تحقيقات وتقارير
تضارب في التحاليل الطبية .. المجال اصبح بوابة للإستثمار .. وهناك مافيا تستورد الأجهزة منتهية الصلاحية ..
الشك واليقين
كانت فصول الحياة مفعمة بالآمال والنشاط والحيوية ، فقد إعتادت (رجاء ) على مزاولة عملها دون كلل او ملل ، إتسمت طقوس حياتها بالصفاء والهدوء وفي يوم تحولت كل الالوان الوردية الى ألوان قاتمة، فقد إستيقظت على آلام حادة إنتابت كل اعضاء جسدها واقعدتها عن الذهاب الى المؤسسة التي تعمل بها كصحفية، فلازمت الفراش بسبب الهبوط الذي إستمر فترة طويلة وحرمها من اجراء المقابلة الصحفية التي كانت ستقوم بها في ذلك اليوم ، في البداية لم تولي الامر إهتماما ورأت ان تقضي اليوم في المنزل دون معاودة الطبيب واعتقدت ان الاعراض ناجمة عن ارهاق العمل ، ولكن بعد تكرار الاعراض التي صاحبها فقدان شهية وغثيان واسمرار تدريجي للون بشرتهاعلى مدار الايام وغيرها من الاعراض غير المطمئنة، قررت اجراء بعض الفحوصات فقصدت معملا مشهورا بوسط الخرطوم وخضعت لتحليل الدم بناء على طلب الطبيب الذي عاينها فجاءت النتيجة بانها تعاني من إلتهاب في خلايا الدم . وبدأت في تناول العلاجات ولكن حالتها الصحية استمرت في التدهور وبدأت تنتابها بعض الاعراض المتمثلة في إرتعاش الاطراف وتغير لون العيون . فقررت معاودة الطبيب مرة اخرى فطلب منها اعادة الفحص في معمل خاص آخر. لملمت خطواتها وذهبت الى ذات المعمل الذي اجرت فيه الفحص الاول وبعد ظهور النتيجة اخبرها الطبيب المعالج انها مصابة بمرض سرطان الدم . هنا تسمرت وتوقفت ساعات الحياة عن الدوران واظلمت سماوات الامل فاصاب تفكيرها الشلل ، لم تتقبل الفكرة فكانت الدهشة قاسما مشتركا شل حركة رجاء واسرتها وتأرجح طقس الحياة بين الشك واليقين ، خرج الجميع من عيادة الطبيب وهم في حالة ذهول تام يسبق الحزن خطواتهم، فتقاطرت الدموع وامتلأ فضاء الاسرة بالأسى ، ( فالسرطان يعني الموت ) اذن كيف ترحل رجاء من بينهم ؟ ولماذا يخطفها القدر دون اذن ؟ فلاحت في الافق بوادر الظنون ، ربما هناك خطأ ما !!
وجاء القرار الذي حتم ضرورة السفر الى الخارج لاجراء فحوصات شاملة والتأكد من النتيجة بل الشروع في رحلة العلاج مجهولة المصير ، فتوجهت رجاء الى امريكا وهناك تم عرضها على اكبر اختصاصي امراض دم وخضعت لفحوصات وتحاليل شاملة ، المفاجأة ان النتيجة جاءت مختلفة بنسبة (100%) من الفحص الاول ازاحت عنها وعن اسرتها وكل من يعرفها سحائب القتامة الماضية .فقد اخبرهم الطبيب بانه ليس هناك اي من امراض السرطان، وانما الاعراض التي إنتابتها ناتجة عن إلتهاب في بعض الغدد، وتم إعطاؤها بعض العلاجات التي اعادت لها صحتها وحسنت من حالتها النفسية وعادت رجاء لتواصل مسيرتها الصحفية .
حكاية احمد
رجاء لم تكن اول او آخر قصص الاخطاء التي سطرت بالدم والدموع بواسطة إياد حجرية متصلبة تعمل على تحريك ماكينة المعامل بصورة قد تبدو شبه مظلمة ، فها هو المهندس (احمد ) اصابته حالة من الهزال الحاد وضعف في النظر فذهب الى الطبيب الذي طلب منه اجراء مجموعة من الفحوص والتحاليل والتي اثبتت انه مريض بالسكرى في وقت كان يستعد فيه الى اتمام مراسم زواجه ، وفي صمت بدأ رحلة العلاج وبعد مرور حوالي اربعة اشهر تدهورت صحته، فاجرى تحليلا في معمل آخر، فكانت النتيجة انه لا يعاني من السكر وانما هو مصاب بفيروس يحتاج المريض معه للراحة والتغذية السليمة لفترة شهر على الاقل. فالتزم بتنفيذ توصيات الطبيب وتناول بعض الفايتمينات المقوية للجسم حتى عادت صحته الى وضعها الطبيعي.
