جعفر عباس

بطل بطولته باطلة

[ALIGN=CENTER]بطل بطولته باطلة [/ALIGN] قال شاعر بلغ سن اليأس “إني امرؤ مولع بالحسن اتبعه/ لا حظ لي منه إلا لذة النظر”.. استذكر بيت الشعر هذا مع كل دورة للألعاب الأولمبية، التي نتعامل معها بالحكمة السودانية “شهرا ما عندك فيه نفقة ما تعد أيامه”، وكما هو واضح من هذا النص فلا معنى لأن تعد أيام الشهر ما لم تكن تتوقع راتبا او علاوة في ختامه، أعني أن دورنا في الأولمبياد يقتصر على “الفُرجة” رغم ان المعلقين الرياضيين العرب يفسدون علينا متعة الفرجة بكلامهم الركيك عن فعاليات لا يفهمون عنها شيئا، لأنهم ينتمون الى بلدان تعتقد ان الله لم يخلق رياضة سوى كرة القدم، فتنفق عليها المليارات، وتظل تنهزم في كل منازلة وتهتف “انهزمنا بشرف وحكام المباريات كانوا خونة وعملاء لإسرائيل”، وقد سبق لي ان اقترحت أكثر من مرة عبر وسائل الإعلام، ان تقوم الدول العربية بتنظيم دورات “لولمبية”.. يكون فيها المنتصر هو الأكثر قدرة على الحركات اللولبية، وبداهة فإن العرب سيكتسحون تلك الدورات.. حتى نجوى فؤاد ستحرز ذهبية من دون حاجة الى منشطات، فما بالك بدينا وفيفي عبدو وأليسا وهيفا وبقية فتيات الفياقرا الفضائيات؟ يعني تخيل لو كانت هناك دورة ألعاب لولمبية منذ بداية القرن العشرين: نجوى فؤاد وحدها كانت ستستأجر مجمع تسوق بأكمله لحفظ ميدالياتها الذهبية، فهي -عيني باردة- ترقص منذ حفل افتتاح قناة السويس أمام الخديوي اسماعيل والخواجة فرديناند دي ليسبس… وقد أصيب العالم العربي بصدمة عندما أدت نجوى فريضة الحج قبل نحو 20 عاما واعلنت اعتزالها الرقص، ولكن سرعان ما عمت الفرحة “بلاد العرب أوطاني”، عندما قالت انها لن ترقص في الأندية والفنادق، وستواصل الرقص في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية!!
هل تصدقون ان مدرسة وادي سيدنا الثانوية كانت تنظم دورة العاب قوى سنوية طوال الفترة من ديسمبر الى نهاية فبراير؟ كانت هناك كل منافسات العاب القوى والسباحة والغطس ورمي الجلة والقرص والرمح والتنس وكرة اليد، والجري والماراثون.. وكانت بالمدرسة خمس داخليات هي جماع وابو قرجة والمختار والداخل وود البدوي.. وأضيفت اليها لاحقا داخلية تحمل اسم بابكر بدري، رائد تعليم البنات في السودان، وكان كل طالب يحمل بطاقة عليها أسماء كل الألعاب ومطالبا بإحراز أكبر قدر من النقاط لداخليته.. ولن أنسى أبدا أنني أحرزت عدة نقاط لداخليتي “أبو قرجة” في سباق الضاحية الذي كان يتطلب الجري لعدة أميال، فلأنني كنت كيشة (فاشلا) في جميع أنواع الرياضة لأنني “تعقدت” منها لأن بحسبان ان لها صلة بعلم الرياضيات الذي توقف تعاملي معه عند “جدول عشرة”.. كنت أدرك ان فوزي بالمركز الأخير في سباق الضاحية ليس واردا لأنني لو أكملت السباق، فإن زملائي سيذكرون محاسني “إن وُجدت”، أو سيتم نقلي الى مستشفى ام درمان على أحسن الفروض، وسجلت اسمي من ثم ضمن قائمة المشاركين في السباق، وكانت العادة ان يتم نقل المتنافسين الى نقطة البداية في قرية سيرو بعربة كومر، ولم أصعد الى العربة بل “زغت” وتسللت الى شجيرات قريبة من داخلية ود البدوي، على بعد نحو نصف كيلومتر من نقطة انتهاء السباق، وكمنت هناك، وعندما رأيت اول المتنافسين يقترب من محل اختبائي انطلقت صوب نقطة النهاية.. ويا للسعادة جاء ترتيبي… خلوها مستورة، فالمهم أنني “أكملت” السباق، وسجلت بضع نقاط لصالح داخليتي، وعلى مدى السنوات الأربع التي قضيتها بوادي سيدنا كان يفوز بسباق الضاحية طالب اسمه عثمان عبداللطيف السنهوري من ابناء أقجة في منطقة الدناقلة، وكان في نفس الوقت أفضل حارس مرمى في المدرسة، ولا أذكر انني رأيته خارج حجرات الدراسة إلا والسيجارة في فمه، مما أكد لي ان القول بان التدخين يضر بالرئة مجرد “إشاعة”.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com