د. عبير صالح

الأمراض الجنسية المعدية «1» مرض الزهري (السفلس)

الأمراض الجنسية المعدية «1» مرض الزهري (السفلس)
عددنا لهذا اليوم يعتبر عدداً خاصاً عن التثقيف الجنسي بصورة عامة، ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع هو التحاقي بدورة تدريبية متقدمة من الاتحاد العام للجمعيات الطبية الإسلامية بالتعاون مع منظمة وابل الخير الخيرية عن (مشروع مكافحة الأمراض المنقولة جنسياً والايدز) التي قدمها البرفسير عبد الحميد القضاة خبير الأمراض المنقولة جنسياً والايدز فأردت أن أشارككم في بعض ما تعلمته لأن التربية الجنسية القويمة هي واجب وضرورة فمن الناحية الدينية هي واجب إذا ترتب عليها حكم شرعي ومن الناحية النفسية هي ضرورة لنشأة تربوية سليمة خالية من العقد والتشوهات النفسية والأمراض الجسدية فجزاهم الله عنا كل خير بروفسير عبد الحميد القضاة ومنظمة وابل الخير الخيرية.

مرض الزهري هو مرض لا يصيب إلا الإنسان كوباء جنسي وتسببه جرثومة لولبية الشكل اسمها تريبونيما باليديم وهي جرثومة صغيرة جداً لا ترى بالعين المجردة يتراوح طولها من 5-24)) ميكرون وعرضها من ربع الى نصف ميكرون وهي حساسة جداً للحرارة والجفاف وتقتلها المطهرات المختلفة بسرعة حتى الماء والصابون-لاتعيش هذه الجرثومة بشكل طبيعي إلا في الإنسان بحيث تموت بعد وقت قصير إذا خرجت منه وتقوم بخرق الجلد في منطقة ضعيفة بحركة لولبية وحتى الآن لم يستطع العلماء أن يصنعوا للإنسان مصلاً واقياً منها (سيناريو الإصابة)

وتنتقل هذه الجرثومة في الغالبية العظمى من مريض إلى آخر أثناء الاتصال الجنسي حيث تدخل الجسم بأعداد كبيرة عن طريق الجهاز التناسلي للرجل أوالجهاز التناسلي للمرأة أو غيرهما وخلال نصف ساعة من دخولها واختراقها للجلد تذهب الى الغدد الليمفاوية في المنطقة الأقرب لدخولها ثم تغزو بعد وقت قصير الدورة الدموية لتصل مع الدم الى مكان في الجسم ومنذ اللحظة الأولى لدخولها وقبل أن تظهر على المصاب أية أعراض تلفت نظره تصبح أعدادها كبيرة جداً لأنها في تكاثر مستمر حتى تبلغ عشرات الملايين دون علمه أو ملاحظته وبعد مدة من دخولها تتراوح بين 20-90 يوماً تظهر أولى علامات المرض على شكل قرحة قاسية وغير مؤلمة في مكان دخول الجرثومة أصلاً واذا ضغطت هذه القرحة خرج منها سائل شفاف مملوء بملايين الجراثيم اللولبية المعدية والمريض في هذه الحالة معد جداً وتستمر مدة العدوى لتصل أحيانا الى خمس سنوات- بعد أيام من ظهور القرحة على الجهاز التناسلي للرجل أو الجهاز التناسلي للمرأة أو غيرهما تتضخم الغدد اللمفاوية في المنطقة دون ألم وتصبح ككتل المطاط تبدأ القرحة في التلاشي والزوال خلال 4-8 أسابيع فيظن المريض أنه قد شفي من هذا المرض ولا يعلم أن مرضه قد بدأ طوراً جديداً أكثر خطورة- ومنذ اللحظة الأولى لدخول الجرثومة وبدء تكاثرها يصبح المصاب معدياً فإذا ما اتصل المريض بغيره أثناء الفترة الأولى وخاصة عند ظهور القرحة ينقل هذه الجراثيم إليه ويصاب بنفس المرض ليبدأ دوره في نشره وهكذا تنضم ضحية جديدة الى قافلة المصابين مع كل اتصال جنسي جديد وبهذا يتسع انتشار المرض في كل اتجاه ويختلف حجم القرحة من مريض لآخر فقد تكون عند بعضهم صغيرة الحجم تخدع المصاب فلا يلقي لها بالاً ولا يفكر في أمرها وبذا ينتقل المرض من الطور الأول الى الطور الثاني فتتعقد حالته المرضية ويصعب علاجه وقد تكون عند البعض الآخر كبيرة الحجم تلفت نظره وتشغل باله فيعرض نفسه على الطبيب المختص فيستدرك الخطر من بدايته وقد يتردد خشية الفضيحة فيترك الأمر يعذبه وبزوال القرحة بعد فترة وجيزة يظن انه قد شفي.

أما عند النساء فالأمر أكثر تعقيداً وخطورة إذ تمر حالات كثيرة دون أن تلاحظ المصابة القرحة لأنها تظهر في عنق الرحم وهذا النوع خطير جداً لسببين: أولهما أنه معد جداً وثانيهما أن القرحة خافية عن الأنظار فلا تلاحظها المرأة المصابة ولا الطرف الآخر وهكذا ينتقل المرض الى الطور الثاني الأكثر خطورة وقد تظهر على الجهاز التناسلي للمرأة فيمكن ملاحظتها وعلاجها- في حوالي 5% من الحالات تظهر القرحة في أمكنة أخرى من الجسم غير الجهاز التناسلي للرجل أو الجهاز التناسلي للمرأة فقد تظهرفي الشرج أو المستقيم أو اللسان أو الشفاه عند الشاذين جنسياً.

مراحل العدوى وأعراضها:

المرحلة الأولى: وتبدأ بظهور أول علامة من علامات المرض القرحة بعد الاتصال الجنسي بين المصاب والسليم الى أن تتلاشى كلياً كما ذكرنا سابقاً.

المرحلة الثانية: بعد عدة أسابيع من تلاشي القرحة تبدأ المرحلة الثانية للمرض بالظهور حيث يشعر المريض بالصداع والحمى والتهاب الحلق وألم في المفاصل ثم بعد ذلك تظهر البقع الحمراء (80%) من المرضى وتتطور بسرعة لتملأ الجلد كله وخاصة الوجه والجبهة والظهر والأطراف وتزداد بمرور الوقت وربما تلتهب وتكون صديداً نتيجة لدخول جراثيم أخرى من الجلد وبعد حوالي ستة أسابيع تبدأ بالاختفاء ثم تعود للظهور ثانية إذا لم يعالج المريض وتظهر أيضاً على الأغشية المخاطية والمناطق الرطبة والحساسة كالفم والجهاز التناسلي للرجل والجهاز التناسلي للمرأة والشرج فالتي تظهر على الشرج تكون على شكل تآليل وتورمات مؤلمة تتسع وتكبر مع مرور الوقت حتى تتغير معها معالم المنطقة نهائياً وحوالي 10% من المصابين بهذا المرض تظهر عليهم علامات التهاب السحايا مع صداع شديد متكرر والتقرحات التي تظهر في المرحلة الثانية تبقى من 3-12 شهراً ثم تختفي وهي معدية طيلة هذه المدة.

المرحلة الثالثة: وهي المرحلة المتقدمة للمرض وهي التي يندر الشفاء منها إن لم يستحيل وتظهر أعراضها بعد انتهاء المرحلة الثانية بفترة تتراوح بين 3-20 سنة وربما أطول وتتمثل بمظاهر عديدة ومخيفة تتغير فيها ملامح المريض وتسوء حالته جداً ومنها ما يكون داخلياً فيظهر على الكبد والأمعاء والمعدة والبلعوم والرئة والخصيتين وآثار خطيرة على قلب المريض وشرايينه وأعصابه وهيكله العظمي.- وقد ينتقل مرض السفلس خلقياً فيصاب به الطفل وهو في رحم أمه المريضة فالطفل الأول والثاني والثالث يولدون موتى أو يموتون فور ولادتهم أما الرابع والخامس والسادس فيعيشون فترات مختلفة وتظهر علهيم علامات المرض على فترات مختلفة أيضاً ويمرون بنفس المراحل المرضية الثلاث.

الوقاية خير من العلاج:

إن الجسم المصاب بهذه المرض لا تتكون فيه مناعة لتحميه منه وتمنع اصابته به مرة ثانية كما يحدث عادة في الأمراض الجرثومية المعدية الأخرى (سبحان الله) وهكذا فمريض السفلس لاتوجد لديه مناعة طبيعية من داخل الجسم ولا مناعة خارجية يمكن حقنه بها لمساعدته لذا لابد من معالجة المريض بالسرعة القصوى لأن ذلك ربما يساعد في شفائه كل هذا يؤيد ضرورة عدم الاعتماد على العقاقير كعلاج للأمراض الجنسية لأن ذلك أشبه (بالرقعة الجديدة في الثوب البالي) ولابد للبشرية باتباع نظام رباني ينظم حياتها فلا يعود معه الجنس مشكلة.

هنالك بعض الأسباب التي أدت الى ظهور أعداد هائلة من المصابين في العالم وخاصة في أوساط الشباب كان أهمها على الإطلاق الحرية الجنسية ونظرة المجتمع المتراخية للجنس ثم انتشار الزنا والشذوذ الجنسي والمخدرات.

يعالج المريض بالزهري في بدايته بالمضادات الحيوية الفعالة مثل البنسلين وغيره مع مراعاة الابتعاد عن المعاشرة الجنسية له حتى يتم التاكد من شفائه التام من هذا المرض حتى لاينقله للآخرين.

على هدى الرسالة السماوية نلتمس الحل الجذري من الأمراض المنقولة جنسياً وبغيرها من الأوبئة في أنها تاخذ بكل الأسباب المادية الصحيحة التي من شأنها الحد من انتشار هذه الأوبئة مثل:الحث على الزواج وتيسيره- تحريم الشذوذ والإباحية-تحريم المخدرات.

الأمراض المنقولة جنسياً عقوبة إلهية .. كيف ؟
لقد أودع الله سبحانه وتعالى في الجراثيم التي تسبب الأمراض الجنسية من الصفات ما يميزها عن غيرها من جراثيم الأمراض المعدية الأخرى فهي مختلفة عن بعضها ولا يوجد بينها أي شبه أما الصفات التي تمتاز بها هذه الأمراض وجراثيمها عن غيرها من الأمراض المعدية والتي تجعل منها عقوبة مؤذية فهي :

المناعة الطبيعية: إذا أصيب الإنسان بمرض جرثومي كالحصبة أو الجدري مثلاً وقدر له الشفاء تتكون أجساماً مضادة طبيعية في جسمه ضد مسببات هذا المرض تساعد على شفائه وتحميه من إمكانية أن يصاب بنفس المرض ثانية – أما في الأمراض المنقولة جنسياً (سبحان الله) فالأمر مختلف تماماً إذ لا يحرك جسم المصاب ساكناً يساعده على الشفاء أو يحميه من معاودة الإصابة بهذا المرض فهو محروم من مثل هذه المضادات الطبيعية إذ قد يصاب المريض ثانية فور الانتهاء من الإصابة الأولى خاصة في مرض السفلس والسيلان وهكذا تتخلى عنه القوى الطبيعية التي أودعها الله جسمه لتحميه وتدافع عنه عندما يشذ عن الفطرة والطريق الشرعي في قضاء رغبته الجنيسة .

جراثيم الأمراض المنقولة جنسياً لا تصيب إلا الإنسان ولا تعيش بشكل عام إلا عليه فهي لا تعيش على الحيوان وبالتالي لا تسبب له أمراضاً كغيرها من الجراثيم كذلك لا تنتقل إلى الإنسان إلا عن طريق واحد وهو الجنس أو ما يؤدي إليه في حين تعيش الجراثيم الأخرى على الحيوان وتسبب له الأمراض في حين لا تهوى جراثيم الأمراض المنقولة جنسياً إلا جسم الإنسان فلا تعيش خارجه حيث أنها تموت بعد خروجها منه بوقت قصير فهي حساسة جداً للجفاف وتنتقل فقط عن طريق الجنس المباشر. ولما كان العقل مناط التكليف فقد أعفى الله سبحانه وتعالى الحيوانات من تبعه تصرفاتها وبذا لاتصاب بالأمراض المنقولة جنسياً رغم نزعتها الجنسية الحادة في حين اكتوى بنارها الإنسان الذي خصه الله سبحانه وتعالى بالعقل وفضله على كثير مما خلق حين يخالف أمر الله ويشذ عن الفطرة وتغلب شهوته عقله (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا) الإسراء (70)

لكم أن تعلموا أيضاً أن مع تقدم الطب والتكنلوجيا أمكن معرفة الجراثيم التي تسبب أغلب الأمراض المعدية إذ أمكن عزلها وزراعتها مختبرياً هذا بخلاف جراثيم الأمراض المنقولة جنسياً فقد استعصت على الزراعة والدراسة وخاصة جرثومة السفلس هذا.. الغموض الذي يلف هذه الأنواع من الجراثيم دون غيرها يجعل منها معضلة إنسانية معقدة تتضاعف بانتشار البغاء والزنا والتحلل الأخلاقي والإباحية والفوضى الجنسية والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا هذا النوع من الجراثيم دون غيره؟ إنها عقوبة الهية، قال تعالى: (وما يعلم جنود ربك إلا هو..) المدثر (31) .

إن ممارسة الجنس ولو لمرة واحدة مع طرف آخر مصاب يمكن أن يؤدي إلى العدوى ليس بمرض واحد فقط بل بعدة أمراض قد تصل إلى خمسة أمراض دفعة واحدة كما أن خمسة أمراض جنسية يمكن أن تتجمع في المريض نفسه وطبعاً هذا ينقلها كاملة الى غيره مع كل اتصال جنسي وهكذا حلقة متصلة من البلاء يسلمها السابق الى اللاحق ما داموا يعيشون الفوضى الجنسية أرأيتم العقوبة الإلهية قال تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً) طه (124) وأي ضنك دنيوي أبلغ من هذا الضنك الذي يعانيه إنسان غلبت عليه شهوته فوقع ضحية عدة أمراض جنسية دفعة واحدة تتناوب تعذيبه؟

العافي: أبلغ ما يمكن أن يسببه جراثيم الأمراض المعدية أن يموت المريض إذا استحالت كل طرق المعالجة المتاحة له أما الأمراض المنقولة جنسياً وعندما تصل الجراثيم إلى عمق الأجهزة التناسلية للمصاب ويزمن التهاب فقد تؤدي الى عقم كما اصبح مرض السيلان من أهم الأمراض المؤدية للعقم عند الجنسين وهنا نجد أن عقوبة العقم هي من جنس العمل جزاءً وفاقاً ولا يعرف أثرها النفسي إلا من عايشها إنها غريزة فطرية في الإنسان لحفظ النوع البشري تلازمها غريزة حب البنين فإذا ما حرمها الإنسان خاب أمله وأيقن أنه منقرض لا محالة وهو هاجس مؤلم (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة) آل عمران (14).

من ناحية الوقاية والتحصين: أغلب الأمراض المعدية الجرثومية الأخرى استطاع العلماء إعداد أمصال تطعيمية لها محسنة تساعد الإنسان وتقيه شرورها فمثلاً ضد الدفتيريا والسعال الديكي .. الخ

أما في الأمراض المنقولة جنسياً فالوضع مختلف تماماً إذ يقف الطب مكتوف الأيدي أمام هذا النوع من الأمراض التي تتزايد في كل لحظة فهذه الجراثيم هي الوحيدة التي لم يستطع الطب تحضير تطعيمات وأمصال واقية منها وكلما حاول العلماء ذلك فشلوا (سبحان الله) (وليجزي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) الجاثية (22) عقوبة إلهية.

الأمراض المنقولة جنسياً وخاصة مرض الزهري (السفلس) يسبب حالات الاجهاضات المتكررة عند النساء التي لها آثار نفسية وصحية سيئة على المرأة.

أمر طبيعي أن تنتقل جراثيم الأمراض المعدية من إنسان الى آخر مسببة له نفس المرض أما جراثيم الأمراض المنقولة جنسياً تتعدى آثارها المصاب نفسه الى غيره فالمصابة بالزهري تنقل هذا المرض الى أبنائها خلقياً أو أثناء الولادة وكذلك مرض السيلان فيمكن لجراثيم هذا المرض أن تلوث عيون مولودها مسببة له التهاباً ربما يؤدي به الى فقد بصره مدى الحياة.إنها ترى فيهم جريمتها صباح ومساء (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لايخلف الميعاد ) الرعد (21) العقوبات البدنية التي تحيق بالإنسان وتقتله فوراً هي أقل تعذيباً لنفسه من تلك التي تذيقه مر العذاب قبل أن تقتله ويفقد إحساسه كلياً بالموت والأمراض المنقولة جنسياً من هذا النوع فهي تعذب جسم المصاب قبل أن تؤدي الى موته تكون قد قتلته ببطء ألف مرة وتوصف بأنها معذبة أكثر منها قاتلة (سبحان الله)- الأمراض المعدية غير الجنسية تصيب الإنسان في أي مرحلة من مراحل حياته أما الأمراض الجنسية فلا تصيب في الأعم الا الذين يبلغون سن الرشد «الاتصال الجنسي» مشروع أو غير مشروع لا يمارسه إلا الذين ينضجون جنسياً والذي يفترض فيهم القدرة على إدراك الخطأ من الصواب والضار من النافع الا أن أعداداً كبيرة منهم عرفت الحق وأعرضت عنه فوقعت في مصيبة الأمراض الجنسية.

الأمراض الجنسية تختلف عن سائر الأمراض وذلك بأن صاحبها لا يحب أن يعرف بأمره أحد حتى ولا الطبيب أحياناً إما جهلاً وإما لبقية باقية من حياء أو خشية افتضاح أمره فيعرض عنه الخلان والخليلات ليصبح هذا السر مع الزمن قنبلة تحطم صاحبها من الداخل وتحرق أعصابه والمشكلة أن من يقع فريسة المرض يكون في الوقت نفسه فريسة سائغة لأمراض أخرى. لقد خلق الله تعالى الإنسان على أفضل هيئة وصوره وكرمه وفضله على كثير مما خلق إلا أن هذه الصورة تمسخ وتشوه كلياً عندما يصاب الإنسان بهذه الأمراض فمثلاً مرض الزهري يؤدي أحياناً إلى تآكل الأعضاء الجنسية وانتهائها إذ أهون على المريض الف مرة لو بترت ساقه أو يده على أن يصاب بهذا كما أن هذه الأمراض قد تؤدي الى تشويه هيئة الإنسان كليا حتى تغير كل ملامحه وخاصة الوجه قال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) (التين) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم أو ليكسفن الله وجوهكم) رواه الطبراني

إن الاكتشافات الطبية الحديثة أثرت ايجابياً على سائر الأمراض الجرثومية كالسل والتيفويد وغيرها في حين أنها لم تزد الأمراض الجنسية الا تعقيداً وانتشارا فمثلاً استعمال حبوب منع الحمل أغرى الكثيرات على ممارسة الجنس دون خشية من العواقب المتطورة ناسين أن الأدوية التي تستعمل لعلاج هذه الأمراض قد فقدت فعاليتها ضد جراثيم هذه الأمراض فمثلاً البنسلين الذي يعتبر أفضل علاج للزهري والسلان أصبح الآن يفقد فعاليته لأنه ظهر نوع جديد من هذه الجرثومة لا يتأثر به.

