تحقيقات وتقارير

منـــاوي . . الإيفــــاء أو العـــودة

[ALIGN=JUSTIFY]على طريقة ( يا غرق ياجيت حازما ) عاد الى الخرطوم منى اركو مناوي زعيم حركة تحرير السودان وكبير مساعدي رئيس الجمهورية بأمر اتفاق ابوجا الموقع بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان عام 2006م وعودة مناوي لا تصب ـ كما ا اشيع ـ في اتجاه المشاركة في مبادرة اهل السودان التي لا يراها مناوي سوى تظاهرة سياسية وانما في اتجاه الاتفاق الجديد الذي وقعه مع الحكومة والذي اطلق عليه ( المصفوفة ) وهي غير المصفوفة التي نشأت على خلفية انسحاب وزراء الحركة الشعبية من حكومة الوحدة الوطنية وان كانت تأخذ منها الكثير فوزراء الحركة الشعبية كانوا قد خرجوا في ذلك الوقت مغاضبين الحكومة تحت نفس اللافتة التي خرج تحتها مناوي ( نقض العهود والمواثيق ) مما أضطر الحكومة الى محاولة اصلاح الامر عبر ( مصفوفة ) من الشريكين سرعان ما انهال عليها غبار ناعم ـ
كما عبر بذلك ياسرعرمان ـ بفعل الاهمال والنسيان فهل تصبح عودة مناوي عودة العاقل الذي اتعظ بغيره ؟ أم تراها عودة لم يراق الى جوانبه سوى الوعود خاصة ان ظروفا مشابهة جعلت مناوي يغادر القصر الجمهوري بعد ان شبه نفسه بالاسد الحبيس ميمما وجهه شطر بلده في شمال دارفور احتجاجا ـ كما قال ـ على عدم احترام الحكومة الاتفاق الموقع بينهما وكاد اتفاق ابوجا ان ينهار من شدة الخلافات بين الحكومة وحركة مناوي وهي الاتفاقية التي ابتها الحركات في دارفور واعرضن عنها فحملها مناوي !! غير ان الاتفاق نفسه لم يتحول الى خبز وسلام على ارض دارفور واستمرار العنف والنزوح ربما يقف دليلا ناصعا على صحة ما ذهبت اليه الحركات المسلحة بدارفور عندما قالت ان ابوجا جلبت اتفاقا ولم تجلب سلاما فكان عدم احترام الحكومة لاتفاقها الثنائي هذا سببا لخروج مناوي قبل ثلاثة اشهر من الحكومة وهو ماساقه مناوي نفسه عندما قال ان خروجه كان تعبيرا عن احتجاج على عدم احترام الحكومة في المركز والولايات لاتفاق ابوجا وعدم تنفيذ بنوده وربما يتسلح مناوي في عودته الى الخرطوم بهذا الماضي في التعامل مع الحكومة الامر الذي دفعه الى القول قبل المجيء الى الخرطوم بأن عودته رهينة بتنفيذ المصفوفة. وبعد ان قدم الى الخرطوم لوح مناوي بالعودة من حيث اتى ان لم تنفذ هذه ( المصفوفة ) عندما قال ان عودته تمت بعد التشاور في شأن سلام دارفور والسلام الشامل في البلاد لتنفيذ ( المصفوفة ) التي وقعها مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه بالفاشر مهددا بالعودة الى مناطقه ان لم يتم تنفيذ ( المصفوفة ) التي يعلق عليها مناوي آمالا كبيرة ويعتبرها فرصة اخيرة لتنفيذ اتفاق ابوجا وخطوة لاعادة الثقة واظهارا للجدية، غير ان مناوي يترك للايام مدى التزام الحكومة بما تم الاتفاق عليه في ( المصفوفة ) والتي تتألف من 24 بندا وضعت في جداول زمنية لتنفيذها بأعجل ما تيسر في الدستور ، ملء الوظائف الشاغرة ، تمكين السلطة الانتقالية والايفاء بمبالغ صندوق اعمار دارفور بسداد مبلغ 2 مليون دولار فورا وتعيين 70 من ابناء دارفور في وظائف عليا في الخارجية والجامعات والهيئات ، اعفاء ابناء دارفور من الرسوم الدراسية ودفع عجلة التنمية