بقرة ومبروكة.. إزاي؟
قبل بضعة أسابيع حدّثتكم عن التيس الذي قال صاحبه إنه يدر حليباً مباركاً يزيل العقم، ثم أتاكم نبأ انتحار التيس بعد انكشاف أمره.. وكتبت مقالا عن قطتين فقدت صاحبتهما البريطانية حق حضانتهما، لأنها لم تذهب بهما إلى الكوافير طوال شهرين… وأذكر أنني كتبت قبل بضع سنوات عن تيس بيع في عاصمة عربية بنصف مليون ريال لأنه متخصص في إنجاب سلالات راقية من الماعز، من ذلك النوع الذي يهاجر إلى هوليوود للمشاركة في أفلام (والت ديزني). وتم انتدابه إلى عدد من البلدان حيث قام بالمهام التي كلف بها على أكمل وجه، وأذكر أنني كتبت أيضا عن حمام «القلاليب»، الذي بيعت الواحدة منه في سوق بالكويت بنحو 15 ألف دولار، ولا أعرف هل يلد هذا النوع من الحمام كائنات مثل جوليانا جولي والعجرمية، أم انه أسرع من البوينج والفاكس في نقل الرسائل. وسأحدثكم اليوم عن بقرة «مبروكة»… فقد جاء في الأنباء أن بقرة في إندونيسيا تشفي الأمراض بأن تلحس موقع المرض بلسانها، ويتم استدراجها لفعل ذلك بوضع قطع من السكر أو الفواكه على مواضع الإصابة لتتفضل السيدة البقرة بلحس جسم المريض في الموضع المطلوب، وذاع أمر البقرة وتدفق الناس عليها من كل أرجاء إندونيسيا،.. هلموا، ومن كان منكم مصاباً بالتهاب في اللثة فعلاجه «بوسة» من فم البقرة «المبارك»… ويقال إنها تداوي أيضاً البواسير والإمساك، ولا أعرف كيف يتسنى لها أن تفعل ذلك!! في السودان كانت لدينا فيما مضى مراكز صحية بسيطة يديرها ممرضون ذوو خبرة طويلة، ويحمل الواحد منهم لقب «مساعد حكيم».. ولكن حظ قريتنا كان أن أتاها مساعد حكيم لا يؤمن بالطب الحديث… ذات مرة ذهبت بي أمي إليه لأنني كنت أعاني من رمد في العين، فأتى صاحبنا بكوب ماء، وتمتم ببعض العبارات ثم «تفتف» أي بصق في الماء وطلب مني أن أشربه.. نظرت إلى أمي أستنجد بها ولكنها طلبت مني في حزم أن أتبع تعليمات «الحكيم»، وهكذا شربت ما في الكوب، ثم تقيأت على الفور كل ما دخل جوفي منذ أن كنت في المهد رضيعاً… والغريب في الأمر أن صاحبنا لم يغضب لذلك، بل قال لأمي متهللاً إن «الأذى» خرج من جسمي مع القيء، وأكد لها أن عيني ستستردان عافيتهما، ولكن الشفاء لم يأتِ، واضطر أهلي إلى السفر بي إلى الخرطوم حيث تولى معالجتي طبيب مختص في أمراض العيون، وأفتى ذلك الطبيب بأن أستعمل النظارات، وهكذا وببركة صاحبنا «البصّاق» أصبحت مثقفاً في سن مبكرة.. أليس آية الثقافة لبس النظارات؟ وكلما تذكرت حكيم قريتنا ذلك قلّ عجبي من أولئك الذين يطلبون الذرية من «تيس» وأولئك الذين يطلبون الشفاء من «بقرة».
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]