قير تور

ود الفار حفار

[ALIGN=CENTER]ود الفار حفار [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]في المثل الدارجي القديم (ود الفار بيطلع حفّار) نجد التفسير المبسط المفهوم الذي لا يحتاج لجهد كبير في فهم ما يرثه ابناء الحيوان الصغير (الفأر).وطبعاً ليس القصد منتهياً بوصف ما سيؤول إليه مولود الفأر، إنما الكناية تقع على الذي يشابه اباه في كل شئ.
وعلى نمط هذا المثل يبدو أن شعار الدولة السودانية منذ إعلان سياسة التحرير الاقتصادي المعلنة منذ تسعينات القرن الماضي تمضي في التطبيق السليم للمثل دون الحياد عنه. وعليه فالقانون الذي يقره كل مسؤول في محليته هو الخروج بنسبة 100% للمثل اعلاه او أكثر فيكون حال السودانيين في الفترة القادمة :ود الوزير بيطلع وزير وود الخفير بيطلع خفير.
طبعاً بعض الناس حينطوا لي هسع ويقولوا انا فرزت وميزت بين الناس لكن دي الحقيقة يا اخوانا لازم اقولها. فقد إنتهى الزمن الذي كان إبن الوزير يجلس في فصل واحد مع إبن الخفير ويتنافسان على الدرجات العليا من مدرسة تدفع نفقاتها الحكومة… بل يتعالجان معاً على نفقة الدولة وعندما يتخرجان من الجامعات والمعاهد العليا تكون فرص التوظيف متساوية لهما والذي يشغل الوظيفة هو المؤهل لها بغض النظر من هو والده.
للإستدلال على ذلك نأخذ الذين يقودون بلادنا اليوم فمنهم من لم نسمع بأن آباءهم كانوا وزراء او أمراء، بل أن بعضهم هم من اشد الناس كرهاً لما ساد في فترة من تأريخنا بالإنتماء لطائفة أحد (السيدين).هؤلاء وصلوا إلى درجات عليا في الدولة على حساب الدولة، لكن يسلك ابناؤهم اليوم نفس الطريق؟.
لنأتي لنموذج اليوم ونقرأ معاً عما كتبته صحيفة الوطن في العدد رقم 1899 الصادرة بتاريخ 6 رمضان 1429 هـ الموافق 6 سبتمبر 2008 م.نجد ان موضوع محاولة الإنتحار التي سبق لنا الإشارة هنا في ولاية القضارف في وقت سابق كشف حجم التجاوزات، فهناك حوالي ثلاثة الاف معلم ومعلمة بالولاية ظلت ترقياتهم مجمدة منذ عام 2003 م.واما الإستحقاقات على الولاية اكثر من ستة مليارات جنيه. وحسب الصحيفة فهناك ثلاثة الاف اسرة تتضرر من عدم صرف المستحقات.
والشخص الذي لا يصرف لمدة اكثر ثلاث سنوات ماذا سيفعل؟ هل سيسرق فيرمى به في السجن ليوصف بـ(الحرامي)؟ أم يذهب للتسول ليكشه النظام العام؟ أم يذهب بائعاً في السواق فيكون زبوناً لدفارات البلدية؟…
المهم في الموضوع ان عملية التعليم لن تكون ميسورة بهذه الحالة لأن الذي لا يملك حق إعاشة ابنائه لن يكون سهل عليه توفير نفقات المدارس والعلاج لأبنائه، وهؤلاء الأبناء قد يخرجون للبحث عن ارزاقهم بدلاً من التسكع داخل مدرسة لا يعرفون ماذا سياكلون في نهاية اليوم. وفي الوقت نفسه فإبن اي من وزرائنا له الفرصة في الدخول أفضل المدارس واميز الجامعات على النفقة الخاصة وعليه فهو سيتخرج ووظيفته جاهزة لا ينافسه إلا إبن وزير آخر او إبن رجل اعمال. وود الفار بيطلع حفار.[/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1013- 2008-09-09