فدوى موسى

ليك يا وطن

[ALIGN=CENTER]ليك يا وطن [/ALIGN] من الصعب جداً أن نجد إطاراً تعريفياً لمفهوم الوطن، لكبر ما يمكن أن يستوعبه معنى الوطن .. فالأرض والتراب وسليل الفراديس والجنسية والهوية ملامح تعزز في دمائنا هذا الانتماء الخالد.. ووجدانياتنا التي ترفل في عشقه تجعلنا الأقدر على أن نعطي بلا كلل ولا ملل:

حدق العيون ليك يا وطن.

أصبح مقر وأصبح سكن

أنت الملاذ ساعة المحن

فما بال الوطن عندما يكون في حالة محن هي مسار للانتباه والتيقظ.. فالسودان الذي جمع شتات أطياف متنوعة من الحضارة واللغات واللهجات والسحنات المتمازجة والمختلفة يدخل اليوم في دائرة الامتحان العالمي في جانب ما يتعلق ببقاء البلاد كما هي.. أرض، خريطة جغرافية وتنوع سكاني.. فالانفصال ما بين شمال وجنوب البلاد قد اكتملت فصول الإعداد له على وجه أُكمل تحت بنود كثيرة… تغافل من هم بالداخل تداعيات الوصول بمجريات الأحداث حتى تخوم هذا الخيار، بينما ساندت الآلية الدولية هذا التوجه لاعتبارات تتعلق بالموارد والمصالح وأجندات البقاء والتمدد.. وغاب عن فطنة الداخل أن ذات الدوافع كان يمكن أن تكون في اتحاد شطري البلاد.. ولكن حسن الظن في كل الأحوال قد يورد الظان مورد الهلاك، وأخطاء السياسة والاستئثار بالحكم قد تذهب ببصيرة الحكيم عن النظر إلى الأمور بنظرة كلية شاملة .. فالتراب الذي تتشتت ذراته شمالاً وجنوباً يذهب معه بخصوبة النماء والاخضرار هنا وهناك.. قد يقول قائل إن عوامل كثيرة تبعد ما بين الشمال والجنوب.. فالاختلاف في جواهر حياتية كبرى من دين وعرق وثقافة وسحنة هي عوامل مؤدية لاختيار الانفصال من قبل أبناء الجنوب.. خاصة وأن هناك خطاباً وجدانياً يستشعر القومية الأفريقية عند أبناء الجنوب قد تم العزف عليه بصورة جعلت خيار الانفصال يُسمى حالة استقلالية كاملة من بين التواصل والاخاء بين الشقين.. ولكن ما زال الأمل معقوداً على أن تظل العوامل التي تخلف التعاون والتصالح والسلم أمراً وارداً .. إذن لابد من تحريك القطار من محطة الشد والجذب ما بين بلوغ الخيار الانفصالى بعيداً عن الوحدة إلى محطات الواقعية المستوعبة لهذه الحالة السودانية المتفردة، في زمن تتوحد فيه الكيانات من أجل المنافع وتبادل الثروات إلى بلع مرارة تغيير خارطة أمة سودانية كانت تتمدد من حلفا لنمولي وبالعكس عند التوجه من الجنوب إلى الشمال… فقد تكسرت عجلات قطار الوحدة في طريقة اللاتصالح ما بين سياستنا السودانية وإرثنا القومي.. معضلة تاريخية يدخلها شريكا الحكم في السودان.. سيبدأ تاريخ جديد بعد الانفصال الذي أصبح أمره واقعاً.. ومكابر من يظن غير ذلك.. إذن هناك سودان يختلف عن هذا الذي نكتب من فوق ترابه كلماتنا، سودان بحدود مختلفة وصراع عليها… موارد مختلفة وصراع عليها.. وجدانيات وأدبيات جديدة وصراع عليها.. وأيدولوجيات للحكم وصراع عليها.. إذن شئنا أم أبينا نحن مُساقون إلى سودان مختلف إن لم نقل سودان جديد.

آخر الكلام:-فحذارى أن وطنك يضام

وحذارى أن يصبح حطام

سياج – آخر لحظة – 6/12/2010
fadwamusa8@hotmail.com