الحاصل شنو بالضبط؟!
القصص متنوعة ومختلفة ولكن ما عرضناه يكفي لرسم الصورة ويجعلنا نطرق الابواب بحثا عن مجيب يوضح لنا اسباب ما يحدث. في البداية قمنا برمي الكرة في ملعب اصحاب المعامل من الاطباء فالتقط خيط الحديث الدكتور ابراهيم صافي الدين صاحب معمل للتحاليل الطبية بمدينة امدرمان فامتطى الاحرف ليوضح ان مجال التحاليل الطبية اصبح مجالا للاستثمار لا تراعى فيه الحالة الصحية والاقتصادية للمريض واردف بالقول ان عملية التحليل من اصعب العمليات التي تتطلب التدقيق والتمحيص وفرز العينات كل واحدة على حدة ولابد ان يقوم بها طبيب مختص يجيد فنون وطرق اخذ العينات من المريض ومدرك للمواد الكيميائية التي يجب ان تضاف الى العينة والطريقة المثلى لنقلها وحفظها ، لحين تحليلها فقد يحدث اثناء عملية النقل تكسر في كريات الدم وهذا الامر يجب ان يدركه الطبيب لانه يؤثر على نتائج بعض التحاليل وعلى سبيل المثال لا يصح ان يتم اجراء تحليل البوتاسيوم اذا حدث هذا التكسر وإلا ستتسم النتائج بعدم الدقة وبالتالي يدخل المريض في بؤره المشكلات الصحية المتفاقمة والمؤسف ان بعض المعامل لا تراعي ذلك مما يؤدي الى ظهور نتيجة خاطئة تكون اضافة اخرى للاخطاء الطبية عموما ، من الرأي الايضاحي السابق قمنا بتوجيه خيط الحديث الى دكتورة منار ايوب الشامي صاحبة معمل خاص بمدينة الرياض والتي اسهبت في القول : لتبين تعدد اسباب اخطاء المعامل والتي تجتمع في النهاية في سبب واحد وهو الاهمال والفوضى وصورة المشهد بانه اصبح في امكانية اي شخص فتح معملا الحصول على اسم طبيب لمزاولة المهنة وافتتاح معمل مقابل راتب شهري للطبيب صاحب الاسم الذي يقوم بتعيين اشخاص غير مدربين على المستوى المطلوب ،وفي الحقيقة انهم فنيون يفتقرون للخبرة ، فالكثير من الامراض بحاجة الى اطباء مختصين عند إجراء التحاليل للتوصل الى النتائج السليمة خاصة عندما يتعلق الامر بالسرطانات بمختلف انواعها وآثارها. واكدت وجود إختلافات وفروقات في النتائج قد تودي بحياة الكثير من المرضى سببها وجود معامل غير مختصة او مرخص لها ، تعمل باستخدام اجهزة غير دقيقة ويستخدمون موادا كيمائية رخيصة وغير جيدة تعطي نتائج خاطئة ولعل هذا هو السبب الرئيسي وراء تفاوت اسعار المعامل من ناحية اخرى ، اذ ان نوع الخامات المستخدمة يلعب دورا كبيرا في ذلك مما يتطلب تفعيل الرقابة ومراجعة ترخيص المعامل للحد من المشكلة قبل ان تتحول الى كارثة .
في ذات الخط كشفت مصادر طبية الى ان اغلب المعامل تعمل باجهزة طبية اكل عليها الدهر وتفتقر للصيانة الدورية مما يجعل الاطباء يتعاملون مع معامل معينة للتحاليل .وذهبت المصادر الى اكثر من ذلك فقد اكدت وجود مافيا تستورد الاجهزة الطبية المستعملة والقديمة ليعاد تصنيعها واعادة طلائها ووضع ديباجة (استيكر ) لها وتباع وتستخدم على اساس انها جديدة (من الورقة ) على حد تعبيرهم .
