ود نفاش… مصنع نكات متحرك!! …قصص وحكايات
..لدى «ود نفاش » قصص ونكات كثيرة مع السيد عبد الرحمن ويقال إنه عندما يكون الإمام منزعجًا وحزينًا يرسل إليه موسى ود نفاش ليسرِّي عنه وهو من عرفه الناس صاحب سخرية ونكتة قد تتجاوز أحياناً! وفي مظهره كان دائمًا أنيقًا نظيفًا يرتدي ــ دوماً ــ عراقي «جناح أم جكو» وسروالاً طويلاً و«صيديري» أسود أو لماعًا مع طاقية الأنصار الطويلة.. شخصية ود نفاش وموهبته وسرعة بديهته جعلت الناس يتجمعون حوله في أي مكان، في بيوت البكاء والعرس تجد الناس ملتفين حوله يناكفونه ويسمعون ردوده ونكاته وفكاهته التي ورثها عن والده، كما أخذ عنه الحرفة «حرفة النجارة» رغم أنه لم يعمل بها طويلاً ويقال إن موسى تعلم القرآن في الخلوة وإنه ــ حافظ للقرآن وحافظ لراتب الإمام المهدي بحسب الأستاذ كمال بشرى كأغلب أولاد دفعته ومنهم الشاعر عبد الرحمن الريح وهو يصغره سنًا، لم يتزوج «ود نفاش» لكنه ربى أولاد أخته وأولادهم، و قيل إن موسى ورغم ما كان فيه من هزل لم يتحدث يومًا عن أحد ما بالسوء حتى لو شهد الناس على ذلك. كان يركز على محاسن الناس لا مساوئهم.. وقد يكون هذا مما حبب الناس فيه وكل من يعرفه يقول إن موسى لا يحكي نكتة بل هي رد فعل واقع لأحداث يعيشها ومواقف تحدث معه وله..
جيل نكتة
… تعج ودنوباوي بالظرفاء فهناك ظرفاء الصف الأول وظرفاء الصف التاني والصف الثالث، يرجع محدثنا الأستاذ كمال بشرى وهو ممن عاصر وعايش شخصية ود نفاش إلى أنه بعد ضربة كرري ونهاية المهدية.. والتي أطلق عليها البعض «الكسرة» لأنه «كسَر فيها ظهر المهدية».. كانت السِّمة الغالبة للأهالي في أمدرمان هي الجدية والتجهم وكان الضحك بصوت عال «هيافة».. ثم جاء الجيل الذي بعدهم الذي لم يعاصر المهدية ولا الأحداث الأليمة، ومنهم «موسى ود نفاش» وصحبه؛ وبدأوا يسخرون من كل شيء حتى أنفسهم! وأضحكوا حتى السيد «عبد الرحمن» للنكتة؛ و فتح الإمام وقتها قنوات على شعراء الحقيبة وتجمعوا حوله وكأنما هي ثورة ثقافية وظهر خالد أبو الروس وود نفاش وبابكر جميل.. والهادي نصر الدين، والفاضل سعيد ومحمد شريف علي، ووالده الذي كان أيضًا من ظرفاء أم درمان.. ونتحدث هنا عن «موسى ود نفاش» الشخصية التي كثيرًا ما يظن الناس أنها أسطورة..