باقليم دارفور، وترتيبات امنية تقضي بدمج قوات مناوي في الجيش السوداني وهي الترتيبات التي تندرج تحت لائحة خلافية في اتفاق ابوجا الى جانب مسألتي التعويضات واعادة اعمار دارفور . وان كان اتفاق ( المصفوفة ) قد سجل اكثر من نقطة واحدة خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخلافية في الاتفاقية لمصلحة مناوي الا ان عدداً من الخبراء والمحللين يرون ان الاتفاق سيظل ناقصا لعدم مشاركة بقية الحركات الحاملة للسلاح بدارفور الامر الذي لن يغيرمن الواقع على ارض دارفوروهو المر الذي حدا بمناوي الى الاشارة في تصريحاته عقب عودته الى اهمية مشاركة هذه الحركات المسلحة خاصة حركتي العدل والمساوة والتحرير جناح عبد الواحد محمد نور عندما قال مناوي انه قد بذل مجهودات كبيرة لاقناع غير الموقعين على اتفاقية ابوجا للحاق بما اسماه مناوي ركب السلام ،مشيرا الى ان هذه المجهودات التي بذلها ستظهر في الايام القادمة عندما يعرضها على المسؤولين اصحاب الشأن غير ان شعورانعدام الثقة الذي حال دون اشتراك الحركات المسلحة في اتفاقية ابوجا والشعور بعدم الجدية الذي ذهب به الى الاحتماء بقواته بدآ يتسلسلان الى مناوي وهي المشاعر التي بدأت واضحة في حديث مناوي وتصريحاته الصحفية عندما قال ( حضرنا الى الخرطوم ولم تكن عودتنا ولا طوعية وأسأل الله ان تجري المورعلى ما يرام ) وعندما قال ان الايام القادمة ستكشف مدى جدية الحكومة في تنفيذ ( المصفوفة ) بل وعندما لوح الرجل بالعودة من حيث اتى ان لم ينفذ الاتفاق وبالطبع هي عودة تعني الكثير ويبدو واضحا ان مناوي لا يلقي بكلماته استهلاكا ويبدو واضحا تماما ان فترة بقاء الرجل داخل القصر الجمهوري مساعدا للرئيس قد صقلته واكسبته خبرة وحنكة سياسية اضف اليها الفترة التي قضاها بين جنوده اعقاب خروجه من الحكومة في فضاء تأملي مكنه من النظر بشكل مختلف وبالتالي فرض كلمته تجاه الضغط على الحكومة في اتجاه تنفيذ الاتفاق وربما ايضا في ادارة علاقته مع الحكومة السودانية في ظل عدم الثقة خاصة وان مناوي يعلم جيدا بل ويتهم مباشرة الحكومة السودانية بالعمل على زرع الفتنة وسط حركته في اشارة الى عناصرداخل حركته كانت تستعد لعزله من منصبه وتحل محله في القيادة، مما دعا مناوي الى اتهام هذه العناصر بأنها عناصر في المؤتمر الوطني مندسة داخل الحركة متهما المؤتمر الوطني بالعمل على اضعاف حركته ويؤكد مناوي ان مثل هذا السلوك من قبل المؤتمر الوطني سيكون بمثابة اعلان نهاية ابوجا وعودة للمربع الاول وبطبيعة الحال هو مربع الحرب أضف الى ذلك سلوك القوات الحكومية تجاه حركة مناوي ابان فترة تواجده وسط جنوده بشمال دارفور ومن الواضح ان مناوي يعود هذه المرة وهو يضع في ذهنه كل ذلك وتحتشد ذاكرته بصنوف وصور حكمت علاقته بالحكومة السودانية الامر الذي ربما سيعينه في تعامله المقبل مع الحكومة السودانية بل وهو الامر الذي بدأه مناوي عمليا قبل العودة عندما دعا المنظمات والناس ليكونوا شهودا على ( المصفوفة ) التي ربط بقاءه في الخرطوم من عدمه بتنفيذها عندما حضر اجتماعه مع الحكومة بالفاشر طلب منه مسؤولون في الامم المتحدة ومسؤولون في الاتحاد الافريقي والقائم بالاعمال الأمريكي في السودان البرتو