هل يصلح “عادل إمام”.. رئيسًا لمصر؟
“عادل إمام” وصل إلى مكانته الشعبية مدعومًا بحب الناس وبرضا السلطة، وما أدراك ما الذي تقدمه السلطة في علاقتها بالفنان؟! والتي استطاع أن يلخصها ببراعة “ابن المقفع” قائلاً إنها تشبه راكب الأسد؛ لا هو قادر على أن يمتطيه وهو مطمئن، ولا يجرؤ على أن يتركه وهو آمنٌ غدرَه. الاقتراب من السلطة نور ونار.. نور إذا اتفقت معها والتصقت بها، ونار إذا اختلفت معها ولو بقدر يسير. يد السلطة سوف تطولك في هذه الحالة لا محالة.
معادلة مستحيلة
“عادل إمام” يرنو دائمًا إلى المستحيل، ويريد أن يجمع بين رضاء السلطة وحب الناس. والمعادلة التي كان يحرص عليها هي أن يعبِّر عن الشعب بما لا يُغضب الدولة، ويصير صوتًا للدولة بما لا يثير حفيظة وشكوك الشعب.
أتحدث بالطبع عما قبل ثورة 25 يناير. “عادل” كان يحظى بمظلة حماية من السلطة.. ولاء مطلق مقابل رعاية خاصة تتدخل في الوقت المناسب لمؤازرته.
في كل تصريحاته السابقة على الثورة، كان يؤكد أنه مع التمديد لرئيس الجمهورية، ويرحب بالتوريث. ما المطلوب لكي ترضى عنه الدولة أكثر من ذلك؟! ربما يرى البعض أن هذه كانت قناعته، فلماذا المصادرة على رأيه؟!
نعم، كان من حقه أن يؤيد النظام، ويسافر إلى المؤتمرات الكبرى التي كان يحضرها مبارك مؤيدًا الحزبَ الوطني، لكن هناك حماية -ولا شك- ينالها “عادل إمام” من الدولة لا يمكن إنكارها.. هناك مقابل كان يحصل عليه. هو نفسه أكد أكثر من مرة أن “حسني مبارك” صرَّح بفيلميه “الجردل والكنكة” الجزء الثاني من “بخيت وعديلة”، و”السفارة في العمارة”!!.
ورغم ذلك فإن لديه -أقصد بالطبع عادل إمام- حماية من الشعب لا يمكن تجاهلها ولا التشكيك فيها. في تصويت ديمقراطي، عُمِّد زعيمًا في مصر والعالم العربي على مدى 25 عامًا. وصندوق شباك التذاكر يضعه على سدة الحكم في مملكة الكوميديا.
وفي لحظة تاريخية عاشها المجتمع المصري في منتصف الثمانينيات، توافقت إرادتا الدولة والشعب. والأفلام التي قدَّمها “عادل إمام” عبَّرت عن الإرادتين معًا. وما كان يمكن أن يُسمح لها بالولادة إذا لم تكن تحظى بضوء أخضر وتعضيد من الدولة. وما كان يمكن أن تحقق النجاح الشعبي لو لم تعبِّر عن إرادة الناس.
أما ذهاب “عادل إمام” في الثمانينيات إلى صعيد مصر لمواجهة الإرهاب الذي كان يرفع شعار الدين، فلقد تم بحماية مكثفة من رجال الشرطة. والفيلم التسجيلي “رجال ومواقف” الذي أخرجه “أحمد يحيى” عن هذه الرحلة منذ أن استقلَّ “عادل إمام” القطار من القاهرة متوجهًا إلى الصعيد، وتحديدًا أسيوط؛ يؤكد ذلك، بالإضافة إلى أن التغطية الإعلامية المكثفة، وجيش الصحفيين والإعلاميين الذي كان مصاحبًا للرحلة؛ روَّجوا له كبطل شعبي مغوار يواجه بمفرده الإرهاب الديني المسلح، رغم أن الحكاية هي أنه نزل إلى البحر وهو يرتدي طوق النجاة، فلا يوجد ما يُخيفه من الغرق، فأين البطولة إذًا؟!
