تحقيقات وتقارير
دورة الميس :البرلمان… يسارق الوقت..!!
وبرغم ان رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر لم يوصد الباب بشكل قاطع امام هذا «التعشم» بمناقشة هذه القوانين ، وترك الباب مواربا على نحو يصعب معه دخول قوانين من الحجم « العائلي» الى منضدة البرلمان، تبدو ملامح جدول اعماله الجديدة لكل مراقب ومتابع واضحة المعالم، ما يجعل تهديدات احزاب المعارضة بطرح ما وصفته بالقوانين البديلة محط احتمالات يخنقها قصر عمر الدورة الاخيرة، للمجلس الانتقالي الذي تم تكوينه بموجب اتفاقية السلام الشامل الموقعة في نيفاشا بتاريخ 9 يناير 2005م، بين حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وعقد اولى جلساته الإجرائية في دورة انعقاده الأولى في التاسع والعشرين من ذات الشهر، فخطاب رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر في الجلسة الافتتاحية للدورة الجديدة أمس، شمل سردا لاداء البرلمان خلال الثلاث سنوات الماضية. وقال ان الانجازات خلال هذه الاعوام بلغت 102 عملا تشريعيا على رأسها اجازة قوانين المحكمة الدستورية، مفوضية الخدمة القضائية، الوحدات المشتركة/المدمجة، لعمل الطوعي، الاحزاب، المراجعة العامة، القوات المسلحة، الشرطة، الصحة العامة، المجلس القومي للسكان، مفوضية الخدمة المدنية، محاسبة العاملين وقانون الانتخابات الذي اجيز بنهاية الدورة السابقة، وقوانين اخرى،اضافة الى انجاز 150 عملا رقابيا، عبر الاستماع الى 14 تقريرا و49 بيانا و16 طلباً من النواب للاحاطة، بجانب الاستماع واجازة 27 بيانا نوعيا واسئلة ومسائل عاجلة بلغت 44 مسألة، بجانب انشطة اخرى، لكن عدداً من الاحزاب وفي مقدمتها الشريك الاساسي، للمؤتمر الوطني- الحركة الشعبية واحزاب المعارضة تطالب بادخال ما تعتبره القوانين المقيدة للحريات الى الدورة الحالية وتعديلها او الغائها، وهددت الحركة بخيارات ما لم ُتجز هذه القوانين، وانتقدت الحركة على لسان نائب امينها العام ورئيس كتلتها النيابية، ياسر عرمان، خطاب الطاهر بعنف، واتهمته بانه لا يريد تقديم هذه القوانين وانما يريد انتخابات تقوم تحت ظل قوانين متعارضة مع الدستوروسيطرة كاملة للاعلام من جهة واحدة مطالبة بتقديم قانوني الصحافة والامن الوطني للتعديل كأدنى حد يمكن ان تقبل به، قبل ان ينعت عرمان وزارة العدل بـ» الصوم التام» ويدعو لجنة التشريع الى ان تبادر بتقديم هذه القوانين، داعيا الكتل البرلمانية للتنسيق والعمل سويا مهددا بوجود خيارات لم يفصلها حال لم تعدل القوانين المذكورة، مشيرا الى ان بعض هذه القوانين جاهزة لان تعرض،لكن رئيس البرلمان في رده على سؤال يتعلق بهذه القوانين طرح خلال مؤتمر صحفي عده أمس الاول، اكد ان البرلمان على استعداد لمناقشة هذه القوانين. وقال ان قوانين الامن الوطني والصحافة والاجراءات الجنائية يجري فيها عمل كثيف في الاجهزة المختصة وذات الصلة خارج البرلمان، واضاف اذا نضج العمل فيها واحيلت الى المجلس نحن مستعدون لعرضها ومناقشتها واتخاذ القرار بشأنها، لكن الطاهر لايرى ان هذه القوانين ذات تأثير كبير او هي شرط لاجراء الانتخابات. واوضح ان احزاب المعارضة لم تطرح على البرلمان اية قوانين بديلة وفي حال طرحتها قال سنعتبرها مبادرة نتعامل معها بحسب ما نتعامل مع المبادرات مثيلاتها، وفي ذات المؤتمر، اشار الطاهر بوضوح الى الاجندة المطروحة للدورة الجديدة، بعد ان اكد انها ستكون الاخيرة من اجل المجلس الوطني، وابان ان النواب سيعكفون ليومين على مناقشة خطاب رئيس الجمهورية، امام الجلسة