[ALIGN=CENTER]في التشكيلة [/ALIGN]
أعدت له البدلة و(الكرفتة).. فقد دار همس كثير في المدينة أنه على موعد مع منصب وزاري رفيع.. وعلى إثر هذا الهمس تغيرت ملامح حياتهم.. «أي الأسرة كلها.. صغيرة وممتدة»، فقد صار البعض ينادي والدته «يا أم سيادتو..»، «أم السيد الوزير» حتى أطفاله تعلموا خلال أيام الهمس النفخة الكاذبة.. فقد هجروا سندويتشات الفول وتعلموا «الهوت دوق.. المارتدلا..» على وعد هجر المدرسة الحكومية للمدارس الخاصة.. أما هو فقد كان يضحك على مجمل الوضع.. فهو أكثر من يعلم أنه أبعد ما يكون عن ذلك المنصب، إلا أنه أراد أن يرى ما آخر مدى يصله الهمس والكلام.. ظل ينظر لشريكته التي كانت يوماً تدعوه للقناعة بالموجود وهي تدخل في ثوب الهمس.. «اها.. يا سيادتك.. لازم نجهز حالنا للوضع الجديد عشان نكون قدر المنصب والبرستيج.. اها هسة لازم تغير لينا ملابسنا دي.. وعايزة أودي عفشنا القديم دا لناس حنينة.. أكيد حايفرشوا لينا عفش جديد في بيت جديد..» فما كان منه إلا أن حس بخطورة القادم إن استمر هؤلاء في توهم «منصب سيادتو».. «أسمعي يا زينب.. زمنك دا كلو معاي ما اتطرطشي ذي دا.. الجدّ عليك شنو عشان تتهبلي كدة.. من متين شفتيني زول مناصب واللا زول وزارات واللا زول نفخ.. أحسن ليك تكبري راسك شوية..».. فصاحت فيه «اسكت يا زول.. اسمع الراديو بذيعوا في التشكيلة الجديدة.. لحدي ما يذيعوا اسمك أجري اشتري لينا حلاوة وبارد وفشار وخبائز عشان ما ننفضح مع الناس»، فما كان منه إلا أن هز رأسه قائلاً: «الله يكمل ليك عقلك يا زينب».
وهمة كبيرة..
كثيرون يعيشون في جلبابات غيرهم باعتبار أنهم أرفع من جلباباتهم الحقيقية أو أن ظروفهم لم تمكنهم من أن ينالوا حظوظهم في عالم «الجلاليب»، لذلك لا تعجب إن وجدتهم خارج إطارهم في نماذج مختلفة كأن يمارس عامل دور المدير ويشيع ذلك في المؤسسة.. أو أن يكون مديراً يتحرك بماكينة وزير.. أو.. أو.. النماذج «الدعية» هذه تزداد معدلاتها هذه الأيام بصورة كبيرة جداً، والغريب في الأمر أن لا تجد فراراً من التعامل معهم بمكانتهم الواهمة تلك وقد لا تجد حرجاً من نفسك أن تناجيهم «اها يا سيادتك»، بينما يدور حديث بينك وبين نفسك عن مدى احتقارك لنفسك ولنفاقك.. لا يهم من يقضي لك الغرض، ولكن أن يُقضى الغرض هو الأهم.. نستغفر الله في حق أنفسنا لأننا سمحنا لبعض «الموهومين» بأن يصدقوا أنفسهم لهذا الحد من الوهم.. نحتاج أن نغتسل من نجاسة هذه «الوهمة».
آخر الكلام:كثيرون داخل التشكيلة بحقهم ومستحقهم.. وآخرون دخلوا التشكيلة بوهمهم وضعفنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل!
سياج – آخر لحظة – 1382
fadwamusa8@hotmail.com