بيته
إن منطقة جامع الشيخ قريب الله في ودنوباوي «القبة والمساحة حولها» كانت ملك لـ «عمة» ود نفاش وكان منزل أبيه يقابلها. وبعد وفاتها ورث والده البيت عنها وباعه للشيخ قريب الله الذي جاء من «الشيخ الطيب» ونزل بداية في «الموردة» ثم «ودنوباوي» حيث اشترى الأرض من «ناصر» والد موسى وسكن فيها. ومنزل «ناصر والد موسى» يقع في المنطقة الشمالية لجامع الشيخ قريب الله وإلى الآن موجود.. وبالنسبة للقادم من الهجرة يجد بيت السيد عبد الرحمن «هيئة شؤون الأنصار حاليًا» وأول شارع بعدها شمال ثم الاتجاه جنوبًا تجد المنزل وفي نهاية الشارع جامع الشيخ قريب الله. وهو يشكل «مربوع كامل».. يضم بيته وبيت أخيه «عوض» وهذه ورثتهم هم والأختين من أملاك والدهم.. «عوض» شقيق موسى كان ترزياً وتوفي قبل موسى.. بينما عمل «موسى» بالنجارة كأبيه كما سبق. وأهل ودنوباوي مشهورون بأن كل أسرة لديها مهنة معينة.. هناك أسر «نجارين» وأسر «نجادين» وأسر «عياشة» وهم آل «شاخور» وأسر «تمّارة » يبيعون التمر وأغلبهم دناقلة وكلهم في سوق أم درمان وفي مكان واحد عدا النجارين فهم يعملون في بيوتهم..
قصص وحكايات
محدثنا الأستاذ «كمال بشرى» وهو شقيق اللواء «الهادي بشرى» والي النيل الأزرق المكلف.. حكى لنا عن ذكرياته وأخباره عن ود نفاش ومن قصصه أنه عندما كان في مدرسة المؤتمر الثانوية عندما تأتي سيرة ود نفاش ويقول لزملائه إنه قريبه يستغرب الأولاد لاعتقادهم ــ كما يعتقد معظم الناس ــ أن هذه الشخصية أسطورة كجحا وأشعب وليست حقيقية، فما كان منه إلا أن يصطحبهم إلى منزل موسى في ودنوباوي ويرونه بأعينهم ويتصورون معه ويمازحهم ود نفاش ويطلب منهم أن يدفعوا له مقابل «الشوفة»…
أنصار فقط
في يوم من أخريات أيامه كان ود نفاش جالساً على كرسي في شارع الدومة وجاءت سيدة في عربة تاكسي وقفت بالقرب من موسى وسألته: يا ود عمي بيت ناس «تاج السر سر الختم» بي وين؟ بسرعة التفت موسى إلى صاحب التاكسي: أقيف.. أقيف سوقها معاك! سألته المرأة: ليه؟ قال ليها: نزلتِ غلط؛ في ودنوباوى اسم زي ده ما بتلقي!! «يقصد أنه اسم ختمية»!!
هو وأهل الفن
تشارك ود نفاش والعبادي؛ ــ وهو أيضًا صاحب نكتة ــ في عربة من عربات الحكومة «الملجّنة..» وكان«لوري» شغّلوه في دائرة المهدي «كانت تؤجر اللواري لنقل القطن للمحالج» اللوري اشتغل شهرًا وتوقف لكن السيد عبد الرحمن كان يودهما لذلك استمر صرف إيجار اللوري رغم توقفه.. حتى تخرُّج السيد «الصديق» من الجامعة واستلامه إدارة «دائرة المهدي» التي كانت تمول منصرفات حزب الأمة. حصر ــ وقتها ــ السيد «الصديق» اللواري العاملة والمتوقفة وأوقف الصرف للواري المتوقفة عن العمل، وكان من ضمنها لوري «ود نفاش» و«العبادي» وعند بداية الشهر الجديد توجه ود نفاش والعبادي لدائرة المهدي «بالقرب من دار الوثائق وطلمبة جكسا» ووقفوا أمام الصراف الذى أخبرهم بتوقف صرف أجرة اللوري خاصتهم! فخرجا من فورهما ودخلا «السرايا» ووجدا السيد «عبد الرحمن» ومعه ضيف «خواجة» انتظروا حتى يفرغ.. وبعد برهة خرج الإمام ومعه الخواجة ورافقه السيد عبد الرحمن حتى السلم ثم رجع وسلم عليهما وأخبرهما أنه اليوم سعيد جدًا سألوه: لماذا؟ قال:لأن هذا الخواجة أسلم على يدي الآن.. رد ود نفاش: وما الفائدة انت دخلت واحد وولدك مرق اتنين!! وأوصى لهما بالمبلغ؛ ثم تشهدا وذهبا.. وكانت علاقته وثيقة بأهل الفن، وأغلب نكات «أبو داوود» كان يأخذها من موسى ود نفاش.. وكذلك «مجلة الصبيان» التي وثقت ونشرت نكات موسى ويقال إن شخصية عمك تنقو مستوحاة من ود نفاش..
