حوارات ولقاءات
أزمة محكمة لاهاي وقضايا أخرى مع وزير الخارجية دينق ألور «1»: لم يذكر أي مسؤول دولي أنهم بصدد التدخل عسكرياً في السودان
? ذكرت في آخر حوار لك أن هنالك موقفين داخل لجنة ادارة الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية، هل لا يزال التباين مستمراً أم تم توحيد الموقفين في رؤية موحدة؟
* لا يزال الموقفان كما هما داخل لجنة ادارة الأزمة برئاسة الفريق أول سلفا كير النائب الأول لرئيس الجمهورية، ولم نستطع التوصل الى وفاق بينهما ولا يزالان متوازيين. والموقف الاول يخص المؤتمر الوطني، ويرفض أي تعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، والثاني هو موقف الحركة الشعبية ويدعو الى التعامل مع المحكمة الجنائية إما تعاملا مباشرا أو غير مباشر عبر توكيل شركات محاماة كيما تنوب عن ممثلي الحكومة.
? هل تعتقد أن موقف الحركة الشعبية هذا مقنع، حيث ان اجراءات المحكمة الجنائية الدولية تقتضي مثول المطلوبين اولاً، ولا تقبل المحاكمات الغيابية؟
* موقف الحركة الشعبية هو الموقف الموضوعي والصحيح، ويمثل المخرج الوحيد من الأزمة، لأن المحكمة الجنائية الدولية قضية لا تحل عبر المظاهرات أو التحرك عبر المنظمات الاقليمية كالاتحاد الافريقي والجامعة العربية، فقصارى ما يؤديه ذلك هو حشد دعم معنوي. لكن لأن القضية قانونية في أصلها، لا بد من مواجهتها بحجج وطرق قانونية وليس عن طريق العلاقات العامة، وأيضاً حتى المنظمات الاقليمية كالاتحاد الافريقي والجامعة العربية، لأنهم يعرفون ان القضية قانونية فإن غاية ما فعلوه هو طلب تأجيل اجراءات المحكمة لمدة عام واحد. لكن كان موقفنا في الحركة أن نمضي في اتجاهين، الأول التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وفقاً للصيغة التي ذكرتها. والثاني العمل من أجل ايجاد حل جذري لمشكلة دارفور، فإذا نجحنا عبر تعاملنا مع المحكمة الدولية في تأجيل إجراءاتها سنكون خلقنا معهم قنوات تعامل، وسيمكننا هذا في الوقت نفسه من التوصل الى سلام عادل وسريع في دارفور.
? عفواً سيادة الوزير، ولكن هذا أيضاً لن يلغي مطالبة المحكمة بمثول المتهمين أمامها حينما تنتهي مدة التأجيل؟
* إذا تمكنا من التأجيل والتوصل الى اتفاق سلام في دارفور، فإن ذلك سيمكننا من التوصل الى مصالحة وطنية، الامر الذي يجعلها تؤثر تأثيراً ايجابياً على خط المحكمة الجنائية الدولية. واستدعاء الأشخاص من قبل المحكمة الجنائية الدولية هو مرحلة أخيرة، وقبلها هناك محامون يمكن أن يستمروا في القضية سنتين أو ثلاثا. وهذه الفترة تعطي الفرصة لحل المشكلة الأساسية التي كانت المحكمة من تداعياتها، وهي مشكلة دارفور. لكن في المقابل اذا لم تحل مشكلة دارفور ورفضت التعامل مع المحكمة فإن ذلك يعني انك تريد الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي..!!
? موقفكم هذا هو نفس موقف الاتحاد الافريقي الداعي إلى تأجيل المحكمة لمدة عام أو اكثر ريثما تحل المشكلة؟
* موقف الاتحاد الأفريقي نفسه يدعو الحكومة للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
? ألا يوجد أفق لتوحيد رؤيتكم بخصوص أزمة محكمة لاهاي مع المؤتمر الوطني؟
* لم نتوصل الى رؤية، ففي آخر اجتماع للجنة العليا لادارة الأزمة، طلب من اللجنة القانونية برئاسة وزير العدل سبدرات أن يعد تقريراً تنويرياً للاجتماع القادم حول الطرق القانونية للتعامل مع الازمة داخلياً، وطلب من وزارة الخارجية اعداد ورقة تتضمن توصيات للكيفية التي يمكن التعامل بها مع المحكمة الدولية، وقد تم استصحاب موقف المؤتمر الوطني وموقف الحركة الشعبية، والمقترحات غير الملزمة التي جاءت في المبادرة الفرنسية.
