قير تور
البرجوازية والبرولتاريا
فالشخص البرجوازي حسب ما فهمته منذ أن سمعت هذه الكلمة على لسان المثقفين وكبار السياسيين هو ذلك الغني أو تحديداً اعرف بأن البرجوازيين الجنوبيين هم هؤلاء الشاغلين المناصب الكبيرة في الدولة لما يتمتعون به في الدولة. ودليلي على ذلك أن الخطاب الموجه للثوار في الكثير من البرامج المعنوية كان يقول بأن النضال المسلح الذي بدأ بالجنوب ليس المقصود به الشمال فالقضية ليست قضية الجنوب إنما كل السودان والمشكلة السودانية مشكلة حكم سئ يشارك فيه الجنوبيون مثلهم مثل الشماليين المسيطرون على الحكم في المركز.
المهم كلمة البرجوازية كانت معروفة بالنسبة لي قبل ان اقرأها في الكتب التي بدورها عرفت منها أنها مصطلح مضاد للرأسمالية، واما كلمة البروليتاريا فلم اعرفها إلا في الجامعات وعلى لسان الديمقراطيين الأحرار المناضلين ضد الأنظمة الدكتاتورية,وفهمت بأن المقصود بهم هم طبقة الفقراء والعمال ولسوء حظي أنني لم اكن اعرف اين مقامي إلا بعد وصولي المرحلة الجامعية….
وعلى كل حال خلال المرحلة الجامعية تلك شاهدنا بعض الأحداث التي نعتبرها تأريخية وتستحق التدوين حتى تعرف أجيالنا القادمة التطورات الإيجابية في زمنها، ومن هذه الحقائق أننا كنا حاضري الذهن عندما تم التوقيع على إتفاقية الخرطوم للسلام في ابريل عام 1997 م. فترة ما بعد التوقيع كانت الفنادق تمتلئ بالوفود العائدة وأذكر أن واحدة من الأشياء الملفتة للنظر هو عدم الإنسجام مع السلوك الجديد والقديم.فاول ملاحظة في تناول الطعام أن الذين كانت قبائلهم تحرم عليهم اكل الدجاج مثلاً لم نجد لديهم خياراً افضل من هذا الصنف، واما الموجودون هنا في الخرطوم فقد تأثروا بدورهم بسلوك أهل الخرطوم والشمال فاللغة التي يتحدثونها والملابس كذلك لا تعبر عن وحدة اسمها (الجنوب).
فالملاحظ ان الجنوب لم يعد هو الجهة الجغرافية التي لها مميزات معينة إنما تحول إلى مجرد فكر ينادي به بعض أبناء قبائله.فالثقافات التي تمشي او تسير ابناء الجنوب لم تعد بالضرورة التعبير عن الشخصية الجنوبية بدون ان يكون هناك تدخل من ثقافة أخرى إذا نظرنا لها بتمعن سنجدها لا علاقة لها إطلاقاً بقبائل الجنوب وهي اللغة.
حضرت مناسبة زواج يوم الجمعة الماضي 22 اغسطس 2008 م أقيمت في صالة افراح كزام، وكنت فخوراً بحضوري هذه المناسبة لأن هذه هي المرة الثانية التي أحضر فيها مناسبة في هذا المكان الفخم الرهيب مما يجعلني محسوباً من ضمن (البرجوزايين) ورغم ذلك فالمناسبة الأولى التي حضرتها كانت في شهر يونيو وتلقيت دعوة رسمية من أصحابها القائمين بها، واما هذا الأسبوع فقد ذهبت وتفاجأت بحفل زواج كانت اللغة المستخدمة هي العربية أو الإنجليزية واحياناً الدينكا. واما لبس البنات فآخر ما توصلت إليه محلات الأزياء العالمية وبإستثناء غناء جون كودسيه بلغة الدينكا لم يكن هناك شئ يشير إلى شخصية القائم بالمناسبة.
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 998- 2008-08-24 [/ALIGN]