تحقيقات وتقارير

الأخطاء الطبية بعد الولادة..من المتهم ؟طبيب يقطع أمعاء (اماني ) اثناء عملية ولادة قيصرية

[JUSTIFY]تصدرت هذه العناوين الصفحات الرئيسة في عدد من صحف الخرطوم الصادرة خلال الشهر الماضي ، وكما هو واضح ان جميعها تشير الى اخطاء طبية حدثت لسيدات داخل غرفة الولادة .
(الرأي العام ) رصدت في هذا التحقيق قصصا مروعة عن اخطاء كلفت الضحايا اموالا طائلة للعلاج وحياتهم في بعض الاحيان ، وتساءلت كيف يقع خطأ من اطباء وقابلات متمرسين ؟ وماهي الاسباب ؟ ومن المسؤول ؟! قمنا بطرح هذه الاسئلة على من تيسر لنا مقابلتهم من جهات الاختصاص واطباء لعلنا نضع الاصبع على الجرح لفتح باب النقاش الذي يوصلنا الى حلول جذرية في التعامل مع هذه الاخطاء التي تهدد حياة النساء والاطفال .
مأساة لينا
شكاوى حارة وكثيرة الالم وردت الينا سواء عن طريق الصحيفة او عن طريق الشكوى الشخصية المباشرة من قبل البعض ، شكاوى اظهر اصحابها غضبا شديدا حيال تلك الاخطاء وطالبوا بإيصال اصواتهم الى المسؤولين في القطاع الصحي فلنتابعها معا.
في يوم الاحد الموافق (23/ 10/ 2011) اطلت الى الحياة طفلة حلوة وضعتها السيده لينا في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساء باحدى مستشفيات الولادة الحكومية المشهورة بمدينة امدرمان ، تمت الولادة بصورة طبيعية بواسطة قابلة قانونية متمرسة ولها باع طويل في هذا المجال ، بعد ساعتين من الولادة خرجت لينا تحمل طفلتها الوليدة الى المنزل بصحبة زوجها ، وفي اليوم التالي إنتابها مغص حاد ، وإرتفاع في درجات الحرارة صاحب تلك الاعراض نزول جسم غريب من الرحم حجمه طوله حوالى (20) سنتمترا ولمعرفة ذلك الجسم إستعانت الاسرة بقابلة فعندما عاينته اكدت لهم ان الجسم الغريب هو جزء من الخلاصة (المشيمة ) فنصحت الزوج بالتوجه للمستشفى وعرضها على إختصاصي نساء وتوليد وعلى وجه السرعة توجه بها الى مستشفى حكومي بالخرطوم وهناك طلبت منهم إختصاصية النساء والتوليد عمل موجات صوتية للرحم فاظهرت نتيجة الفحص وجود جسم داخل الرحم إتضح انه بقية الخلاصة تركت نتيجة إهمال فتم ابقاء المريضة بالمستشفى تحت العلاج حيث قررت لها الطبيبة مضادات حيوية لمدة اسبوع تساعد على خروج بقية المشيمة دون تدخل جراحي وبعد العلاج خرجت المريضة من المستشفى وهي تعاني حالة نفسية سيئة نتيجة لما تعرضت له من إهمال ، وحسب ما رواه الزوج المنزعج بسبب ذلك الخطأ ان القابلة التي قامت بتوليد زوجته لم تتأكد من خروج الخلاصة بالكامل ، وانه كان ينوي تحريك إجراء قانوني في مواجهة المستشفى بذلك الشأن ولكن الوقت لم يسعفه لدخول عيد الاضحى وعبر عن سخطه لمثل تلك الاخطاء التي يدفع ثمنها اطفال ونساء.
وتاني عملية
اما هذا الخطأ وقعت ضحيته احدى السيدات بداخل إحدى المستشفيات التعليمية عندما إجريت لها عملية ولادة قيصرية حيث ترك الطبيب قطعا من ( شاش ) داخل احشائها .
(س) ضحية هذا الخطأ دخلت المستشفى لاجراء عملية ولادة لكنها فوجئت بان الاطباء نسوا قطعة الشاش ببطنها ولم يكتفوا بذلك بل انها اصيبت بجرح في المثانة وبعد يومين من الولادة خضعت (س) لعملية جراحية اخرى لاستخراج الشاش ورغم تصحيح الخطأ وتناولها العلاجات ظلت تعاني من بعض الآلام .
