جعفر عباس

للبريطانيين فقط (6)

للبريطانيين فقط (6)
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وبما أنني تطوعت لإسداء النصح لبريطانيا، حكومة وشعباً، حول مختلف الشؤون، وبما أنني أوضحت على مدى عدة مقالات عيوب الديمقراطية، وكيف أنها لا تأتي إلا بالبلبلة والفتن، فلابد أن أقدم اقتراحاً بديلاً، ويتمثل هذا الاقتراح في حل الأحزاب السياسية وتفويض صلاحياتها لأندية كرة القدم كما هو الحال في العالم العربي، فالدارس لتاريخ الوطن العربي يعرف مثلاً أن ناديي الأهلي والزمالك في مصر، والهلال والمريخ في السودان، وكذا وكذا في الجزائر وتونس ولبنان، أن كلاً من هذه الأندية يحظى بشعبية لا يحلم بها أي حزب أو زعيم سياسي، بل وإن إدارات بعض تلك الأندية أقوى من «الحكومة»، وهذا يفسر اهتمام الحكومات العربية بكرة القدم، وإغداقها الهبات والأوسمة على أندية كرة القدم، وذلك بعد أن أثبتت جدواها السياسية والاجتماعية.. بعض الناس في العالم العربي ينتحر لأن فريقه خسر مباراة، ولكن لم ولن يحدث أن ينتحر مواطن عربي لأن حزبه خسر انتخابات، أو خرج من «الدوري الحكومي». الولاءات في كرة القدم ثابتة، أما على الصعيد الحزبي، فإن أعضاء الحزب الخاسر يبادرون إلى الانضمام إلى الحزب الفائز تفادياً للممارسات «الديمقراطية»، التي ستؤدي بهم الى السجن وربما المقصلة… وربما يقول قائل إنه لا توجد لدينا انتحارات ذات طابع سياسي، لأن الجميع يعرفون نتائج «الانتخابات» سلفاً، وبالتالي فلا مفاجآت ولا صدمات، والرد على هذا هو أن نتائج مباريات كرة القدم قد تكون معروفة سلفاً!! (فهمتها؟ عليك نور!! ما فهمتها؟ عنك ما فهمت) ومع ذلك ينتحر مشجعو الفريق الخاسر.
الشاهد فيما أسلفت، هو أن أندية كرة القدم تمثل أفضل القنوات لضمان انضواء الشعب تحت لواء مؤسسات تتسم بالديمومة والاستمرارية، فرئيس الوزراء البريطاني، يستطيع أن «يعمّر» في منصبه إذا ترشح عن نادي مانشستر يونايتد عوضاً عن حزب كذا أو كذا، ولضمان المنصب يمكنه أن يحول الحزب المعارض إلى نادي ليفربول – مثلاً – وبعد أن تتم هذه النقلة التاريخية يمكن إسقاط كلمة «الديمقراطية» البغيضة من القاموس السياسي البريطاني، والاقتداء بنا في الاستعاضة عنها بكلمة «التعددية» وهي كلمة جوفاء وفارغة لا تعني شيئاً محدداً، فهناك «تعدد» في أشكال الناس وأطوالهم وألوانهم ومساكنهم وأديانهم، وبالتالي فبإمكان أي شخص أو حكومة التحدث – وبكل ثقة وإخلاص – عن الإيمان بـ «التعددية»، من دون الإتيان بدليل ملموس، هل تريد دليلاً على وجود التعددية (مثلاً) في جمهورية بعرستان، حسناً اذهب إلى السوق المركزي وستجد «تعددا» في الزبائن والباعة والبضائع.. وهذا دليل على أنها تسمح بالتعددية بمستوياتها كافة… والنائحة التي يتم استئجارها في مصر لـ«تعداد» مآثر الميت اسمها المعددة، لأنها تمارس التعددية في محاسن شخص نهر السائل وأكل مال اليتيم بل وربما قتل النفس بغير حق ولا يعرف البريطانيون لماذا حرص العرب على تفادي الديمقراطية، لأنهم – أي البريطانيون – لا يعرفون الحياء، فالديمقراطية تتطلب شيئا اسمه الشفافية، وما من مجتمع محافظ يمارس الشفافية لأنها نقيض «الستر»، ونحن نرفض كشف عوراتنا السياسية ونؤمن بأن على من يسكن بيتا من زجاج ان يحتشم (عوضا عن ان يمتنع عن إلقاء الحجارة على بيوت الآخرين.. يكفينا ما صرنا نعاني منه بعد ان صار قسم من بناتنا يؤمن بالشفافية فظهرت البلوزات والسكيرتات التي خير منها العري الصريح!

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !