جعفر عباس

صونا للشرف (2)

صونا للشرف (2)
وصلا لما انقطع من حديث أقول إنني تعرضت (كمدخن للتبغ) لمضايقات لا حصر لها في دولة قطر، حيث لم يتورع خصوم التبغ عن نشر ما قالوا إنه نتائج دراسات علمية تثبت أن التدخين يؤدي الى العجز الجنسي، فصرت كما بقية المدخنين أتفادى التدخين في أماكن عامة تفاديا لنظرات الشماتة والعبارات الجارحة من: عامل حالك عنتر يا جعفر يا ابو سيجارة بفلتر؟ وطالما أن هناك من يطعن في شرف المدخنين، وتفادياً للتجريح والتشهير فإنني أعلن عبر هذه الصفحة توقفي عن التدخين تماماً ونهائيا وكومبليتيلي، ومن أراد أن يثكله عمه فليقدم لي سيجارة.. في مكان عام.
اعتباراً من هذه اللحظة المباركة سأصبح جنديا في صفوف أعداء التبغ، وسأعمل ما وسعني جهدي على التشهير بالمدخنين وفضح ممارساتهم المشينة، كما سأعمل على إقناع الحكومات العربية بسن قوانين تجعل شرب السجائر جريمة تستوجب قطع الشفتين وإصبعين من خلاف،.. الله كم سيكون ممتعاً قراءة أخبار من قبيل: السلطات الأمنية في القاهرة تكتشف سر انقطاع المياه في شبرا .. عصابة تستخدم شبكة أنابيب ومواسير المياه لتوزيع الشيشة وسجائر كليوباترا!! القبض على سوداني في مطار صنعاء وفي تلافيف عمامته سبع سيجارات .. اعتقال مواطن من غرب إفريقيا يخفي علبة سجائر في مكان حساس .. سيدة آسيوية تخفي تبغ الغليون في بامبرز طفلها الرضيع (خلطة غير موفقة) .. الشرطة السعودية تعتقل أفراد خلية تمارس التدخين في كورنيش جدة في الساعات الأولى من الفجر .. وزراء الداخلية العرب يضعون استراتيجية لتبادل المعلومات عن المدخنين (هم يحبون الاستراتيجيات التي تكتم النفس…) إلقاء القبض على مدير مؤسسة عامة تلقى سيجارة رشوة .. شركة كبرى تنزع أبواب الحمامات بعد تفشي ظاهرة التدخين بداخلها!!
ولكن من مقتضيات العدل أن يتم تقديم العون المادي للدول العربية التي ستمنع التدخين، لأن عائدات جمارك التبغ تمثل نسبة عالية من إيرادات خزائنها، وعلى عهد نميري الأغبر في السودان (العهود التي سبقته والتي تلته تميزت أيضاً بالغبرة التي ترهقها قترة)، فرضت الحكومة ضرائب عالية على السكر، وارتفعت الاحتجاجات وكان لديه وزير مالية شجاع، عقَّب على تلك الاحتجاجات بقوله: البديل للضريبة الجديدة هو تعطيل منابر الفضيلة كي يكثر الناس من شرب الخمر والسجائر.. ما قصد الرجل أن يقوله هو أن عائدات جمارك التبغ والخمور عالية، والمطلوب تشجيع المواطنين على الإكثار من شرب الخمر، وكان تصنيعها واستيرادها وبيعها مباحاً وقتها .. يعني الخزينة العامة تعتمد على عائدات الجمارك، فإما زيادة سعر السكر أو جعل شرب الخمر والسجائر إجباريا!! إنصافاً لنميري فقد اكتشف لاحقاً أن بيع الخمر في نهار رمضان حرام، فأمر بإغلاق البارات خلال ساعات نهار الشهر الفضيل، ثم بلغه أن بيعها في ليل رمضان فيه «شبهة تحريم»، فأصدر فرماناً بإغلاق البارات طوال رمضان، ثم توالت الاكتشافات فأمر بإغلاق البارات نهائيا… ثم صادر الخمور التي كانت مخزونة فيها وسكبها في نهر النيل في احتفال ضخم. وهكذا عمت النشوة الكاذبة وادي النيل بعد أن أكل أهل شمال السودان وعموم مصر أسماكاً سكرانة. هل تذكرون السؤال الذي توجهت به فيفي عبده إلى أحد رجال الدين قبل بضع سنوات: هل الرقص في ليل رمضان حرام؟ واكتفى الرجل بالقول في إيجاز بليغ ان الرقص حرام في غير رمضان، ولكن فيفي أفحمته: هل يبقى حراماً رغم أن هناك عائلات تعتاش منه؟ آه لو انتظرت بسؤالها إلى حين استفحال «فقه الضرورة» التلفزيوني الذي يبيح كل محظور طالما أنه يعود على «الفقيه» وأرباب نعمته بالفائدة
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]