واليكم هذا الخطأ الطبي الجديد .. تعرضت له السيدة (اماني ) (35) عاما التي دخلت المستشفى على قدميها لتنجب طفلها الثاني ، لم تكن تدرك انها موعودة بالخضوع لعدد من العمليات ، فبعد الولادة حملت طفلها وتوجهت الى المنزل ولكن بعد مرور عشرة ايام انتابتها اعراض مرضية حادة تمثلت في فقدان تدريجي للشهية والدخول في حالات غيبوبة لفترات طويلة فاخذتها الاسرة الى الطبيب وبعد إجراء الفحوصات قرر الطبيب اجراء عملية جديدة لمعرفة اسباب الاعراض التي تنتاب اماني وكشفت النتيجة وجود خطأ إرتكبه الطبيب الذي اشرف على ولادتها عندما اجرى لها عملية قيصرية واثناء العملية تم قص الامعاء عن طريق الخطأ ذلك بحسب ما اخبرنتنا به والدة اماني التي روت لـ(الرأي العام ) قائلة: ان ابنتها دخلت المستشفى في حالة ولادة واجريت لها عملية قيصرية لانجاب الطفل الجديد ولقد تمت العملية بنجاح لتخرج بعد ذلك من العملية الى المنزل وتعود الى حياتها الطبيعية ولكن بعد مرور ايام على العملية بدأت تشكو من إنتفاخ في البطن وانها تفقد الوعي لفترات طويلة واحجمت عن تناول الطعام عادت بها الاسرة الى نفس المستشفى وبعد فحوصات كثيرة ومتعددة رأى الطبيب ضرورة إجراء عملية اخرى لمعرفة سبب فقدان الوعي والشهية وإنتفاخ البطن ليجدوا ان الطبيب الذي اجرى لها عملية الولادة القيصرية قص الامعاء عن طريق الخطأ فعملوا على تصحيح الخطأ بخياطة الامعاء الا ان المريضة لم تتماثل للشفاء مما كلفها الخضوع الى عملية شفط الصديد والدم اللذين كانا في البطن وتمت خياطة الجرح وهي في حالة غيبوبة تامة، في تلك الاثناء اختفى الطبيب المتسبب في الخطأ عن الانظار واضافت الام المكلومة انهم بصدد تحريك اجراءات قانونية وتقديم شكوى الى الجهات المختصة .
المتهم الاول ..
الخطأ الطبي الذي تتعرض له النساء اثناء او بعد الولادة يأتي ضمن القضايا الاجتماعية شديدة الخطورة خاصة مع تزايد معدلاته ويمثل هاجسا يؤرق المجتمع ويبقى الجانب الطبي توجه اليه اصابع الاتهام باعتبار ان القصور موجود دوما وحول تعريف للخطأ الطبي اتفق اختصاصيو النساء والتوليد الذين إلتقيناهم على انه حادثة او نتيجة عكسية تحدث بعلاج طبي اكثر من حدوثها بسبب حالة او مرض وهو نتيجة غير مرغوب فيها كان من الممكن تفاديها ، واعتبر البعض منهم ان الخطأ اثناء عمليات الولادة فشلا في إكمال الخطة العلاجية كما يفترض او إختيار خطة خاطئة لعلاج الحالة للوصول الى الهدف المرجو واحيانا يقع الخطأ عن طريق الاجراءات المتبعة او بإستخدام الادوات .