حيرة الأطباء
اذن قضية تضارب نتائج التحاليل بالمعامل الطبية لعينة واحدة تعتبر خطأ يصفه الاطباء في مجال الباطنية والقلب بالفادح لانه يقود الى تناول علاجات مختلفة تكون نتائجها سالبة قد تؤدي الى الوفاة .وعزو الاسباب الى غياب الرقابة والتفتيش الدوري على المعامل بالمنشآت الصحية كافة ، وعدم وجود اجهزة حديثة بالمعامل والاعتماد على فنيي المعمل وليس الاطباء المختصين بجانب عدم الاهتمام بترقيم العينات وتداخلها بمعنى تمييز العينات بعضها عن بعض .
وابدى الدكتور خالد الطيب اختصاصي باطنية إستغرابا لحدوث تلك الاخطاء التي تعد وصمة سيئة في دفتر الطب بالسودان ورمى باللائمة على تقنيي المعامل باعتبار ان التضارب في التحاليل يؤكد عدم مسؤوليتهم واتقانهم للمهنة ، بينما يدافع فنيو المعامل عن انفسهم بالتشكيك في مقدرات الاطباء وعجزهم امام إكتشاف العلاج المناسب للمريض ويؤكدون ان تقنية الفحص التي يتبعونها تحدد بدقة الداء وليس الدواء .
متى ينتهي المسلسل ؟
الهموم كثيرة والمعاناة اكبر حملناها وتوجهنا بها الى الجهات المختصة فتيسر لنا مقابلة دكتور حسن عبد العزيز المدير العام للادارة العامة للجودة وتطوير الاعتماد والوكيل المساعد بوزارة الصحة الاتحادية ليوضح لنا حقيقة ما يحدث ودور الوزارة مقابل ذلك ، فابحر في الحديث وإنطلقت كلماته لتكشف عن اعدادهم لخطة لان يكون العام القادم بداية إنطلاقة لتطبيق معايير الجودة في النظام الصحي والمرافق الصحية المختلفة، كما انه سيتم تطبيق معايير الجودة في المعامل من اجل الوصول الى تشخيص سليم للامراض يوفر المال والجهد للمرضى والحد من السفر الى الخارج ، اذ ان هناك مقترحا بان يكون عام (2012) عام المختبرات الطبية والمعامل تحت شعار ( فحوصات متعددة ونتائج متطابقة ) لتفادي الفوارق التي تحدث بين فحص معمل وآخر ، ويؤكد على اهمية الجودة والضبط في العمل حتى تأتي الفحوصات متقاربة يحرص من خلالها على صحة المريض وتساعد الطبيب في التوصل للتشخيص السليم واعطاء المريض الدواء المناسب ، ولتنفيذ المقترح ستقوم الوزارة بوضع خطة إستراتيجية تتضمن التنظيم الهيكلي للمعامل ونظم إدارتها وبعد ذلك القيام بالترويج لدعم الخطة عبر متخذي القرار والجمهور المتلقي للخدمة ومقدمي الخدمة مما يتطلب توفير المعينات اللوجستية والموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب وزيادة المعرفة وبناء القدرات ورفع المهارات وتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف ، واشار الى ان التنفيذ سيتم تدريجيا وفق مراحل خاضعة للرقابة والتقييم ومن خلال ذلك سيتم التوصل الى بواطن الخلل بجانب الاستفادة من المتاحة او من خلال مواجهة التحديات في تطبيق البرنامج الذي قد تعتريه الكثير من العقبات من الناحية التنفيذية والتطبيقية بسبب غياب المفهوم والامكانيات .
واكد وجود الرقابة على ادارات المرافق الصحية والمعامل عبر لجان مختصة تسمى لجان الامراض والوفيات تقوم بالمراجعة عبر الشكاوى والملاحظات التي تقوم برصدها او عبر الجولات الرقابية التي تقوم بها الادارات بالوزارات الولائية والاتحادية للتحقيق والتمحيص في اية مخالفة او شكوى عبر الجسم الاكبر لذلك وهو المجلس الطبي ، واقر بوجود عوامل متعددة للاخطاء منها اخطاء يتسبب فيها المواطن نفسه او اهله بكثرة التردد على المعامل دون معرفة المرض او توجيه من طبيب او وجود قصور في نظام المعايرة ولحسم تلك المشكلة هناك لجنة خاصة بضبط جودة اداء المختبرات قد بدأت عملها منذ شهر وهي معنية بتقييم الاداء في المختبرات الطبية على كل المستويات خاصة او عامة وتعكف اللجنة الآن على اعداد التقارير النهائية التي توصلت لها .
العقوبات منصوص عليها ..
