قير تور
مسابقة أجمل تيس!!
جاء الضابط الإداري إلى تلك القرية الواقعة في محلية ريفي الجاموسي في غرب المناقل منتصف تسعينيات القرن الماضي.وهذا الضابط الإداري الذي جاء ليشغل وظيفة تعتبر هي الأعلى مكانة قياساً ببقية زملائه، وجد كرماً مشهوداً به لاهل تلك القرى الواقعة في الجزيرة وبجانب آخر فقد كان ذلك الزمان هو قمة نشاط الكوادر المؤيدة لنغمة (القوي الأمين) ولذا فلم يكن مستغرباً أن تشهد اغلب الإحتفالات الهتافات الهادرة بالتكبير والتهليل تارة وتارة أخرى تهديد ووعيد بسقوط أميركا..
المهم صاحبنا إستلم وظيفته وسط إحتفالات شعبية عارمة، وفي اليوم التالي لتسلمه المكتب جلس واراد مراجعة بعض الأوراق الرسمية ليأتيه احدهم واقفاً بالخارج ويستأذن للدخول وعندما أخبر الضابط الإداري سمح لذلك بالدخول وسأله عن طلبه. وكان رد الزائر عبارة عن هدية جاء بها وقدمه قائلاً: (انا جاي بالعتوت دا هدية مني). سأله هذا: ما هي مناسبة الهدية رد الزائر بأنه بسبب زيارته لقريتهم لأول مرة!!. المهم قبل الضابط الإداري الهدية دون قناعة لكن خوفاً من الحرج نادى على أحد العمال قائلاً:(يا ولد ودي العتوت البيت واربطو).
بعد مرور اسابيع كان صاحب العتوت يأتي المكتب التنفيذي وهو يحمل ورقة حجم الفلسكاب مكتوب فيها عبارات عندما وصلت الضابط الإداري (المدير التنفيذي) أدرك هذا بأنه عليه التصديق بعدد كذا برميل وقود لصالح صاحب الطلب، وعندها نادى الضابط التنفيذي على العامل قائلاً: (يا ولد تعال أمشي البيت تلقى العتوت بقى تيس جيبو لينا)!!.
وفي وقت آخر جاءه آخر حاملاً خطاباً عندما اطلع عليه وجد الكثير من الآيات القرآنية ومثلها من الأحاديث النبوية أكثر من ثلثي المكتوب فأعاد المكتوب لصاحبه وقال: (ما قرأته قبل قليل فهمته ووعيته جيداً وهذا كلام الله ورسوله لا يحتاج لمغالطة، أما كلامك أنت فلم تقله؟).
المهم ظل هذا الضابط الإداري كل مرة يرجع هذا بطلبه وذاك بتوسلاته….وبعد فترة من الزمن كان الهمس يرتفع في المحلية بأن هذا الضابط شيوعي، ولم يستمر الهمس طويلاً إذ بعد ايام قليلة تم نقل هذا الشخص فتنفس اصحاب الطلب الصعداء.. لكن كيف وصلتنا هذه القصة؟.
القصة سادتي وصلتني على لسان اهل القرية عندما زار الكاتب هذه القرية المحلية في نهاية عام 1998م وفي المدرسة الثانوية الوحيدة الموجودة هناك آنذاك حكى لنا احد المعلمين الندم الذي يعيشه الأهالي على تفريطهم في ذلك المسؤول الذي اتهموه بالشيوعية فهو الذي بنى هذه المدرسة واوقف تلك الأعمدة الكهربائية وكان قد تبقى فقط توصيل الأسلاك.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1014- 2008-09-10