للأسف إن واقع الحياة المعاشة في الغرب وما يدرس عن الجنس مما أدى الى انتشاره علانية في رابعة النهار فما يدرس هو فقط العملية البيولوجية للجنس وما قبلها وما بعدها فقط مع التركيز على الجانب الممتع فيها وتجاهل العواقب المرضية لهذه العملية في أوساط المراهقين من الجنسين والكارثة أن هذا المفهوم أصبح يغزو عالمنا العربي عن طريق الشبكة العنكبوتية (الانترنت) والأفلام الإباحية التي أصبحت تتسلل الى السوق .

رافق التقدم العلمي اختراعات واكتشافات حديثة في عالم الجنس لم تخطر على بال بشر وتتنافى وأبسط قواعد الذوق السليم هذه الأوضاع الغريبة الشاذة عن الفطرة السليمة أدت الى ظهور أمراض جديدة باستمرار وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول كيف أنتم إذا وقعت فيكم خمس وأعوذ بالله أن تكون فيكم أو تدركوها منها ، ما ظهرت الفاحشة (الزنا) في قوم قط يعمل بها فيهم علانية إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ) هناك مثل شائع يقول (إن سوء الحظ لا يأتي وحيداً) الأمراض المنقولة جنسياً لا تأت وحيدة بل هي إحدى مصائب المجتمعات الضالة وهي وثيقة الصلة بظهور وانتشار العنف والسرقة والقتل والإدمان على المخدرات والانتحار وتدل على الحالة النفسية التي وصل اليها شباب وشابات المجتمعات الغربية بصورة عامة وبعض العربية وقال صلى الله عليه وسلم إ«ذا استحلت أمتي خمساً فعليهم الدمار إذا ظهر التلاعن وشربوا الخمر ولبسوا الحرير واتخذوا القينات واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء »رواه البيهقي- وأخيراً السعيد من اتعظ بغيره فلا عاصم للشباب من السوء والأمراض إلا الالتزام بأمر الله «فالله خيرٌ حافظ وهو أرحم الراحمين» (يوسف 64)

نوادر خاصة بالزهري (السفلس)

يذكر التاريخ بعض النوادر الطريفة التي كان سببها (الزهري) منها أن الملك هنري الثامن كان مريضاً بالسفلس قبل زواجه الأول وأنه كان يبحث جاهداً عن زوجة ليست مصابة بهذا المرض رغبة منه في إنجاب طفل سليم يرث عرشه بعده وعندما رفضت كنيسة روما طلاق زوجته الأولى كاترين كماهو معروف بعدم تعدد الزوجات أعلن انفصاله عن هذه الكنيسة وأنشأ كنيسة خاصة في انجلترا تحت إشرافه المباشر تبيح له كل ما يريد من زواج وطلاق وذكر المؤرخون أن زوجته السادسة كانت الوحيدة السليمة من هذا المرض. ويذكر أيضا أن الملك تشارلز الثامن ملك فرنسا قد أصيب بهذا المرض وحرمه من ولد يرث عرشه فمات ولم يكن له ولي للعهد فانتقل العرش إلى فرانسيس الأول رغم بعد القرابة بينهما لأن السفلس قد قضى على الملك وجميع أقاربه وهكذا تمكن السفلس من نقل العرش من أسرة حاكمة الى أخرى.

هكذا كان دور بعض الأمراض المعدية جنسياً في مصير الحضارات.

صحتك بالدنيا – صحيفة آخر لحظة – 2011/4/21
[email]lalasalih@ymail.com[/email][/CENTER]