منى سلمان

شواكيش جنوبية .. ناس افراحا زايدة وناس يتالموا

شواكيش جنوبية .. ناس افراحا زايدة وناس يتالموا
لفتني تعليق لطيف لاحد القراء على مادة (يشيلك الشال حبوبتي) فقد قال ما معناه (ان السودانيات لا يجدن فن التعامل برومانسية، ولو كان في الامكان تعليمهن اياها، لكان أولى أن يحدث ذلك بالعدوى من رصيفاتهن المصريات، لكثرة متابعتهم للمسلسلات المصرية، وما تددل به الزوجات فيها ازواجهن بالفاظ الرمسنة على شاكلة يا (حبيب ألبي) ويا (روحي) ويا (عنيّا) ..

لو كان لنا ان نتأثر بحركات الجيران لتمنيت أن يعدونا بشيء من ترابطهم وتآزرهم ساعة المحن والمصائب، ولتمنيت ان نحظى ولو بربع ادراكهم لعظم المؤامرة التي تحاك في الظلام مستهدفة سلامة وحدتهم ونسيجهم الاجتماعي، عندما وجهت سهام التعصب الاعمى سهامها نحو طائفة الاقباط .. كيف هب المجتمع بشقيه المسلم والمسيحي لردم الهوة التي خلفها انفجار الاسكندرية بين الشقين .. (منقّبة) تقف في الصف الاول لقداس الميلاد، و(محجّبة) تبتدر حملة لتكوين درع بشري من المسلمين ليقوموا بحماية اخوانهم المسيحين حتى يتمكنوا من الاحتفال بعيدهم في سلام ..

قادة الفكر والفن والمجتمع، وقبلهم قادة العمل السياسي .. المعارضة جنبا إلى جنب مع رموز الحكومة في ساحة الحدث .. مع ان المعارضة لم تكن لتعدم سبوبة لتحمّل بها الحكومة وزر ما حدث، فقد كان هناك قصور امني واضح خاصة مع اعلان القاعدة السابق نيتها لاستهداف اقباط مصر، وكان من الممكن ان تجعل من الحادثة وقودا لنار سعيها لتغير النظام، والتخلص من ديمقراطيته ذات الغمت الناعم، وحكم الابدية التوريثي .. ده رأيهم هم ما أنا !! بل كان في الامكان ان توجه المعارضة سياط النقد لطريقة الحكومة في قمع الاحتجاجات والغضب الذي ساد بين افراد الطائفة القبطية بعد الحادث، ولكن كل ذلك لم يحدث فقد تسابق الجميع ليسجل وقفة تضامن وحرص على سلامة اخوانهم في الوطن، لم تمنعهم عن ذلك عصبية دينية أو عنصرية طائفية .. الكل كان مهموم بل وحريص على سلامة السفينة المصرية من ان (تخرق) فيغرق كل من عليها مسلم ومسيحي بدون فرز ..

ليت لنا بعض هذا الوعي الوطني العالي، الذي يعي الفرق بين مهددات السلامة الوطنية وحركات السياسة المدغمسة .. فها نحن على اعتاب قاب قوسين أو أدنى من انفصال المتسبب الاول به يد (الفشل) وغفلة الساسة منذ جيل الاستقلال، عن مايحاك ضد الوطن على يد (عمرو) الغرب والصهيونية وكل من (لفقت) مواصفاته مع مواصفات ابطال ألياذة الاستهداف، لرقعة غنية بمعدن الانسان قبل ثروات ارضه ..

ورغم تحديات المستقبل التي لا خيار فيها الا بين (اكون او لا اكون) .. ظلت النخب السودانية تتقاتل على حافة الهاوية، دون الخشية من ان عاقبة المكايتة من فوقها محمدة الجميع، وظللنا جميعنا كديوك المسلمية نعوعي وبصلتنا في النار ..

فهاهم اخوتا لنا يرحلون عنا باختيارهم وارادتهم يتخلون عن كل ماضي الذكريات، وعن وطن كان يفترض ان يظل عزيزا (برغم قساوة المحن)، يفارقون أهلا كان من المفترض أن لا يكون لهم بديلا في القلب والوجدان، بعد ان تجاهلوا حقيقة ان هذا الانفصال يتم عن السودان الوطن الأم وليس عن حكومة وأهل حكم، فنحن وهم زائلون وكان يمكن ان يبقى الوطن ما بقيت الحياة ..

لاكثر من مئة يوم قبل انطلاقة الاستفتاء، حاولنا ان نوطن انفسنا على تقبل ما تأتي به الارادة الجنوبية، وأن نتهيأ لمشاركتهم الفرحة ان هم قرروا الرحيل .. شخصيا وبدمعتي القريبة عاهدت نفسي أن أكون كـ(عصي الدمع الذي شيمته الصبر) وأن اعذر واتفهم وافرح لفرحهم، لكن مضاء شاكوش الاستغناء والقنعان، كان وقعه مؤلما ونحن نراقب مهرجانات الفرح بالاستقلال ..

لك الله يا كل من شعر بمرارة الشاكوش في حلقه! فهذه ارادة شعب شاء ان يكون فكان بـ (اختصار) وتاني ما بنفع الجقليب .. فبين افراحهم الزايدة ودموعنا والشجون البي الكوم، لم يبقى لنا سوى ترديد غناوي المشوكين مع اولاد اونسة (حسين واخيه المجدوب) ..

امروك خلاص تترك هواي .. توهب قليبك لي سواي

انا حبيتك انت وقلبك ما معاي

يا نار بتحرق في حشاي .. مبروك عليك ده هناك هناي

وآخر خبر .. كتبوا الكتاب وفصلوا البلاد [EMAIL]munasalman2@yahoo.com [/EMAIL]