عالمية

صراعات بين الجيل الجديد تنذر بتلاشي الشركات العائلية السعودية

تواجه 95% من الشركات السعودية المعروفة باسم “العائلية” خطر الانهيار خلال الثلاثين عاما القادمة وفقاً لتقديرات بعض الخبراء والمهتمين باتجاه الاستثمار العائلي الذي يزيد على 250 مليار ريال في تلك الشركات، ويعمل فيها قرابة 200 ألف موظف.

ولخص خبراء في حديثهم لـ”العربية.نت” أزمة تلك الشركات في تصارع أبناء المؤسسين من الجيلين والثالث على إدارتها ونشوب خلافات بين الورثة وصراعات على الثروة والسلطة بين أفراد العائلة، إلى جانب انزعاج نسبة كبيرة من بنات المؤسسين لحرمانهم من ممارسة مهام إدارية في تلك المؤسسات رغم امتلاكهن الخبرات العلمية في ذلك.

واتفق الخبراء أن الحل الأمثل لتفادي انهيار الشركات العائلية في طرحها للاكتتاب العام بسوق الأسهم، وتحويلها إلى شركات مساهمة، وبالتالي التخلص من المشاكل الناجمة عن عدم فصل الإدارة عن الملكية والتنفيذ خاصة في الشركات العملاقة، أو على الأقل الدخول في تحالفات استراتيجية لتكوين كيانات استثمارية عملاقة قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
طرح الشركات للاكتتاب

ورأى المحلل المالي والمستشار الاقتصادي عبدالله البراك ضرورة الإسراع في طرح هذه النوعية من الشركات للاكتتاب العام من خلال سوق الأسهم لضمان تنشيط السوق ببضاعة جديدة، بالإضافة إلى توسيع قاعدة الملكية بها والاستفادة من التنظيم الإداري المحكم لشركات المساهمة وفقا لمعايير حوكمة الشركات عالميا.
وحول الآلية الأفضل التي يمكن بها طرح الشركات العائلية للاكتتاب العام، رأى البراك في تصريحات لـ”العربية.نت” أن الطرح في سوق الأسهم في البداية “وسيلة وليست غاية”، ويجب أن تكون الشريحة المطروحة للاكتتاب العام لا تتجاوز 30% من أسهم الشركة العائلية لضمان استقرارها، وعدم حدوث هزات اقتصادية بها تعطل إنتاجيتها وتفقدها القدرة على المنافسة المحلية والعالمية.

وعن احتمال رفض بعض الشركات العائلية طرح بعض أسهمهما للاكتتاب العام، وإمكانية تدخل هيئة سوق المال لإجبارها على الطرح، قال البراك: “هناك بالطبع إشكالية قانونية في إجبار ملاك لشركات على بيع جزء من أسهم شركاتهم فتلك ملكية خاصة، ولا يجوز التعدي عليها لكن اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار اقتصاد الدولة أجبرت أصحاب الشركات العائلية على التخلص من جزء من أسهمهم كخطوة نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني”.

وأشار البراك إلى أن عصر المنافسة الشديدة في الأسواق العالمية والتكتلات العملاقة خاصة مع انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية من ناحية وإلى مجموعة العشرين من ناحية أخرى يتطلب تأهيل الشركات العائلية بالسوق السعودية سواء بتحويلها إلى شركات مساهمة عامة أو اندماجها، مؤكدا أن ذلك سيكن الحل الأمثل لتفادي انهيار تلك الشركات تدريجيا، مضيفا أن “معظم مؤسسي تلك الشركات في مرحلة الشيخوخة، وهناك مناوشات داخل بعض الشركات من الجيلين الثاني يجب تداركها بفصل الإدارة عن الملكية وبما يضمن الشفافية في أداء تلك الشركات “.

أما مدير الأبحاث والمشورة بشركة البلاد للاستثمار تركي فدعق فيعترض على دعوة بعض الخبراء على طرح الشركات العائلية بسوق الأسهم دون موافقة الملاك ودراستهم للجدوى الاقتصادية لعملية الطرح معتبرا الدعوة لتدخل الزامي من هيئة سوق المال تعديا خطيرا على الملكية الخاصة وضارا في كل الأحوال بمناخ الاستثمار.

وعن رؤيته لمقترح سيدة الأعمال وعضو مجلس إدارة غرفة الشرقية سميرة الصويغ بضرورة مشاركة السيدات والبنات الوارثات لحصص بشركات عائلية في مجالس إداراتها، قال فدعق إنه من حق المالكات من ذوي الخبرة والدراسة الكافية المشاركة في مجالس إدارات الشركات العائلية، “فالاستثمارات الناجحة لا تفرق بين الأشخاص على أساس النوع، مؤكدا حقهن في المطالبة بتوسيع مشاركتهن في مواقع صنع القرار والاطلاع على القوائم المالية وإبداء الرأي في أداء الشركة العائلية.

وشدد فدعق على ضرورة الارتقاء بأداء الشركات العائلية وحل مشكلة صراع الأجيال داخلها واستثمار الطاقات النسائية وصولا إلى خلق كوادر وطنية في إدارة تلك الشركات، معربا عن أمله في يكون هناك مدراء تنفيذيين على قدر عال من الكفاءة بالشركات العائلية سواء كانوا رجالا أو نساء، مع تعزيز البناء المؤسسي للشركات بالفصل التام بين الملكية والإدارة وتطبيق مبادئ الشفافية في المحاسبة المالية.
المشاركة في مجالس الإدارة

وكانت عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية سميرة الصويغ وجهت خلال طرحها ورقة عمل مؤخرا حول “دور المرأة في استمرارية الشركة العائلية” انتقادات حادة لتدني نسبة مشاركة المرأة السعودية في مجالس الشركات العائلية والوظائف الإدارية، وقالت إنها لم تتجاوز 5% مقابل 40% في النرويج بالرغم من قصص نجاح متعددة لشابات وسيدات الأعمال سعوديات.

ودعت إلى زيادة نسبة النساء في مواقع صنع القرار، وانتقدت التمييز المجتمعي الذي يحتم على المرأة عدم القيام ببعض الأنشطة التي لا تزال حكرا على الرجل وفق أوضاع قانونية، واقترحت “كوتة” للمرأة في مجالس إدارة الشركات كما في حالة نموذج فرنسا إلى جانب تنظيم العلاقة بين كل من إدارة الشركة، والأسرة المالكة للشركة.

واقترحت صياغة دستور لكل عائلة أو ميثاق شرف يرسم العلاقات ويضع الضوابط الملزمة بين أفراد العائلة جميعا علاوة على تفعيل حوكمة الشركات العائلية.
العربية نت