فدوى موسى

أنفاس الناس

أنفاس الناس[/B]
أنفاس الناس تتصاعد وتهبط.. والحياة تحتاج صعودها وهبوطها.. شهيقها وزفيرها.. وعلى ذلك «تتدوزن» الإيقاعات فرحاً وحزناً.. والأيام تمضي وتتغير المواقف والمواضيع، فمن كان في خانة العدو قد يصبح الصديق الصدوق والعكس بالعكس.. ولكن تبقى في الدواخل القصية للنبلاء الآدميين أشياء من حتى… فقد اعتادت نفوسهم بذل الإنسانية والطيب الروحي، تراهم يأسون لمن يعترض مسير هذا الدفق الدافيء… ومبلغ الأسى أن تأتيهم الطعنات الواحدة تلو الأخرى وهم يسمون ويصفحون إلى أن تتضرر كرامتهم التي لا يحتملون عليها الهوان، وعندها ينبلج الوجه الآخر الذي ما كان للنبل أن يفصح عنه إلا تحت وطأة ذلك التجاسر السافر على الفضل الذي صار عند البعض مجرد قصة من الماضي… وأنفاس الناس ليست كلها عبقاً للخير.. فبقدر ما يعرف الخير يكون مقياسه من الشر.. والخير والشر متلازمتان متوازيتان تسيران اتجاهاً جنباً إلى جنب ولكنهما لا يلتقيان أبداً… والدواخل الإنسانية على رُقيّها من حضيض الكائنات الأقل إنسانية والأكثر حيوانية، لم تحكِ في سالفها يوماً أن الخير والشر التقيا، إلا أن تقرر أن النفس الواحدة تحتملهما في توازن داخلي، ولكن العاقل من يرجح كفة الخير وجانبها ويحد من تمدد الأخرى… والكثيرون تختل عندهم الموازنة فيعدون هذا التوازي شكلاً من الاختلاط والتقاطع، فكثير ما لا يعرفون أي خط إنساني يمكنهم الرجوع إليه.. فكثير ما تكون أنفس بعضهم في غير مواقعها.. فعندما يختلط الخير والشر تبرز وجوهاً لا يمكن الركون إليها بالرضاء.. لذا نجد العبوس والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق… ورغم ذلك تحتضن النفس وإن كانت معلولة القيم المقابلة حتى ولو في حدود الضيق لا ترف المشاعر الدافقة.. فحتى أعتى المجرمين تجدهم لهم المشاعر والأحاسيس الراقية.. ولكن في موضع ما ولحظة ما تداخلت عندهم خطوط الشر مع الخير فخرجت بهم من الأنفاس المعتادة إلى النفس البائر المنبوذ.

آخر الكلام:-إنسانيتنا.. هبة وفضل من الله… علينا أن نحاول دائماً أن نسمو فوق حواجز السلب إلى الإيجاب وأن نكون صفحة بيضاء للآخر إلى أن يثبت هذا الآخر أنه يحتاج للصفحة السوداء ودمتم.

سياج – آخر لحظة – 23/2/2011
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email[/SIZE]