وعن اسباب وقوع الخطأ الطبي افادت دكتورة اسمهان عطا المنان (اختصاصي نساء وتوليد ) بان الخطأ ينتج من ضعف كفاءة الطبيب او القابلة الممارسين للعمل الطبي او من الفئات المساعدة نتيجة إنعدام الخبرة مما اسهم في إرتفاع معدلات وفيات الامهات والاطفال اثناء عملية الولادة خاصة في الولايات والارياف واضافت : في وقت سابق لم يكن يعترض عمليات الولادة على حد سواء (طبيعية او قيصرية ) داخل المستشفيات اية مشاكل او اخطاء كما الآن فهناك متغيرات طرأت على مهنة الطب منها المحسوبية في توظيف الاطباء والقابلات قليلي الخبرة وغياب دور الرقيب والتدقيق في مؤهلات الاطباء الجدد بصورة عامة ومدى قدرتهم على ممارسة المهنة واشارت الى ان الاخطاء الطبية بصورة عامة واخطاء الولادة بصفة خاصة دائما تحدث داخل المستشفيات الحكومية التي تعاني من تردي بيئة العمل وازدحام النساء بها من اجل الولادة لانخفاض تكلفتها مما يجبر اسرة الضحية على دفع مبالغ باهظة للعلاج في المستشفيات الخاصة لتصحيح خطأ ما ، واعتبرت ان الخطأ في الولادة يكون مشتركا في بعض الاحيان ولا يجوز تحميل المسؤولية للطبيب او القابلة فعملية الولادة لا تخلو من الخطورة فمثلا في حالات ضغط الحمل تحدث حالات وفاة للام بنسبة (30%) فهناك مريضات لا يراجعن الطبيبة الا عند إقتراب موعد الولادة باعتبار انها لا تحتاج الى مراجعة رغم انها تكون مريضة بالضغط او السكر مثلا ، او سبق لها وان اجرت عمليات قبل هذه الولادة .
من جانبه حمل دكتور محمد ابراهيم اختصاصي النساء والتوليد مثل تلك الاخطاء لإدارات المرافق الصحية التي تقع فيها تلك الاخطاء التي تنتج من إنعدام الخبرة او الكفاءة من قبل الطبيب او القابلة التي تقوم باجراء عملية الولادة او نتيجة ممارسة عملية او طريقة حديثة وتجريبية في العلاج أو نتيجة حالة طارئة تتطلب السرعة على حساب الدقة وللجهات المختصة التي لا تقوم بالتحقيق الكامل في الشكاوى عن الاخطاء ، ونوه الى انه من الصعب تقبل فكرة تعمد طبيب ايذاء مريضه ولكن معظم الاخطاء الواقعة تكون نتيجة إهمال ووجود خلل إداري الناتج عن مفهوم المحسوبية في مجال الطب الذي اسقط العديد من القيم والاساسيات التي كان يعمل من اجلها الطبيب كما اسهم في ارتفاع وتيرة الاخطاء فبعض الاطباء اتخذوا من الطب طريقا لجمع الثروة كما ان بعض الاطباء يتعاملون مع النساء بلا مبالاة وعدم اكتراث بعواقب ذلك واكد ان هناك كما هائلا من النساء فقدن ارواحهن بسبب اخطاء طبية اثناء الولادة على حد سواء من القابلات او اختصاصيين كما اصيبت اخريات باعاقة نتيجة عن خطأ طبي ادى الى إستئصال الرحم. واكد ان من اقوى الدوافع التي تمثل سببا رئيسيا وراء ظهور الاخطاء يكمن في المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة ولسوء غياب التخطيط الجيد لعمل الكوادر الطبية بجانب الاتكالية على الغير وغياب الدافع الانساني الذي يحكم المهنة ، إضافة الى غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة وإتحاد الاطباء فبمجرد سماعهم لخطأ يقفون مكتوفي الايادي لا يحركون ساكنا واصبح التغاضي عن الاخطاء غير المقصودة هو المشجع وراء الاهمال المتزايد من قبل الاطباء .
تقصير
في السياق اكد مصدر من داخل المجلس الطبي- فضل حجب اسمه- ان هناك تقصيرا واضحا في عدم التبليغ عن حالات الاخطاء التي تحدث للضحايا من جانب اسرهم واشار الى ان حدوث الاخطاء الطبية مسألة باتت تهدد سمعة الاطباء فقد اصبحت الثقة معدومة بين المريضة والطبيب وذكر ان معدلات الحالات والاخطاء تتفاوت ولا توجد ارقام كبيرة في جانب اخطاء الولادة بسبب القصور في الابلاغ عنها من قبل العاملين بالقطاع الصحي او اسر الضحايا واكد على دور المجلس في النظر في كل الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون فيما يتعلق بالخطأ الطبي.
واوضح ذات المصدر ان هناك اسبابا عديدة للتهاون في عدم الابلاغ منها خوف العاملين بالقطاع الصحي من العقاب او من تحمل المسؤولية وبالنسبة للمراجعين خوفهم من عدم الاهتمام بهم من قبل مؤسساتهم او لقناعتهم انهم لن يستفيدوا اما المواطنون يعتقدون انه لن يأبه لهم احد اذا قاموا بالابلاغ عن خطأ .