ضَرْبَة قَلِبْ
يُحكى أنه في يوم مرض والد «محدثنا كمال» وجاء «ود نفاش» وجلس بجانبه يسمعه وهو يشتكي من ضربات القلب وهو ــ ود نفاش ــ يبسط له الأمر بقوله: كلنا عندنا ضربات قلب خاصة لما نشوف «مَرَة سمحة»!!
هلال ومريخ
كان ودنفاش هلالابيًا ووجد نفسه وسط أهل ودنوباوي ومعظمهم «مريخاب» كآل «شاخور» مثلاً فما كان منه إلا أن تحول للمريخ وصار مريخابيًا فاستنكر «الهلالاب» كيف يتحول إلى المريخ. فقال: أنا ارتحت مما «بقيت» مريخابي. زمان كان جاءني بكاء، ناس الهلال يملأون البيت براطيش وعصي!! اليوم كان جاءني بكاء ودي ساكت «يقصد خبر ببرقية»؛ شوال العيش يجيني قبل الفاتحة!!.
غاير!
وفي مرة كان هناك اجتماع في السرايا وحضر موسى وداعبه السيد عبد الرحمن: ياعم موسى زاير ولّا غاير؟ قال: يا سيدى أنا لو زاير عميان من المهدي في أم درمان لمن أجيك قاطع بحرين.. سأله:حي تُرزق؟ رد: يا سيدي حي لكن لا أرزق..
موسى وباب الله
احتاج موسى إلى خمسة جنيهات وذهب للسيد عبد الرحمن فحدثه وأضحكه وتفاجأ موسى بالسيد عبد الرحمن يقول لباب الله: أديهو «20» جنيهًا «قد يكون بابًا لله أحيانًا يخفض العطاء» فما كان من ود نفاش ألا أن قال: أقيف يا سيدي.. قدامك.. كاملة ولا غير المغضوب عليها.
كرم وواسطة عطاء
معروف بالعطاء للأرامل والمحتاجين وكان يذهب للسيد «عبد الرحمن » ولـ «أبو العلا» ولـ «عثمان صالح» ويطلب ما عندهم لله ويعطونه وهم يعلمون أنها ليست له بل لغيره وأحيانًا يسألونه: أله فيها شيء فيقول إما له جنيهان فقط أو كلها ليست له، وقيل عند وفاته جاءت نساء أرامل بعضهن ممن يعرفه أهله وبعضهنَّ لا يعرفونهنَّ وقدمن أنفسهنَّ بعطاء موسى لهنَّ، وكانت لود نفاش علاقات اجتماعية كبيرة وواسعة تشمل الجميع، وكان إذا حدثت وفاة في ودنوباوي وأراد أحدهم أن يثبت قدومه مبكرًا يقول إنه حضر شرب شاي اللبن باللقيمات الذي أحضره موسى وكان يصنعه بنفسه للثلاث أيام البكاء الأولى ومنذ الصباح الباكر..
كان يعرّف كبار رجالات الأنصار وأغنياء ودنوباوي بأسماء الفقراء «الذين تحسبهم أغنياء من التعفف».. لكي يساعدوهم.
أيامه الأخيرة
في أيامه الاخيرة كان يكثر الجلوس فى دكان «خال سَينا» توفي ود نفاش 1986م ودفن في أحمد شرفي وكان دفنه استفتاء لشعبيته، أثبت أن أهل أم درمان يقيِّمون الإنسان بشخصه لا بماله وجاهه..
الانتباهة
سبحان الله والله لكن انا كنت فاكره انو ود نفاش اسطوره دي حاجه جميله جدا وتخلي الزول فخور بتاريخ السودان الغني من الشخصيات التاريخيه والتي من الجمال تكاد ان تكون اسطوره
كان في ود نفاش اتقلب فشفاش *** اتقلب فشفاش