وبخصوص العقوبات في حالة وجود قصور؟ ابان د. حسن في حديثه لـ(الرأي العام ) انها مهمة الجهات المختصة بالشكاوى وان اية عقوبة تصدر وفقا للنظم واللوائح ولما تقرره اللجان المختصة التي تتبع لاجسام اخرى ، وفيما يتعلق باستخدام بعض المعامل لاجهزة غير سليمة يتم استيرادها من الخارج قال : ان ضبط تصنيع الاجهزة ومطابقتها للمواصفات و المقاييس والمواصفات اما من ناحية التشغيل والتكوين ومن ناحية فاعليتها السريرية والاعراض الجانبية التي قد تحدث مسؤول عنه المجلس القومي للادوية والسموم ولكنه اوضح ان للاجهزة معايير تخضع لنظام يسمى ادارة التقنية الصحية محددة بقانون، وكان المجلس الاعلى للادوية والسموم قد اصدر قرارا بمنع دخول الاجهزة الطبية المستعملة لانها قد تكون غير خاضعة للمواصفة . ويرى ان المتسبب في دخول مثل تلك الاجهزة هم تجار الشنطة والذي قد طالب بمحاربتهم بشتى الوسائل ، وخلص الى ضرورة التزام متخذي القرار والقيادة العليا وجميع العاملين في قطاع المعامل بضوابط الجودة ودعم التدريب واضاف : ان الاخطاء التي تحدث ليس سببها المرافق العلاجية او الاطباء وانما التسويق والاعلانات والدعايات غير المنضبطة التي تتسبب في حدوث الكثير من المخاطر للمرضى عبر عدد من المحلات التجارية ومروجي الكريمات والاعشاب والادوية غير المسجلة والتي يتم استخدامها بصورة عشوائية ودعا الى محاربة هذه الظواهر والسلوكيات وايقاف الاعلانات عن الادوية والاجهزة التي لا تخضع للفحص والتي لم يتم التأكد من سلامتها وان يعي المجتمع معايير الجودة وعدم استخدام الادوية بصورة عشوائية وعدم التردد بين مرفق وآخر دون توجيه ، وختم بالقول : هناك قوانين تعكف الوزارة لاعدادها ومن ثم عرضها للجهات التشريعية لاجازتها وهي معنية (باعتماد المؤسسات الصحية )حيث يجري الآن تكوين المكتب التنفيذي واجازة اللوائح المتعلقة بالرعاية والسلامة لاعتماد المرافق الصحية . واشار الى ان القانون يلزم شركات التأمين بعدم التعاقد مع اي مستشفى او مركز صحي لا يتم اعتماده بصورة رسمية .
العمود الفقري
من جانبها افادت دكتورة فتحية آدم مديرالجودة بالادارة العامة للمعامل الطبية بان ضبط الجودة هو العمود الفقري للتحاليل الطبية والضامن الوحيد لقدرة المعمل على اصدار نتائج دقيقة وصحيحة بصفة مستمرة. فمن اهم اولويات الوزارة خلال المرحلة القادمة تقوية برامج ضمان الجودة والارتقاء بها وتوسيع نطاق تطبيقها لتشمل جميع المعامل الطبية بما يساعد على التوصل الى تشخيص دقيق، والقضاء على تضارب النتائج بين المعامل المختلفة ودعت الدولة لدعمهم في منع دخول المحاليل والكواشف غير السليمة عبر الجمارك مما يتطلب رفع الضرائب الجمركية من مدخلات المحاليل ومحاربة تجارة الشنطة المتسبب الاول في دخول مثل تلك الممنوعات مع ضرورة اعتماد الدولة لميزانية خاصة بالجودة .
أخيرا
لا شك ان هنالك العديد من المجالس الطبية المنوط بها ضبط الممارسة واخلاقيات المهنة ومراقبتها ووضع السياسات والقوانين والنظم التي تحكم التعامل مع الاخطاء متمثلة في ( المجلس الطبي ،و المجلس الاعلى للادوية والسموم ، ونقابة المهن الطبية والصحية ) طرقنا ابوابهم للحصول على استفسارات اخرى وتم وعدنا بالعديد من التصريحات وبالارقام . [/JUSTIFY]
الراي العام – تحقيق : إنتصار فضل الله
أولا ما احب أن أعلق عليه أن هنالك أطراف كثيرة لم تشركها الاستاذه انتصار في هذا التحقيق مثلا مجلس المهن الطبية و الصحية و الإتحاد التخصصي للمختبرات الطبية , فمجلس المهن الطبية و الصحية هو المنوط بتنظيم و ترقية أداء المختبرات الطبية في السودان و هي الجهة المخولة بإعطاء شهادات مزاولة المهنة لأطباء المختبرات الطبية ( خريجي كليات المختبرات الطبية) و محاسبة كل الذين يرتكبون مخالفات بحق المهنة , اما الإتحاد التخصصي للمختبرات الطبية فهو بمثابة النقطة التي تجمع كل أطباء المختبرات الطبية في السودان فهو مسئول عن حلحلة مشاكلهم و ترقية أدائهم من خلال تنظيم الدورات العلمية , عدم إشراك هذه الأطراف في هذا التحقيق يجعله مبتور و الدليل الكم الهائل من المعلومات الخاطئة التي وردت فيه, فمثلا وصف خريجي المختبرات الطبية بالتقنيين, هذا وصف عفى عليه الزمن, فقد تم تغيير الوصف بتدرج مهني يبدأ من أختصاصي ثاني مختبرات طبية إلى أستشاري أول. و قد تم إجازة مسمى طبيب مختبر من قبل رئاسة الجمهورية , و هو الان قيد التنفيذ .
