تحقيقات وتقارير

تأجيل الانتخابات. مناورة سياسية أم دعوة حقيقية؟

[ALIGN=JUSTIFY] أثار حديث مسؤول حكومة الجنوب بتمديد فترة اجراء الانتخابات العامة لستة أشهر، ردود أفعال واسعة وسط القوى السياسية والتي اعتبرت حديث حكومة الجنوب بتمديد الفترة لظروف الامطار بالجنوب غير موفق، وتعتبر مناورة سياسية في ظل التطورات السياسية والتحديات التي تواجه العملية الانتخابية بالبلاد، ولا سيما وان هناك كثيرا من العوائق تعترض إجراء العملية اهمها مسألة التحول الديمقراطي وسير القوانين المقيدة للحريات خاصة قانون الأمن الوطني، والخلافات حول تشكيل مفوضية الانتخابات، ويرى بعض المراقبين السياسيين أن الخطوة التي تتخذها الحركة حيال تمديد فترة الانتخابات ما هى إلا مناورة سياسية لجس نبض الشارع السوداني الذي اصلاً غير مهيأ للعملية في الوقت الحالي، وان البلاد تمر بظروف بالغة التعقيد ومهددة بمواجهة المجتمع الدولي، وفي انتظار ما تسفر عنه محكمة الجنايات الدولية وطلب محاكمة الرئيس واتهامه بارتكاب جرائم بدارفور، وان قضية دارفور لا تزال تراوح مكانها، وان كل هذه المؤشرات تهدد إجراء العملية الانتخابية، وان اتفاق السلام والدستور فتحا الباب لاجراء تعديلات حالة اتفاق طرفي نيفاشا، وان اتفاق نيفاشا والدستور نصا على ان يتم تشكيل الانتخابات العامة على جميع مستويات الحكم بحلول نهاية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية وقبل ستة اشهر من نهاية الفترتين هى فترة اجراء التعداد السكاني وفترة اعداد وتخطيط وتنظيم السكان، وان هناك اعتبارات لا تفرض كشرط يجب مراعاتها بالنسبة لتحديد موعد الانتخابات بما في ذلك إعادة التوطين وإعادة البناء والعودة الى الوطن بجانب بناء الهياكل والمؤسسات.
اضافة الى ذلك المادة 422 الفقرة 2 تنص بأنه لا تطرح التعديلات التي تؤثر على نصوص اتفاقية السلام الشامل إلا بعد موافقة طرفيها الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وان المادة 612 من الدستور تنص على ان تجري انتخابات عامة على كافة مستويات الحكم في موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية، وبالتالي ترك الباب مفتوحاً لكافة الاحتمالات، ورغم أن المؤتمر الوطني وعلى لسان رئيس الجمهورية وفي مناسبات عديدة اكد على ضرورة قيام الانتخابات في مواعيدها لكن دعوة الحركة لتمديد إجراء العملية بدعاوي فصل الخريف لا يسنده منطق. الامر الذي جعل المراقبين يصفون الدعوة بأنها مناورة سياسية لأن الطرفين عند توقيعهما على الاتفاق يعلمان ذلك جيداً وان الامطار بالجنوب لن تستمر طوال العام وان الدعوة القصد منها اغراض اخرى تعلمها الحركة الشعبية وتخطط لها، لأن هذه الدعوة غير موفقة وغير مقنعة للقوى السياسية.
ويقول الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر في حديثه «للصحافة» ان تأجيل الانتخابات مربوط باتفاق الشريكين في الدستور أي بمحض ارادتهما، وان مسألة التأجيل واحدة من عيوب الدستور الانتقالي ، واوضح عمر أن سبب التأجيل من قبل الحركة الشعبية غير منطقي في الواقع العملي وماهو ظرف طاريء إنما يفتح الباب للوطن الذي يواجه مشاكل سياسية في مقدمتها طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية لويس مورينو اوكامبو وكافة الحيل السياسية التي تدفع الامر.