? كيف كان تعاملكم مع المبادرة الفرنسية؟
* هي مقترحات غير ملزمة، وأهم ما جاء فيها هو التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وصادف هذا موقف الحركة الشعبية، وهو موقف مبدئي منذ عام 2005م، حيث كان رأينا هو التعامل مع المحكمة الدولية.
? لكن المبادرة الفرنسية حسبما تسرب تتضمن مطالبات بتسليم أحمد هارون وعلي كوشيب؟
* هذا هو الحد الاقصى في المبادرة، وهذا رأيهم، ولكنا نختلف معهم في أن يكون هناك تسليم لأي من المطلوبين، ولكن نتفق معهم في التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
? بناءً على حالة التوازي في الموقفين داخل لجنة ادارة الازمة، كيف تؤدي مهمتها في دراسة الأزمة، هل مازالت تعمل؟
* «يجيب بفتور» هي مستمرة ويفترض تجتمع قريباً، وقد كنت في جوبا قبل أيام، حيث التقيت بالنائب الاول وأخطرته بهذا الاجتماع، ويفترض أن يتصل بنائب الرئيس علي عثمان لتحديد الموعد بدقة، وتقرير حول ما إذا كان الاجتماع سينعقد بالخرطوم أو جوبا.
? ما هي الصيغة التي ترون أنها مناسبة لحل أزمة دارفور، هل هي مبادرة أهل السودان التي أطلقها رئيس الجمهورية أم غيرها؟
* أنا رجل أحب الوضوح.. حتى الآن لا أرى مبادرة لها أطر واضحة لحل الأزمة، وما عرف بمبادرة أهل السودان هو كلام أو موجهات عامة أطلقها الرئيس وتحتاج الى تفاصيل يفترض أن يجلس خبراء لتفصيلها في نقاط محددة تخاطب لب مشكلة دارفور بصورة عملية. وفي رأيي لا يوجد تعامل جدي لحل مشكلة دارفور.
? هل هذا اتهام لحكومة الوحدة الوطنية؟
* لا يوجد تعامل جدي مع مشكلة دارفور من المؤتمر الوطني، فقضية دارفور قضية سهلة وليست معقدة مثل مشكلة الجنوب التي كانت تتضمن مطالب مثل تقرير المصير وفصل الدين عن الدولة وغيرها، لكن مشكلة دارفور هي عبارة عن مظالم لأهالى الاقليم من غياب التنمية وعدم مشاركتهم في ادارة شأنهم، وتمثيلهم بعدالة في السلطة المركزية، وعدم احساس المركز بمشاكل الهامش، وقد تجلت هذه المشاكل في ثلاثة مطالب اساسية خلال جولات المفاوضات السابقة وهي «1» تمثيل في الحكومة المركزية بنائب رئيس «2» اقليم موحد «3» تعويضات مجزية للمتضررين من الحرب.
? الحكومة ترى أن حاملى السلاح ليسوا جديرين لتستجيب لهم بهذه المطالب؟
* هذه ليست قضايا تجعلنا ندير ظهرنا للأزمة لتتفاقم وتقود الى تدخل المحكمة الجنائية الدولية، واذا كانت هناك جدية لما تطورت هذه القضية حتى صارت تهدد مستقبل السودان. وهناك تهاون وميل الى الحلول العسكرية أكثر من مخاطبة جذور المشكلة. والعمل العسكري مؤقت ولا بد من الجلوس في نهاية المطاف للتفاوض، كما فعلنا بالنسبة لمشكلة الجنوب التي استمرت الحرب فيها لأكثر من أربعين عاماً لتحل في نهاية الامر عبر التفاوض. وينبغي أن نبتعد عن أي حل عسكري في دارفور، لأن الإخوة في دارفور سودانيون ولهم الحق في المشاركة في السلطة المركزية حسب حجمهم السكاني، وأن يديروا شأنهم في اقليمهم بأنفسهم، وأن ينالوا تعويضات عن أية خسائر قد تكون تمت في دارفور اثناء الحرب.
