغازي قد يكون مرغماً الآن على الظهور بوجه جديد، أو على الأقل اتباع نهج جديد، بمعنى أن وضعيته الآن في الحزب وربما الحركة، قد تستدعي منه نوعاً من المراجعة، وهذا يفتح الباب أمام كل الاحتمالات منها الخروج عن الوطني باستقالة، وتأسيس حزب جديد قوامه إسلاميو الرصيف من المجاهدين والسائحين المخلصين، وربما ينضم إليهم الشعبيون الحانقون من منهج الترابي وعدائه لإخوان الأمس، بجانب انضمام أطراف أخرى، أو لربما حدث تقارب شخصي بينه وقيادات إسلامية أخرى قفزت من سفينة الإنقاذ وأنشأت أحزاباً، مثل الوزير الأسبق الطيب مصطفى«منبر السلام العادل»، والوزير الأسبق أمين بناني «حزب العدالة»، والوزير الأسبق د. حسين سليمان أبو صالح «حزب وادي النيل»، وبالقطع هذا طريق له ثمن باهظ، أو ترتيب وضعيته داخل الحزب بطريقة جديدة، وهذا الأمر بيد الرئيس البشير ولا أحد غيره، رغم محاولة أمين الحركة الإسلامية الزبير ردم الهوة بين غازي والحركة بزيارة قام بها لمنزل العتباني الجمعة الفائتة.

تقرير: أسامة عبد الماجد
الانتباهة [/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. يا دكتور مصطفى الرجل له شعبته وليس كنفاقك اطلع انت منهاوشوفلك بلوة تأخدك

  2. من القلائل الذين يعملون لمصلحة الوطن من وجهة نظري الشخصية أنا من أول المنضمين إلي حزبك ياأستاذ غازي أذا أنشأته

  3. من الواضح أن جماعة المؤتمر الوطني شاءت أم أبت قد بدأت تنقسم إلى قسمين يزداد التباين بينهما يوما بعد يوم إلى أن يصل الأمر إلى مستوى يستحيل معه تعايشهما في ماعون سياسي واحد دون حدوث تراجع من فئة أو آخرى . المجموعة الأولى وهي التي بيدها الحل والعقد وتضم علي عثمان ونافع والجاز وإبراهيم عمر وأحمد الطاهر وآخرون وهي لا ترى أن هنالك أي ضرورة لتغيير نهج الإنقاذ الآني سواء كان ذلك تغييرا سياسيا تنفيذيا أو سياسيا تشريعيا بمعنى إنها غير راضية أو قل لا توافق على التغيير لا في الأفكار التي تساس بها البلاد الآن ولا في العناصر التي تقوم بتنزيل هذه الأفكار واقعا يعيشه الناس . وهي لا تكترث لما تواجهه من نقد من داخل المؤسسة أو خارجها بالرغم من أنها تحاول جاهدة إمتصاص هذه الإنتقادات ولكن يبدو أن هذا الأسلوب لا يكتسب قدرا كافيا من النجاح حتى الآن. أما المجموعة الأخرى و هي التي تنادي بالإصلاح وهي التي توجه النقد المؤسسي الداخلي المشار إليه سابقا تتكون من أناس كغازي العتباني وعبد الرحيم علي وآخرون من قيادات الحركة الإسلامية كان منهم الزبير أحمد الحسن (الذي لم تكن مواقفه الإصلاحية على عدم وضوحها قوية بدرجة كافية) وهناك كثير من قيادات المجاهدين خاصة الشبابية منها في الجيش والدفاع الشعبي . ولم يكن يراد لهذه الإصلاحات إلا تصحيح المسار وضبط إيقاع الإنقاذ الذي بدأ يخرج عن النص بشكل أصبح معه السكوت أمرا غير مقبولا . إذن ما كان للمجموعة الأولى وقد إكتسبت خبرة كافية في سنواتها الماضية خاصة في الأعمال المضادة الوقائية أن تترك الأمر يخلص إلى الدرجة التي يصبح معها التحكم في هذه المجموعة صعبا إن لم نقل مستحيلا . وأن ما أشيع مؤخرا من إحباط لمحاولة تخريبية تضم أفراد من هذه المجوعة لا يعدو أن يكون عملا وقائيا لما قد يتطور اليه النشاطات الإصلاحية لهذه المجموعة وهي لم تتعدى تبادل ما تجود به قرائحهم و التواصل الفكري بينهم . وهذا ما جعل المجوعة النافذة تسرع بالقيام بهذا العمل الوقائي الذي أشار إليه وزير الإعلام . إلا أنه هو الآخر لن يكون كافيا إذ لم يتمكنوا من المساس بغازي العتباني وآخرون كثر سيظهرون في مقبل الأيام إذ الكيل قد فاض والرائحة قد فاحت واساليب المداراة لم تعد تجدي نفعا ولا بد من التغيير بطريقة أو أخرى من داخل المئسسة أو من خارجها .

  4. رجل نزيه وشايل هم الوطن واضح لا يسعي لمصالح شخصيه انتقد اتفاقية (الاستسلام) وكان له رؤيه واضحه ولم ينحني ابدا أو يقدم تنازلات حتى تم استبداله بنائب رئيس الجمهورية في المفاوضات وأثيتت الأيام بعد نظره وصحه مواقفه لو كون حزب لانتقل معه كل الشرفاء في حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلاميه واتمني ذلك لان السودان يستحق رجل مثله .