السفير الأمريكي فرناندز: لا أريد التحدث عن الملفات المخابراتية
ثم بدأ الحوار مع السيد «فرنانديز».. وانطلقت الإجابات منه.. والمقاطعات مني.. إلى أن قطع حديثنا مسؤول المراسم الرئاسية الأستاذ «أحمد عبد القادر» بأدب جم طالباً الإنتقال إلى الطائرة ومواصلة الحوار هناك، قبل صعودنا إلى الطائرة، لمحتُ قائد حراس السفير – الذي ظل مرابطاً حول الصالة مع مجموعة الحراسة في سيارتين «جي أم سي » – يقترب من «فرنانديز» قائلاً :«لدي محاولة لمرافقتكم»، فرفض السفير الفكرة، وقال له: (لا داعي.. Don-t worry.. Don-t worry). ولم يكن هناك مجال للحراس، فالطائرة «فالكون» فخيمة، لكنها صغيرة ولا تسع لأكثر من (10) أشخاص.
وتواصل الحوار داخل الطائرة، بمداخلات قيمة من الأستاذ الكبير «أحمد البلال الطيب» رئيس تحرير الزميلة «أخبار اليوم» حيث نحن الأثنين كنا نمثل الوفد الصحفي المرافق للسيد نائب الرئيس، وكانت رفقة رائعة، ورحلة حافلة، كان أبرز نجومها محدثنا (اللطيف) سفير الدولة المتجبرة والقاهرة.. أمريكا..!! إنه رجل خارق الذكاء.. يتمتع بقدرات استثنائية.. يتحدث العربية بلهجة (الشوام) فقد عمل في سوريا، والأردن، بالإضافة إلى دول الخليج، لكنه تعلم اللغة العربية على يدي معلم (سوداني) مقيم في الولايات المتحدة قبل عشر سنوات!! لكنه لا يذكر اسمه الآن.
كان مدهشاً، ولافتاً للنظر، أن يتحرك السفير الأمريكي من الخرطوم إلى الفاشر، ويتجول في مطار حاضرة شمال دارفور ويقف بين جموع المستقبلين يصافح هذا، ويضحك مع ذاك، بدون حراسة، في إقليم تتحدث كل وكالات الأنباء والفضائيات العالمية كل يوم عن اشتعال الحرب، وانفراط الأمن فيه ..!! وخلال الجلسات المفتوحة والمغلقة بين «علي عثمان» و«مني أركو مناوي» كان فرنانديز يجلس في مكتب متواضع يتبع لأحد موظفي أمانة حكومة شمال دارفور، وكنا نشاركه الجلسة الأستاذ «أحمد البلال» وشخصي، نسأله كثيراً.. ويسألنا قليلاً..
فإلى تفاصيل الحلقة الأخيرة..
السيد السفير.. العقوبات الأمريكية والحصار الأمريكي على حكومة السودان مازال مستمراً.. حتى بعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل.. ماذا تريد أمريكا.. هل تريد تغيير النظام الحاكم؟
لا.. نحن لا نريد تغيير النظام.. نحن نريد تغيير (سلوك) النظام.. وتغيير بعض السياسات.. ومركز اهتمام أمريكا بالسودان ينحصر في شيئين أولاً: التطبيق الكامل لاتفاقية السلام الشامل، وثانياً حدوث استقرار وأمن نسبي في دارفور.
إذا كنت تتحدث عن دارفور فحكومة السودان هي الحكومة الوحيدة في العالم التي تسعى للحوار مع حركات متمردة، بينما الذي يحدث عادة هو أن تسعى الحركات إلى الحكومات، فقد ذهب مساعد الرئيس د.نافع علي نافع إلى ليبيا وجلس في «سرت» لأسبوعين وتمنَّعت الحركات، ورفض قادتها الحضور إلى مقر المفاوضات؟
نحن نلوم الجميع.. فالحكومة مسؤولة مسؤولية كبيرة عن الأحداث التي جرت في دارفور منذ العام 2003م إلى العام 2005م. والآخرون في الحركات عليهم مسؤولية أيضاً.
هناك عقوبات أمريكية على الحكومة.. لماذا لم تفرضوا بالمثل عقوبات على الحركات؟
هذا سؤال (غريب شوية)، لأنه دائماً العقوبات أسهل على الحكومات، من الصعوبة فرض عقوبات على حركات مستقرة في الجبال والأحراش..
ولكن قادة هذه الحركات لا يقيمون في الجبال.. بل يعيشون في أوربا وأمريكا ويتحركون بجوازات سفر أوربية و..؟!
(قاطعني).. أعتقد أنها جوازات سفر أفريقية.. (من جيرانكم) – قالها وهو يضحك – جوازات سفر من ليبيا.. من تشاد.. من أريتريا!! ثم واصل: أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي فرضت عقوبات على د.خليل إبراهيم.
أمريكا تعاقب السودان. ولكنها تدير علاقات صداقة جيدة مع أنظمة حاكمة في دول عربية وأفريقية أكثر بطشاً وديكتاتورية من النظام الحاكم في السودان؟
هذا رأيك قد يكون صاح.. وقد يكون خطأ.. ولكن هل هناك دولة عربية توجد بها معسكرات نازحين من شعبها.. هل هناك معسكرات في مصر – مثلاً- لحوالى ثلاثة ملايين نازح مصري؟ والغريب أنني مثلما أسمع نقداً للعقوبات الأمريكية على السودان، أسمع أيضاً من مسؤولين في الحكومة يقولون إننا لا نتأثر بهذه العقوبات الأمريكية، وأن علاقتنا مع العالم جيدة، وأننا (مبسوطون) من هذه العقوبات..!! يجب أن يحدد السودانيون: هل الدور الأمريكي في السودان مهم أم غير مهم؟.