? حدث تصعيد أمني أخيراً في معسكر كلمة، ألا يؤثر ذلك على فرص الحل السلمي في دارفور؟
* بالتأكيد سيؤثر، ولذلك فإننا في الحركة الشعبية وبصفتنا شركاء في حكومة الوحدة الوطنية، أدنا ما جرى في «كلمة» من عنف، فقد كان الامر مجرد تفتيش داخل المعسكر، واذا كان المسؤولون يعلمون أن نتائج هذا التفتيش ستقود الى آثار سالبة بمثل هذه الضخامة، كان الاولى أن يتجنبوا ذلك، خاصة في الظرف الذي نحن فيه، حيث نواجه ضغوطاً دولية جراء مشكلة دارفور، وبالتالي لا يمكن أن نصب مزيداً من الزيت على النار المشتعلة أصلاً، وما جرى نتيجة لاحداث «كلمة» لم يقف عند حد تجميد الحركة الشعبية لمشاركتها في حكومات دارفور الثلاث، ولكن الامر تفاقم ووصل حد أن يستقيل عدد من أعضاء المؤتمر الوطني من أبناء دارفور في حكومة جنوب دارفور من مناصبهم.
? المؤتمر الوطنى وصف خطوة الحركة بتجميد مشاركتها فى حكومات دارفور بأنه محاولة للكسب السياسى؟
* تعجبت عندما قرأت حديث مندور المهدي، عن ان تجميد مشاركة الحركة في حكومات دارفور ما هو إلا محاولة للكسب السياسي، فماذا يقول عن اعضاء المؤتمر الوطني الذين استقالوا نهائياً ولم يجمدوا مشاركتهم كما فعل اعضاء الحركة؟ فهل سلوكهم ذلك ايضاً كسب سياسي للمؤتمر الوطني؟.. اعتقد اننا بصفتنا حكومة ومسؤولين لدينا مسؤولية تجاه شعبنا، وهذه المسؤولية تفرض علينا التعامل مع القضايا الوطنية بطريقة مسؤولة، والطريقة التي تم التعامل بها أخيراً في معسكر «كلمة» تعتبر تعاملا غير مسؤول، لأن الذين فعلوا ذلك واضح أنهم لم يكن في رأسهم إلاّ الجانب العسكري، ولم تكن في تقديرهم الاثارة السياسية لما فعلوه، وان السودان يواجه مشاكل الآن بسبب دارفور وبسبب ما يقومون به من اعمال، ونحن في الحركة الشعبية لا نجامل في المسائل الوطنية الكبيرة، لأن هذه مصائر شعب. ونحن شعب وحكومة مهددون من المجتمع الدولي بسبب هذه الافعال.. واحياناً اتفاءل ولكن تأتي افعال مثل التي جرت بمعسكر «كلمة» لتصيبني بالاحباط، وتجعلني اتساءل هل نحن في حكومة الوحدة الوطنية نقرأ من ورقة واحدة أم أن أوراقنا مختلفة.
? جاء المبعوث الصيني الى الخرطوم في زيارة بدت للمراقبين غريبة، ما هو سبب الزيارة في هذا التوقيت؟
* كيف تكون الزيارة غريبة؟!
? لم تكن زيارة معلنة من قبل، وما الجديد الذي يحمله معه، خاصة اننا عرفنا مواقف الصين من قمة مسؤوليها تدعو الحكومة للتعاون مع المحكمة الدولية والتوصل إلى تسوية في دارفور؟
* أولاً المبعوث الصيني لم يلمح مطلقاً بأن بلاده ستستخدم حق النقض «الفيتو» وما نقل في صحف الخرطوم كان خاطئاً، فقد ذكر بالنص أنه لا يوجد شيء يستدعى الحديث عن استخدام الصين لحق النقض «الفيتو» لأن القضية لا تزال في اطوارها الأولى، وأي حديث عن ذلك سابق لآوانه. وعلى الناس أن يسألوا أنفسهم متى استخدمت الصين «الفيتو» طوال تاريخها؟.. اعتقد انه لا يتجاوز مرتين أو ثلاثا على الأكثر، وفي تقديري أن ما بين السودان والصين حتى الآن لا يرتقي لأن تغامر الصين باستخدام «الفيتو».
? ألا تحملها مصالحها على فعل ذلك؟
* أية مصالح؟ مصالح الصين مع السودان لا تتجاوز سبعة مليارات دولار، لكن هل تعرف حجم مصالحها مع العالم الغربي كم تبلغ.. اعتقد أن مصالحها معنا لا تقارن أصلاً بمصالحها مع العالم الغربي. وعلينا أن نعمل الشيء الصحيح ولا نخدع أنفسنا.. والمبعوث الصيني جاء الى السودان لأن هناك صداقة تربط بلاده معنا، ولكن موقفهم واضح، وهو ضرورة أن نتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية. وقد كان موقفها مؤيداً للقرار «1593» الذي أُحيل بموجبه الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2005م، ولم تعترض على ذلك القرار حتى روسيا، ولم يحدث حتى الآن ما يستدعي الصين أن تغير موقفها، ولا بد من التساؤل ضد من تستخدم الصين حق الفيتو؟ هل يمكن أن تستخدمه ضد نفسها؟ لأن المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بحسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1593» هو مكلف من قبل الصينيين أنفسهم.