جانب القانون
وفيما يتعلق بالجوانب القانونية للاخطاء الطبية في الولادة اكد المحامي عبد الرحمن احمد وجود تناقض وخلل في القوانين التي تحكم المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة فكل حالات الاخطاء الطبية تشير الى وجود إشكاليات وتناقضات واضحة في إدارة تلك المستشفيات مما يستوجب على القانون إلزام كل مؤسسة صحية حكومية وخاصة بتزويد الوزارة بالتقارير الدورية حول سير العمل فيها والشهادات العلمية لكل طبيب بحيث يكون التعيين حسب الخبرات والمؤهل الاكاديمي فمن الواضح انه من الممكن ان يتم توظيف اطباء دون مراجعة شهاداتهم وذلك لعدم وجود آليات فاعلة للمراقبة والتفتيش ويرى ان الخطأ لا يعتبر جريمة الا اذا كان متعمدا والاهمال هنا يدخل من باب الخطأ الطبي وهذا يحاسب عليه القانون عبر لجنة الشكاوى.
اضرار نفسية..
وعن الضرر النفسي الواقع على ضحايا الاخطاء الطبية في الولادة تقول : دكتورة سلمى عمر استشاري علم النفس ينتج عن ذلك الخطأ حدوث إعاقة دائمة للام والمولود واحيانا يؤدي الى الوفاة من جراء سوء الرعاية الصحية المقدمة او ترك بعض الادوات داخل البطن او غيرها من الاخطاء الناتجة بسبب إنشغال القابلة او الطبيب الممارس بامور اخرى اثناء اجراء العملية مما ينتج عنها اما وفاة او اعاقة او ضرر مالى فالنتائج السلبية قد تتمثل في فقدان الثقة في الاطباء والخوف الذي يسيطر على المرأة كلما خطر ببالها المشكلة التي تعرضت لها فتسوء حالتها النفسية مما يؤدي الى تأخير الانجاب عندها بشكل عام.
ما هو الحل ..
ولتطوير القطاع الصحي وتفادي مثل تلك الاخطاء توحدت رؤية الاطباء والقابلات القانونيات في وجوب وضع القضية من اولويات المسئولين والتعامل مع الخطأ الطبي بموضوعية والبحث عن الحلول فى محاولة لوضع اصبع الاتهام على الاشخاص والاعتقاد انه بعقاب المخطئ نكون قد حللنا المشكلة ولتقليص الخطأ يجب الاعتراف بوجود المشكلة وعدم محاولة إخفائها او التستر عليها مع التيقن بان الخطأ الطبي ليس مسؤولية فرد ولكنه مسؤولية مشتركة وانه لا يصل الى المريضة الا بالمرور على عدة مخطئين بمعنى ان الخطأ ليس بالافراد وانما بالنظام الذي سمح بوصول الخطأ ودعوا الى ضرورة تشجيع العاملين بالقطاع الصحي للابلاغ عن الاخطاء الطبية من اولى الخطوات التي يجب تعزيزها وذلك بوضع طريقة تساعد على الابلاغ عن مثل تلك الحوادث والنظر اليها باجابية لحلها وعدم التعامل معها بطريقة البحث عن المجرم وعقابه لان ذلك سوف يمنع العاملين عن التبليغ.
[/JUSTIFY]

الراي العام

تعليق واحد

  1. الطبيب المهندس او اي شخص من هذه المهن فهم لا يركزون في الاداء وكدى اعملوا بحث وشوف هل يغلق هؤلاء جوالاتهم اثناء تادية مهمام العملية هذه ؟؟ لا اظن فقد لا حظت الاطباء يحملون هواتفهم ويمكن ان تتصل عليه ويمكن يرد عليك .. وجربوا .. وكذلك الطبيبات تفتح البطن وتقول للمرضة عليك الله خيطيه وبعدين اعملي كدا ويمكن تطلع قبل ما تطلع المرأة المسكينة لانها جارية تكلم الموبيال ولا تدخل الدردشة .ز امنعو استعمال النت وامنعوا الجوال في المستشفيات والاماكن الحساسة وشوفو النتيجة في الاداء