فرنانديز . صفحة جديدة اذا بين الحكومة وحركة مناوي ابرز مطلوباتها الوفاء بالعهود ، وفرصة جديدة كذلك المطلوب من الحكومة توسعتها عبر الجلوس مع بقية الحركات عبرعمل سياسي واسع ينظر الى جميع جوانب الازمة في دارفور عبر اشراك الجميع للخروج من ازمة الاقليم المتطاولة والا فإن عودة مناوي الى جنوده هذه المرة لاتعني سوى المزيد من الاخبار ومن هنا يبدو واضحا ان مناوي يعود هذه المرة وهو مثقل بهذا الماضي في التعامل مع الحكومة ولا يبدومهتما سوى بتنفيذ اتفاق ابوجا الذي تحاول ( المصفوفة ) ان تضخ فيه دماءا جديدة وعدا ذلك يبدي مناوي زهدا او ربما عدم اهتمام فيما هو مطروح من قضايا في الساحة السياسية وهذا ما يبدو واضحا وماتظهره تصريحات مناوي على هامش مشاركته في ما اطلقت عليه الحكومة ( مبادرة أهل السودان ) التي ترعاها وتسوقها الحكومة السودانية في ظل مشاركة من بعض القوى السياسية ومقاطعة قوى اخرى وهي المبادرة التي قطعت الطريق امام مبادرة القوى السياسية لحل مشكلة دارفور والتي اعلن عن قيامها من داخل بيت الضيافة وبموافقة ودعوة رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير ابان ازمة المحكمة الجنائية الدولية ، ويبدو زهد او عدم اهتمامه بكل هذا الزخم واضحا من خلال مايفهم من تصريحاته التي أشرنا اليها من خلال مشاركته في فعاليات مبادرة اهل السودان عندما اعتبر كبير مساعدي رئيس الجمهورية منى اركو مناوي مبادرة اهل السودان مجرد تظاهرة سياسية وهو الحديث الذي حاول مناوي تجميله عندما عاد وقال ان اي عمل يبدأ بتظاهرة غير ان مايهم هو المحصلة النهائية وهو الامر الذي فشل فيه عندما حملت عبارة ( المحصلة النهائية ) تشكيكا جهة المآلات ، وعندما طالب الحكومة بإرادة حقيقية من جانب الحكومة نحو تنفيذ اتفاق ابوجا وهو الاتفاق الذي يعلن مناوي التزامه التام به. ويرى مناوي ان وجوده في دارفور يمثل خطوة نحو تنفيذ ابوجا معلنا انه سيكون موجودا بها اغلب الوقت ، الامر الذي يعني ان مناوي لا يريد ان يكون في حالة احتكاك مباشر بالحكومة بقدر ما يريد ان يشرف ميدانيا على التنفيذ الفعلي للاتفاق على الارض وبالتالي أي الخطوات يتخذ في حال الاخلال بالاتفاق ويتضح زهد مناوي جليا في موقفه من المحكمة الجنائية الدولية ففي رده على سؤال عن مدى تأثير قرار المحكمة الجنائية على دارفور قال مناوي ان المحكمة الجنائية الدولية ليس لها علاقة بما يجري في اقليم دارفور وأن قضية المحكمة الجنائية مع السودان مسألة قانونية واضاف قائلا : ( انا لست جهة قانونية ولامحاميا للسودان ) . تنفيذ اتفاق ابوجا عبر اتفاق ( المصفوفة ) يبدو انه الشغل الشاغل لمناوي غير أن مناوي في نسخته الجديدة المسلحة بالخبرة يعي جيدا أن لاسبيل لأن تتحول ابوجا الى سلام وخبز واستقرار في ظل ثنائيتها هذه ما لم تخترق عبر توسعتها عبر مشاركة كل مكونات دارفور وحركاتها المسلحة وهوالامر الذي التفت الى اهميته مناوي وتبعه بنشاط سياسي بغرض جمع الحركات المسلحة بدارفور غير الموقعة على اتفاق ابوجا عندما كشف عن اتصالات اجراها مع الحركات المسلحة التي اسفرت ـ بحسب مناوي ـ عن خطوات ايجابية سترى النور خلال الفترة القادمة .
علاء الدين محمود :الصحافة [/ALIGN]