? إذن ما الذي حمله معه المبعوث الصيني في زيارته هذه؟
* المبعوث حضر أيضاً للحديث عن المحكمة الدولية ضمن أشياء أخرى، وقد حث الحكومة على التعاون مع المحكمة الدولية والمجتمع الدولي، وقد زار جوبا واجتمع بالنائب الاول، لأن الصين لديها مصالح في كل انحاء السودان. وأهم شيء علينا ألا نتوقع أن تستخدم الصين حق الفيتو لصالحنا، لأن ما تقوله الصين لنا هو نفس ما يطالب به المجتمع الدولي السودان، وجميعهم يحاولون أن يصلوا مع السودان الى حلول توافقية، وان نتعامل مع المجتمع الدولي.
? حتى الولايات المتحدة وفرنسا يسعون الى ذلك؟
* نعم.. وكانت آخر زيارة للوفد الفرنسي الذي التقيت به أمس ليلاً واليوم «الاثنين والثلاثاء * من المحرر»، تحمل نفس الرسائل، وهي أنه لا بد من أن نتعاون مع المجتمع الدولي، وألا نخرج على الاجماع الدولي حتى يستطيعوا مساعدتنا .. هذا حديث الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين والصينيين وغيرهم. وعلينا أن نعرف قدر أنفسنا، فنحن لسنا دولة عظمى لا في العالم ولا حتى في الإقليم.. نحن سودانيون وعلى قدر حالنا. والفترة المتبقية حتى صدور قرار قضاة المحكمة الدولية فترة قصيرة، ولا بد أن نفعل شيئاً قبل حلول يوم 15 أكتوبر، لأننا ان لم نفعل شيئاً فإن احتمالاً كبيراً أن يصدر قرار القضاة بالمحكمة الدولية. واذا ما صدر أمر توقيف بحق السيد الرئيس، فإن ذلك سيعقد المشكلة أكثر، لذا فإن إصرارنا في الحركة الشعبية على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل إيقاف صدور أمر التوقيف بحق السيد الرئيس، أو يؤجل ذلك في أسوأ الفروض.
? ما هو المطلوب تحديداً من الحكومة حتى تتجنب صدور مذكرة توقيف ضد رئيس الجمهورية؟
* بالنسبة لقضية أحمد هارون وعلي كوشيب يمكن للحكومة أن تتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق محامين سودانيين أو أجانب، وأيضاً بالنسبة لقضية السيد الرئيس الذي يتهمه المدعى العام للمحكمة الدولية.
? الرئيس لم يتهم بعد من قبل المحكمة، وما تم حتى الآن طلب بتوجيه الاتهام له؟
* نعم.. ولكن هناك طلب اتهام، ولا بد أن نتعامل عبر المحامين مع هذا الطلب على انه طلب باطل نتيجة للأسباب الآتية كما سيفندها القانونيون. واذا لم نفعل ذلك فإن المرحلة التالية من قبل المحكمة ستكون صدور امر توقيف بحق رئيس الجمهورية. فلماذا يريد المؤتمر الوطني أن يحدث ذلك؟ اننا نسعى لأن نوقف صدور أمر القبض بحق السيد الرئيس أو نؤجله على اسوأ الفروض، حتى نتمكن من حل مشكلة دارفور التي ستقود الى اغلاق ملف المحكمة من خلال المصالحة الوطنية التي ستسلب المحكمة الدولية حججها. ونستغرب لماذا لا يرى المؤتمر الوطني هذه الحقيقة ويسند ظهره الى الحائط بعد أن يغلق الباب، فنحن في الحركة نرى أن ذلك سيقود حتماً المجتمع الدولي الى تحطيم هذا الباب فوق رؤوسنا اذا ما اصررنا على هذا السلوك في التعامل معه. اننا لا نريد أن يحدث هذا، بل نريد أن نظهر في العالم بمظهر جيد، واننا دولة تحترم القوانين الدولية وتتعامل مع الامور بصورة حضارية. هذا هو موقفنا في الحركة الشعبية.
