أديس أبابا.. جولة الفشل والمكاسب..!؟
وكان فشل جولة المباحثات المتعلقة بالملف الامني والتقدم الضئيل في ملف أبيي أمراً متوقعاً، مع ذلك حققت هذه الجولة مجموعة من النقاط المهمة التي تحتاجها عملية التفاوض لحسم الملفات العالقة، والتي لا تقتصر على أبيي والملف الامني، فهناك النفط ومواطنو الدولتين والكثير من الملفات الشائكة، أولى تلك المكاسب هي ان العودة الى المواجهة العسكرية مثل ما حدث في هجليج مؤخراً تأكد ان لا وجود لها في السيناريوهات الآنية، فالحرب رغم التلميح بها والتحذير من وقوعها في حديث الجانبين السوداني والجنوب سوداني تعتبر خيارا غير مرغوب فيه من الجانبين ومغامرة يصعب خوضها مرة ثانية، او لنقل في الوضع الحالي وهو ذات الاتجاه الذي عبر عنه مراقبون واستبعدوا اندلاع حرب كاملة بين البلدين لكن يقول بعضهم ان المناوشات والاشتباكات المحدودة متوقع حدوثها. ماسبق يمكن وضعه امام اتجاه الخيارات الدولية والتي كشف عنها التحرك السريع لتلافي آثار مواجهات هجليج نهاية ابريل المنصرم من قبل مجلس الامن والامم المتحدة ، فالحرب آخر الخيارات وبمثابة الانتحار، ويقول احد اعضاء الآلية الافريقية شريطة حجب اسمه لـ»الصحافة» عشية إنهيار المباحثات (نعم لم نتوصل الى شئ في هذه الجولة لكن هذا لا يعني الفشل)، وتابع (بكل المعايير هناك نجاحات فكيف تفسر جلوس جنرالات الجيشين وجها لوجه بعيدا عن غرف ادارة المعارك انهم رغم تباعد المسافة في وجهات نظرهم لكن هذا لا يعني العودة للمربع الاول ،فهم الآن يديرون الامر هنا بحسابات ليس من بينها المدافع والقنابل)، إذن هذه هي الطريقة التي يقايس بها الوسطاء مهامهم ، ومعهم المراقبون الدوليون، فانفضاض المباحثات دون شئ لم يكن مزعجا او داعيا لتجديد المخاوف فلنتمعن فيما قاله هايلي منقريوس قبل ان يغادر اديس ابابا فالرجل قال (ما تحقق جيد لكن لا بد من التعامل مع الوقت بجدية) وهذه يمكن ان تكون اولى رسائل الجولة القادمة.
أزمة ثقة أم سقوفات:
لا خلاف حتى بين المتفاوضين ان المفر والمهرب الوحيد من علاقة ودية بين الجانبين هو الجحيم بعينه، مع ذلك إنعدام الثقة بينهم متسع، السفير السوداني باثيوبيا الفريق عبدالرحمن سر الختم ايام اللقاءات المباشرة بحضور الوسيط امبيكي قال لـ الصحافة ان ذهبنا الى الحرب فلا يمكننا معرفة خسائرها لكن طريق السلام سيفتح ابواباً واسعة للانطلاق، لكنه يعود ويضيف هذا يتطلب مصداقية، ايضا السفير عمر دهب تحدث للصحفيين وطالب المجتمع الدولي للانتباه ومراقبة نوايا جنوب السودان وخروجها من روح القرارات الداعية للتعاون والاقبال بجدية لتحقيق السلام، في المقابل يقول جانب دولة جنوب السودان ان الخرطوم لن تفي بوعودها وهو ما يجعلهم غير متحمسين للموقف المعلن الآن، ويقول دينق ألور (هم غير جادين ولا يريدون حسم مواقفهم داخل الغرف وفي حضور الوساطة هناك امور اخرى تشغلهم) وقبله قال وزير خارجية جوبا نيال دينق إنه متفائل بحذر واخبر الاعلاميين بأن الجولة قد لا تصل الى شئ وهو ما انتهت عليه، ليبقى السؤال من يقف خلف عثرات رحلة الخرطوم وجوبا نحو السلام الذي يحتاجانه معا؟ أرجع المحلل السياسي بروفيسور الطيب زين العابدين الامر الى انعدام الثقة ولم يغفل ايضا البحث في المصالح الذاتية التي تدفع الطرفين ولخص تلك النقطتين في مقالة بـ»الصحافة» أمس بماعرفه بالسياسة المتجذرة وهي حسب زين العابدين _ سياسة متجذرة في النخبة الحاكمة في البلدين تتسم بالشك وسوء الظن وعدم الثقة وتهمة التآمر مع العدو في التعامل مع الخصم السياسي شمالياً كان أم جنوبياً، وهو ذات الاتجاه الذي اشار اليه المفكر محمد علي جادين في حديث سابق لـ»الصحافة» مع بداية المباحثات، وهو ما يعبر عنه اعضاء الوفود رغم لحظات الأنس وتجاذب الحديث الودي ساعات نهار التفاوض، من هنا يمكن تفسير الوجود الكثيف للمراقبين بل ومشاركتهم داخل الاجتماعات بصفة المراقب، فهل ما تبقى من ايام كفيل بإزالة سحب الشك من الجانبين بما يجعل السقوفات المرتفعة تنخفض قليلا ؟!
صمت مبيكي:
في التاسع عشر من الشهر الجاري سيعود ثامبو مبيكي الى أديس ابابا ليعقد اجتماعاً بفريق عمله، ويرتب لانطلاق جولة جديدة قالت بعض المصادر ان موعدها سيكون الحادي والعشرين من الشهر نفسه، لكن ثامبو العائد من بلاده التي احتفل فيها بعيد ميلاده وتوقف بعدها في مجلس الامن يأمل ان تكون المواقف قد تغيرت ،فالرجل كانت تكهنات المراقبين ايام محاولاته اعادت الجانبين الى المفاوضات بعد احتلال هجليج تشير الى ان الفشل هو ما سيجنيه، لكن الرجل عاد بالطرفين غير انه الآن مواجه بعقبة المسير،فالجولة لم تحقق خطوات الى الامام وطوال العشرة ايام الماضية ظل الرجل صامتاً، لا يتحدث فقط يرسل ابتسامات محدودة لكاميرات الفضائيات وفلاشات الصحفيين مما وضع الكثير من الاستفهامات، وبدأت بعض الاصوات الهامسة تتحدث عن ان الرجل بات لا يملك الكثير ليقدمه بيد ان الطرفين عبرا عن تجديدهما الثقة في ثامبو وفريق عمله، فهل يستثمر الوسيط الافريقي طويل البال ثقة الاطراف لايجاد طريق خالٍ من العثرات في ماتبقى من جولات.
موعد الإياب:
اتفق اكثر من رأي على ان الحادي والعشرين الجاري هو موعد العودة الى اديس ابابا ، عودة هذه المرة رغم تدني درجات التفاؤل يجب ان تحرز تقدما واختراقا في العديد من الملفات وهو ما سيعمل من اجله الوسيط الاممي، وقال لوكا بيونق في حديث لـ»الصحافة» ان الحادي والعشرين سيكون انطلاق الجولة القادمة لبحث عدد من الملفات، قبلها سألنا رئيس وفد السودان ادريس محمد عبدالقادر ومعه عضو الوفد الوزير محمد المختار عن موعد الجولة لم يفصحا عن شئ لكن قالا ما بين عشرة او خمسة عشر يوماً فهل، ستعود وفود الدولتين ومعهم معالم لطريق ثالث . [/JUSTIFY]
تقرير: أديس أبابا: عباس محمد إبراهيم
الصحافة