الافتتاحية، وعادة ما يتم تقسيم لجان المجلس الي قطاعات لمواصلة دراسة خطاب الرئيس على مدى ايام توطئة للرد عليه، وسيعتمد قائمة باسماء مجلس شئون الاحزاب، كما يتداول حول اعضاء مفوضية الانتخابات التي اودعت منضدة البرلمان للمصادقة عليهم، وينتظر البرلمان بحسب الطاهر مشروعات قوانين متوقع ايداعها من مجلس الوزراء – لكنه لم يفصلها – وسيدخل في مناقشة عدد من الاتفاقيات الاقتصادية المتصلة بتمويل مشروعات السدود في الشمال والنيل الازرق، اضافة الى الاستماع الى تقرير من لجنة الشئون الاقتصادية حول الاداء ربع السنوي للموازنة، وتقوم وزاة المالية – كما وعدت البرلمان- بايداع الموازنة العامة في نوفمبر القادم بدلا من ديسمبر كما هو معتاد، وتسترق مناقشة الموازنة اسبوعين على الاقل من جملة ستة اسابيع هي عمر الدورة الجديدة، هذا فضلا عن التقارير والبيانات التي سيقدمها الوزراء، والتي ستقدمها اللجان الدائمة عن انشطتها خلال العطلة الفائتة وعن الملفات التي كلفت من البرلمان بمتابعتها او التحقيق فيها.
رئيس الجمهورية من جانبه وبعد ان اثنى على اداء البرلمان خلال الثلاث سنوات الماضية، عول عليه بشدة في انجاز العديد من التحديات الماثلة وعلى رأسها حل ازمة دارفور وتجاوز تداعيات ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية، ابتداءا من المصادقة على مفوضية الانتخابات، والمساهمة في تلبية جملة من المطلوبات الفنية والسياسية لقيام الانتخابات في موعدها، وانجاح المبادرات المطروحة لمعالجة قضية دارفور، وتنفذ الاستراتيجيتين القومية والزراعية، فضلا عن النظر في تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية، وقال في خطابه أمس، للنواب «لقد قدمتم كتاب اداء ناصع لهيئتك الموقرة اني لارجو ان يكون كتاباً يؤخذ باليمين» قبل ان يوجه الجهاز التنفيذي لتقديم كتاب انجازاته خلال السنوات الثلاث الى البرلمان.
وستنتهي الدورة الاخيرة لهذه للبرلمان الانتقالي من اربعمائة وخمسين عضواً،منتصف ديسمبر القادم، وسيفقد البرلمان شرعيته بحلول التاسع من يوليو المقبل، وهو التوقيت النهائي لقيام الانتخابات،بموجب اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي، وهي الشرعية التي على اثرها وفق محاصصة نال منها المؤتمر الوطني 52% والحركة الشعبية 28%, والقوى السياسية الشمالية الاخرى بـ(14%) والقوى الجنوبية الاخرى بـ(6%)، بدأ اولى جلساته الإجرائية في دور انعقاده الأولى في التاسع والعشرين من يناير2005م، وانتخب أحمد إبراهيم الطاهر رئيساً، عن حزب المؤتمر الوطني الشريك الاكبرفي سلام نيفاشا،وأتيم قرنق من الحركة الشعبية، نائباً له،ولاحقا اختير محمد الحسن الامين (وطني) نائبا ثانيا، ليباشر بعدها مهامه التشريعية والرقابية عن طريق (19) لجنة متخصصة دائمة،الا ان مياهً كثيرة جرت تحت الجسور من اول جلسة، ارتفعت بموجبها اللجان الدائمة الى (20) لجنة، وتزحزحت فيها نسب المحاصصة، بعد دخول حركات دارفور وجبهة الشرق تحت مظلة السلام، كانت حصصهم 12 و8 من الاعضاء لكل، افسح المؤتمر الوطني عن غالبية مقاعدها،وعادة وعند بداية كل دورة جديدة ترتفع اصوات القوى السياسية خاصة المعارضة منها لتكررذات الحدوته، المطالبة بتعديل والغاء القوانين المقيدة للحريات، وعلى رأسها قوانين الامن الوطني والصحافة والاجراءات الجنائية وغيرها، هذه الدورة على عكس سابقاتها لقصرها، قد لا يكون لكثير من القوى السياسية مكان لإعراب احلامها و»تعشمها» فيها..
is_hasabo@hotmail.com
اسماعيل حسابو :الصحافة [/ALIGN]