? هل هناك استعداد داخل حكومة الوحدة الوطنية من أجل تقديم تنازلات لحل قضية دارفور حتى اذا ما أثر ذلك على اتفاقية السلام الشامل؟
* أولاً اتفاقية السلام الشامل ليست خصماً على أي اتفاق سلام آخر في السودان، بل إننا قلنا إن الاتفاقية تمثل إطاراً مناسباً لحل بقية مشاكل السودان الاخرى، وأية تنازلات تأتي عن طريق المفاوضات، وقلت سابقاً أن مطالب حركات دارفور التي طرحت في الجولات السابقة ليست سبباً يجعلنا نتقاتل بهذه الضراوة حتى يتدخل المجتمع الدولي ويصل الامر الى المحاكم الدولية. ولكن لا يمكن أن تتحدث عن تنازلات قبل الدخول في مفاوضات. والتنازلات امر لا بد منه، وهي من الجانبين الحكومة والحركات المسلحة، حتى يصل الناس الى حلول وسطى.
? هل سيشارك الرئيس في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنطلق منتصف هذا الشهر؟
* حتى الآن لم نتخذ قراراً في هذا الخصوص، ولكن عموماً لا يوجد شيء حتى الآن يمنع الرئيس من المشاركة في الاجتماعات.
? كيف تقيمون المواقف داخل مجلس الأمن وفي البلدان المؤثرة فيه بخصوص أزمة المحكمة الدولية، هل هناك مواقف ايجابية لصالح السودان؟
* ما أود أن أقوله أن لمجلس الأمن السلطة للتدخل حتى الآن في ايقاف صدور القرار من قضاة المحكمة، وفي نفس الوقت إيقاف تنفيذه إذا ما صدر، لكن الافضل بالنسبة لنا أن يتدخل مجلس الامن الآن للحؤول دون صدور أمر التوقيف بحق السيد الرئيس، لكن حتى يفعل مجلس الأمن ذلك هناك أشياء مطلوبة منا.
? ما هذه الأشياء؟
* أولاً التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، والشروع وبجدية من أجل حل مشكلة دارفور. واذا ما قمنا بهذا فإنه بإمكاننا أن نطلب من اصدقائنا التحرك من أجل حمل مجلس الامن على الطلب من المحكمة الجنائية الدولية ايقاف صدور قرار التوقيف بحق رئيس الجمهورية، لكن للأسف لم يتبقَ امامنا من الزمن سوى شهر حتى يحدث ذلك، وحتى الآن فإننا في الحركة الشعبية لا نرى جدية من قبل المؤتمر الوطني للتحرك على هذين الصعيدين من أجل تلافي المشكلة.
? بعض المسؤولين في الحكومة والمؤتمر الوطني يلمحون الى أن هناك مطالب أخرى غير التي ذكرتها الآن؟
* مثل ماذا؟
? استقالة الرئيس، وتغيير توجهات النظام وتركيبة الحكم فيه؟
* هذا كلام عارٍ من الصحة تماماً، نحن نتعامل مع ما هو موجود على سطح الطاولة وليس مع التخمينات، واستطيع أن اقطع بأنه لا يوجد أحد طالب بتغيير النظام.
? مدير المخابرات تحدث عن ضغوط من أجل تغيير تركيبة نظام الحكم؟
* لا يوجد مطلب مثل هذا إطلاقا، فلم يقل أحد باستقالة الرئيس، لأن استقالته تعني عملياً أن يأتي رئيس جديد ويكون حكومته، فمثل هذه المطالب غير موجودة وغير مقبولة أيضاً من جانبنا. وكما ذكرت لكم فكل المطالب التي سمعناها من الوفود الدولية التي زارت البلاد أو من وفودنا عندما تحركنا في اوروبا واميركا هما هذان المطلبان. وأي حديث عن مطالب أخرى غير ذلك لا أريد أن اسميه «كلام جرايد» «يضحك».
? سألت قبل فترة أحد المسؤولين في وزارة الخارجية عن حقيقة المطالب الاميركية، فذكر أنها تغيير توجهات المؤتمر الوطني وبعض قياداته التي تتبنى هذه التوجهات في قمة الحكومة؟
* أبداً لا توجد أية مطالب مثل هذه.
? هل يمكن أن تبطل استقالة الرئيس إجراءات اصدار امر توقيف ضده؟
* «باستغراب» لا يوجد أي حديث عن استقالة الرئيس أصلا، لأن ذلك حق أصيل للشعب السوداني، ولا يخضع لاملاءات من قوى خارجية، إلا أن تستخدم القوة العسكرية، وهذا أمر غير وارد على الاطلاق، ولم يذكر أي مسؤول دولي أنهم بصدد التدخل عسكرياً في السودان.
صحيفة الصحافه[/ALIGN]