فدوى موسى

فساد مقنن

فساد مقنن
شعرة رقيقة جداً ما بين انبعاث الروائح واثبات مصدرها لأنها في الغالب أي الرائحة تقودك إلى مسببها وباعثها خاصة إن كانت الرائحة نتنة ومتعفنة.. ورغم اكتناز الذاكرة بروائح جميلة نحتفي فيها بجمع ولمة كرائحة اللبن المقنن في الأحياء الشعبية عند المغرب والذي يعني أن هناك لمة ولو على مستوى العائلة الواحدة حول «كفتيرة شاي بي لبن» تصحبها «اللقيمات» أو الزلابية كما يقولون.. ولكن وفي هذا الزمان صارت رائحة «القنانة» تظهر على «مناقد» ومواقد أخرى.. ويا لها من رائحة مقننة.. إنها رائحة الفساد.. الذي صار مألوفاً للبعض فلا يجدون حرجاً في التداول معه باعتباره لم يعد يدخل في باب العيب لأن اثباته بالشكل القاطع صعب.. فممارسوه اجتازوا فيه الشهادات العليا بل صاروا منظومة متخصصة تعرف من أين تلج إليه ومن أين تخرج منه ولا يقع في «القبضة» إلا الصغار داخل الشبكة والمنظومة.. وليس بالضرورة أن تقبض المفسد وهو يمارس فساده ولكنك قد تلحظه وهو يتطاول في البنيان أو وهو يذهب بابنائه إلى المدارس ذات الرسوم العالية خاصة إن كانت وظيفته من الدرجات الصغيرة.. مداخل الخدمة.. وكثيراً ما تجد في مصلحة واحدة ودرجة واحدة.. أحدهما يمتلك منزلاً ملكاً حراً ويركب الفارهة والآخر يعاني الأمرين من السكن بنظام الاقتطاع من ورثة الزوجة أو مضايقة اخوانه الوراث وآخر «مرمطة» في محطات المواصلات ومساسكة «كلوريد الصوديوم» للوصول للعمل الذي يحتاج أحياناً لاستغلال خطين من المواصلات.. وعندما يحدث أي طاريء لهذا الأخير مثل مرض الابن أو الزوج تجده يضطر للاستدانة حتى يوفر ثمن الدواء الذي دائماً خارج نطاق تغطية التأمين ورغم ذلك لا يسمح لنفسه بتلويث الذمة والدخول في معممة صديقه الذي يتفنن في ابتداع «السمسرة» و(الكومشين).. واخدمني بخدمك».. وتظل زوج «أبو الذمة» تلاحقه بشئ من عدم التصديق لأنها ترى الآخر يتقدم في العمار والمال وزوجها الذي يعمل معه في نفس المؤسسة «محلك سر».. وأخرى في درجة ووظيفة متساوية مع القافزة بسهم «الخيار والفقوس» والأخرى تبدو مرهقة كأنها موظفة أثرية بينما هي تمارس التدريب الداخلي والخارجي والحوافز والمنح بشكل راتب يجعلها الأقرب للأثرياء ولا تملك الأخرى إلا الشكوى المرة «للغاشي والماشي» وكما يقال لا تجد صدى عملي «لطق حنكها هذا».. والفساد يستشري لتجد موظفاً يرسم عملاً وخطته وتنفيذه من بنات أفكاره ثم ينفذه على الورق ويقبض الثمن والمدهش أنه يستطيع أن يزيل «العهد» بكل برود دم.. وآخر يترقى لمرحلة الإدارة ليعين زوجته الباقية في المنزل وابنه القاصر ليصرف هؤلاء المرتبات والحوافز بكل قوة عين و.. و..و..

آخر الكلام:

الم أقل لكم أنه أصبح نفاذ الرائحة مزعج اللون.. قبيح المنظر.. ورغم ذلك هناك من له القدرة على إخراجه بشكل درامي.. تراجيدي.. «ودمتم».

سياج – آخر لحظة – 17/2/2011
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email