{ تداخل الأستاذ «أحمد البلال الطيب» رئيس تحرير الزميلة «أخبار اليوم» قائلاً: لا أحد ينكر الدور الأمريكي الكبير.. ولا شك أن أمريكا تمثل الآن القطب الأكبر والأوحد في العالم.
ثم تحدث السفير: يجب أن يعرف السودانيون أن أمريكا تدعم أية مبادرة مخلصة من أجل السلام في دارفور.. سواء كانت مبادرة قطرية.. أو من أي جهة كانت.. الآن هناك مرونة أمريكية.. وإذا توفرت هذه المرونة فهذا يعني أن هناك فرصة ذهبية.
السيد السفير.. حكومة السودان تعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وقد أكد الطرفان وأعلنا هذا التعاون أكثر من مرة، ولكن يبدو أن حكومة السودان لم تستفد شيئاً من وراء هذا التعاون؟
لا.. غير صحيح.. هناك فائدة عادت على الحكومتين من هذا التعاون. وهذا (موضوع حساس).. وأنا لا أريد أن أتحدث عن الملفات المخابراتية. ولكن لا يوجد شك بأنه كانت هناك فائدة للطرفين.
ولكن المواطن السوداني لا يرى فائدة ملموسة من هذا التعاون.. فهناك عقوبات أمريكية على السودان كل يوم؟
هذا موضوع حساس، وليس عندي كلمة أخرى يمكن أن أقولها حول هذا الموضوع. هناك تعاون في مجال، ولكن هناك مشاكل في مجالات أخرى.
لابد أنك إلتقيت بالرئيس عمر البشير ما هو رأيك وانطباعاتك عنه؟
هو رئيس الدولة.. وعندي احترام لرئيس أي دولة أعمل فيها. لدي احترام للقيادة السودانية. وأنا قابلته مرة واحدة فقط..!! أعرف شقيقه د.«عبد الله».
ما هو رأيك في الفريق سلفاكير النائب الأول للرئيس ورئيس حكومة الجنوب؟
جلستُ إلى الفريق سلفاكير كثيراً.. وهو شخص منفتح.. وعندي احترام كبير لسلفاكير.
هناك إعتقاد بأن مشكلة الفريق سلفاكير هي أنه جاء خليفة لزعيم استثنائي هو الراحل د.جون قرنق؟.
أنت تعرف أن د.جون قرنق من الشخصيات التاريخية النادرة.. ولكنني أعتقد أن سلفاكير رجل قائد.. وهو يحاول أن يؤسس لقيادة جديدة.. ويحاول نقل الحركة إلى حزب سياسي.. وتأسيس حياة مدنية في الجنوب.. ورغم ذلك لابد أن هناك أخطاء هنا وهناك..
ما رأيك في السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية.. يقال إنه صديقك؟
ضحك.. ثم قال: يُقال..!! هو رجل ذكي وشاطر.. ولكن هناك أيضاً (ناس شاطرين) في المؤتمر الوطني.
مثل من؟
مثل سيد الخطيب.. هو رجل مفكر.. عندي احترام كبير له.. والدكتور غازي صلاح الدين.. أيضاً مفكر عميق.. «باقان أموم» مفكر.. ود.غازي مُفكر.. سيد الخطيب مفكر..
هناك نقد دائم لسلوك «باقان أموم» السياسي وأنه مثير للمشاكل بين الشريكين؟
هذا ليس بسبب شخصية معينة.. ولكن بسبب أن النظريتين مختلفتين حول تطبيق اتفاقية السلام الشامل . المشاكل ليس بسبب «باقان».
ولكن كلما توفرت شخصيات وفاقية مسؤولة عن تنفيذ اتفاقية السلام فهذا يعني تقدم واستقرار أكبر بين الشريكين؟
هذا رأيك.. ولكن المهم هو السياسات وليس الشخصيات..
{ ولكن السياسات ينفذها أشخاص؟
هذا صحيح.. هناك مشكلة بين السياسات في الغرب والشرق، ففي الشرق يتم (شخصنة) القضايا بصورة أكبر.
السيد السفير.. عند الحديث عن السياسات والاستراتيجيات.. ألا تعتقد بأن الاستراتيجية الأفضل لحل مشكلة دارفور هي الرجوع إلى الجماهير.. وأن يكون الحل في إجراء الإنتخابات وليس في توزيع المناصب بين «خليل» و«عبد الواحد» و«مناوي» وغيرهم؟
هذا سؤال مهم.. ويحتاج إلى دراسة.. ولكن يجب أن نعرف أن الأمن في دارفور مناسب لإجراء الإنتخابات. لابد من زيادة مستوى الأمن والاستقرار في دارفور.. هذا تحدي أمامكم.. وأمامنا.. (على فكرة).. رُبع ميزانية الأمم المتحدة في السودان تدفعها أمريكا.. فإذا وجدت (4) سيارات تابعة للأمم المتحدة، فإن (واحدة) منها من الدعم الأمريكي.
ولكنه صرف على إغاثات ومنظمات وليس صرفاً على تنمية حقيقية؟
إذا توفر أمن واستقرار فيمكن أن تُوجه كل هذه الأموال لصالح التنمية في دارفور.
السيد السفير.. من خلال متابعاتك وقراءاتك.. هل يمكن أن تحقق «الحركة الشعبية» كسباً في الإنتخابات القادمة؟
أنا لست كاهناً سياسياً..!
أنت مراقب.. هل تتوقع مفاجآت في الإنتخابات القادمة؟
في السودان هناك ديناميكية سياسية.. أي شيء ممكن يحدث..
شكراً السيد السفير..
شكراً لك..
صحيفة اخر لحظة[/ALIGN]