أنا ضد الإسراف في إضفاء بطولة على موقف أو فيلم لعب بطولته “عادل إمام”، كما أنني أرى أن “عادل إمام” بمواقفه السياسية التي كانت مؤيدة بلا انتقادات للحكم، بالإضافة إلى إصراره على الاقتراب من الرئاسة وتأييد سياسة الحزب الوطني الحاكم في مصر؛ خسر قدر ًا من التعاطف الجماهيري قبل الثورة، وزادت مساحة الخسارة بعدها.
قد يراها البعض قناعةً شخصيةً وحقًّا له، إلا أنني أرى دائمًا أن دور الفنان هو أن يمثل الجانب المشاغب لا المهادن للسلطة. وعادل بمواقفه وآرائه لم يلعب سوى دور المدافع عن النظام.
تابع مثلاً رد فعله تجاه مذبحة لاجئي السودان قبل أربع سنوات الذين احتمَوا بحديقة جامع “مصطفى محمود”، وأطلقت عليهم قوات الأمن المركزي النيران. ورغم أنه سفير النوايا الحسنة للاجئين، لم يقف مع اللاجئين عندما أحلَّت الدولة دماءهم.
وأثناء اعتداء إسرائيل على جنوب لبنان، اكتفى بإشعال شمعة في مسرحه؛ لأن الدولة لم تكن تريد ما هو أكثر. وبعد ثورة يناير، حاول في الأيام الأولى الدفاع عن مبارك، ثم بدأ يعلن أنه مع مطالب الثوار، ثم صمت، ثم لم يعد يدري الآن إلى أين يتوجه.
“عادل إمام” الفنان يملك حضورًا طاغيًا لا يستطيع أحد أن يُحيله إلى أسباب موضوعية. صحيح أنه أحاط هذا السر ومنحه شرعية الاستمرار بذكائه، لكن هذه المنحة الإلهية لا تفسير لها؛ فلا يمكن علميًّا ولا موضوعيًّا أن يستمر نجم على القمة، وبشهادة شباك التذاكر، وبتصويت ديمقراطي سليم؛ ربع قرن من الزمان.. الجمهور دائمًا ما يتغيَّر ويختلف تذوقه من جيل إلى جيل، لكنه لم يختلف على “عادل إمام”!!.
” تعظيم سلام للعسكر”
سيظل “عادل إمام” كما هو على تأييده لكل حاكم. وسوف يضرب “تعظيم سلام” للحاكم العسكري، وسوف يصلي جماعة خلف الحاكم الديني.
نعم، كان يمتطي الأسد حتى يضمن حماية السلطة، وسيظل ممتطيًا الأسد؛ فهو يؤكد أن شعبيته تلك التي منحها إياه الناسُ ستوجَّه دائمًا إلى مصلحة النظام؛ لهذا فإن من مصلحة النظام أن يضعه داخل إطارٍ واقٍ يُبقيه دائمًا بعيدًا عن مرمى أي انتقادات أو مواقف قد تُبعده عن كرسي الزعيم؛ فهو صوت النظام المؤيد له على طول الخط بلا قيد ولا شرط!!.
ولكل هذه الأسباب وغيرها بالطبع، أرى أن هناك من وضع -ربما.. وأكرر: ربما- “عادل إمام” في مكانة الرئيس المحتمل لكي يُبعده؛ ليس عن اعتلاء كرسي الرئاسة فقط، بل عن اعتلاء كرسي الزعامة الفنية.. إنها أيضًا فركة كعب!!.
مقال للناقد طارق الشناوي يكشف فيه عن علاقة الفنان عادل إمام بالسلطة في إطار تعليقه على دعوة على الفيس بوك لترشيحه لرئاسة مصر؟
(*) ناقد فني مصري.
رحم الله الشيخ كشك، إذ ينسب إليه أنه قال و الله أعلم:
(كنا نحلم بإمام عادل، فخرج علينا عادل إمام).
😀 😀 😀 😀 😀 😀