النقطة الثانية التي أحب أن أوضحها هي الخلط بين خريجي المختبرات و خريجي الطب و الجراحة,, للاسف بعض خريجي كليات الطب يتخصصون في بعض مجالات المختبرات الطبية , انا لا أعارض تخصصهم في المختبرات الطبية لكن تاهيلهم غير الكافي محسوب علينا نحن , فمعظم التحاليل المتعلقة بتشخيص السرطانات هي من إختصاصهم , و بالمناسبة هنالك إختصاصيين كبار من خريجي المختبرات الطبية برعوا في تشخيص السرطان لكنهم الان و معظمهم خارج البلاد نسبة لسياسات وزارة الصحة التي تميل لجانب خريجي كليات الطب و الجراحة. المهم ما احب ان اوضحه هنا هو أن الاخطاء التي تحدث عند تشخيص مرض السرطان معظمها ليست بسبب خريجي المختبرات الطبية و انما بسبب التاهيل غير الكافي لمعظم و ليس كل خريجي الطب و الجراحة الذين تخصصوا في فرع من فروع المختبرات و هم ما يطلق عليهم لقب إختصاصي علم الأمراض (باثولجيثت).
بالنسبة لأخطاء و فروقات النتائج , ناهيك عن المواطن الطبيب المعالج نفسه بعض الاحيان لا يعلم أن هنالك فروقات يمكن تقبلها فمثلا إذا قمت بتحليل الدم للسكر في أحد المختبرات و كانت النتيجة 80 و قمت بتحليلها في مختبر آخر و كانت النتيجة 88 هذا الفرق مقبول علميا , و متفق عليه عالميا , و أنا متأكد تماما كلمة تضارب التي زكرها دكتور خالد في هذا التحقيق مبنية على هذا الفهم. ما لا يعرفه دكتور خالد أن هنالك علم قائم بذاته في مجال المختبرات الطبية يسمى ضبط الجودة , يدرس كيفية إكتشاف الاخطاء و تداركها , لكن كلامي هذا لا ينفي وجود أخطاء في نتائج التحاليل الطبية , جل من لا يخطئ , كل شخص في مجاله يخطئ لكن ما يميزنا نحن أن الخطا لدينا يمكن ان تكون له عواقب وخيمة , لذا يتوجب علينا أن نكون اكثر حزرا , لتفادي هذه الاخطاء , و ذلك بالتأهيل و جودة الأجهزة و المحاليل, فيمكن أن يكون إختصاصي المختبر مؤهل و بارع لكن الأجهزة غير المتطورة يمكن ان تخزله. و كلمة حق واجب علي ان اقولها خريجي كليات المختبرات الطبية السودانية هم من أميز أطباء المختبرات الطبية في الوطن العربي برغم الظروف الصعبة التي تحيط بهم و الدليل على ذلك مستشفيات دول الخليج التي تدار بأيادي سودانية ففي المملكة العربية السعودية طبيب المختبر السوداني هو المميز و المرغوب أكثر من المصري , هل سمعتم في يوم من الايام أن مريض سعودي إشتكى من تضارب في النتائج..لأن هنالك يوفرون لك الجو الملائم للتميز.
أستاذة انتصار هنالك جوانب كثيرة تخفى عليك , هنالك مشاكل في غاية التعقيد تتطلب منك الكثير من الجهد لكي تتعرفي عليها فأنتم أذن و عين الموطن . و مسئولون أمام الله في واجبكم أتجاهه فرجاءا أخلصوا التحقيق و التمحيص في هذه القضية.