ويمضي كمال عمر في القول ان تأجيل الانتخابات يزيد من وتيرة الاحتقان السياسي لا سيما وأن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية دخلا في مغالطات وبالتالي فان الحركة والوطني مسؤولان مسؤولية مباشرة عن المعوقات الموجودة علي الساحة السياسية في قيام الانتخابات، غير نزيه، والدليل على ذلك هناك اشكاليات في القوانين بمحض ارادة الطرفين لم يحدث أي تغيير، ويبدو ان هناك نية مبيتة لتزوير الانتخابات، لكن هناك قوة سياسية هي تحالف اكثر من 61 حزبا لمواجهة هذه الحيل والمؤامرات لقيام الانتخابات، وان اتخاذ عامل الخريف غير منطقي لأن الحركة اذا قورنت مع الوطني حريصة لقيام الانتخابات لكن المؤتمر الوطني لديه مصلحة في التأجيل.
ويضيف كمال عمر «للصحافة» نفتكر ان الحركة الشعبية في المستقبل ستنحاز الى جانب القوى السياسية اكثر لأنها لدغت من ظلم المؤتمر الوطني لذا مستقبلا علاقات الحركة لن تستمر مع الوطني وستتجه الى الاحزاب، فيما يرى القيادي بالحزب الشيوعي سليمان حامد ان سبب تأجيل العملية الانتخابية غير مقنع وان الامطار في الجنوب لن تستمر طوال العام، ستة اشهر فقط ،وقال سليمان في حديثه «للصحافة» لا افتكر ان الخريف سبب مقنع لتأجيل الانتخابات لكن العملية الانتخابية مرتبطة بحل أزمة دارفور لأن كل القوى السياسية وافقت على حلول القضايا الاربع، وهى مطالب أهل دارفور الاقليم الواحد واعادة النازحين، التعويضات ومحاكمة كل مرتكبي الجرائم ضد الانسانية محاكمة عادلة وتسليمهم الى العدالة ، رغم أن الرئيس وافق على اثنين واعتبر مبادرة أهل السودان، وشدد سليمان انه لابد من التحول الديمقراطي للبلاد لأن التحديات التي تواجه النظام والمتمثلة في المحكمة الجنائية والتي ترتبط بالقرار 3951 الصادر من مجلس الأمن ومستمد من المادة 131 الفقرة 3 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة ويعطي مجلس الأمن الحق باتخاذ كل القرارات المتعلقة بالوضع في السودان وانه تبقى شهر لاعلان اوكامبو فان الامر يتطلب ضرورة حل أزمة دارفور والتحول الديمقراطي ،وان الامطار ماهي بسبب وهذه تبريرات لكن اذا كان هناك سبب آخر يجب توضيحه، ووافق على رأى سليمان المحامي الصادق علي حسن أن الامطار سبب غير مقنع لتأجيل الانتخابات وان اتخاذ مثل هذه الاجراءات غير صحيح لأن هناك خلافات بين الطرفين في ما يتعلق بالمفوضية والتنازع على السلطة وقضية دارفور لا تزال مستفحلة وكل المعطيات تشير الى ان الانتخابات غير مهيأة، ويمضي الصادق في القول «للصحافة» ان كل هذه الظروف لا تعفي من ان هناك قصورا من جانب الحركة الشعبية من خلال جداول تنفيذ الاتفاق وخلال السنوات الثلاث الماضية لم تتخذ الحركة أي خطوة تجاه العملية الانتخابية ، واضاف اعتقد ان الامر برمته ان الطرفين ليسا جاهزين للعملية، ولا الشعب السوداني جاه،ز ويقول ان الدستور نص على شريكي نيفاشا حق مراجعة وتعديل الدستور لكن عدم انفاذ الدستور يدخل الطرفين في اشكال ، واعتقد الصادق ان الحركة الشعبية تريد أن تدرس مآلات توقيف البشير من المحكمة الجنائية وعلى ما تسير عليه قرارات اوكامبو وفي حالة اتخاذ القرار بشأن الرئيس الحركة تريد اجراء تقييم لهذه المسألة.
الى ذلك اعلن المؤتمر الوطني رفضه لهذه الخطوة واعتبر ان تحديد الانتخابات خط أحمر وتمسك بقيام الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المحدد في يوليو من العام المقبل.
جعفر السبكي :الصحافة [/ALIGN]