تحقيقات وتقارير

وأخُو الجَهَالةِ في الشّقَاوَةِ يَنْعَمُ!!

[JUSTIFY]الطيب مصطفى: استخدمتُ العنوان أعلاه اقتباساً من بيت الشعر الشهير:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.. ما فعلتُ ذلك إلا رداً على الأستاذ عثمان ميرغني الذي اختار الشطر الأول من البيت عنواناً لمقاله الذي تهجَّم فيه عليَّ وقوّلني ما لم أقل!!
أصل الحكاية أن عثمان كتب أنه قابلني في بيت الضيافة خلال مراسم تلقي رئيس الجمهورية تهاني العيد وقال لي متهكِّماً «إن زيارة الوفد الإسرائيلي أمس لمدينة جوبا وإعلان جمهورية جنوب السودان تدشين علاقتها مع إسرائيل والوعود الإسرائيلية بتقديم كل العون للجمهورية الوليدة.. كل ذلك ربنا يجعله في ميزان حسناتكم»!!
قبل أن أواصل استعراض عجائب عثمان ميرغني أودُّ أن أُذكِّر بأن الرجل لا يزال يبكي لاطماً الخدود وشاقّاً الجيوب حزنًا على انفصال الجنوب حتى بعد أن تنفّسنا الصعداء وأذهب الله عنا الأذى وعافانا بانتهاء مسلسل «وحدة الدماء والدموع» الذي ظللنا نشهد حلقاته على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان!!
عثمان قال إنني رددتُ عليه بالآتي (نحن كنا عارفين إنو الإسرائيليين سيدخلون إلى جوبا ومنها إلى الخرطوم.. ولذلك قطعنا عليهم الطريق بفصل الجنوب)!!
طبعاً لا يمكن لعاقل أن يصدِّق أنني قلت هذا الكلام الساذج لعثمان.. ما قلتُه سبق أن كتبتُه رداً على نفس التخرُّصات التي هرف بها عثمان.. قلتُ لعثمان ميرغني إن الجنوب كان يستقبل الإسرائيليين طوال الفترة الانتقالية التي أعقبت نيفاشا بدون إذن من الخرطوم وكانوا حينها يدخلون الخرطوم من جوبا حيث لا شيء أو موانع تحول دون تسللهم بعد دخولهم أرض السودان (الموحّد) من جنوبه أما اليوم بعد الانفصال فإن دخولهم من الجنوب المستقل يصبح متعذراً بما يعني أن إسرائيل لن تُدخل رعاياها اليوم أما في السابق فإن ذلك كان متاحاً لأن الدولة كانت واحدة.
كتبتُ من قبل أنه خلال الفترة الانتقالية فتحت بعض الشركات الإسرائيلية العاملة في يوغندا مكاتب لها في جوبا وأعلنت عن ذلك في الصحافة الجنوبية مثل «خرطوم مونتر» وضربت مثالاً بشركة «شالوم إنتربرايزس» التي أعلنت عن ذلك على رؤوس الأشهاد!! لكن عثمان ميرغني يرفض أن يقرأ أو يفهم ذلك كما يرفض أن ينفيه لأنه لا يستطيع أن ينكر الحقيقة!!
إذن فإني أسأل الله أن يجعل إغلاقنا الحدود في وجه أعدائنا اليهود من خلال الانفصال في ميزان حسناتنا هذا بافتراض أننا بالفعل نلنا فضل فصل الجنوب ولم يقم بذلك أبناء الجنوب بعد أن صوَّتوا بشبه إجماع للانفصال!!
طبعاً عثمان يُصرُّ على أن يمنحنا فضل فصل الجنوب حيث كتب أنه هنأني بحرارة على (مشوار النجاح الذي حققته بفصل وتقطيع أوصال السودان)!!
مسكين عثمان الذي لم يدرك حتى اليوم أن غالب شعب السودان الشمالي يعيش فرحاً طاغياً لا يقل بأي حال عن الفرح الذي ملأ الشارع الجنوبي وليته لو أجرى استطلاعاً للرأي ليرى بعينيه مشاعر الفرح التي أحسّ بها الناس وهم يتذوّقون نعمة الأمن ويحتفون بتغيُّر الشارع الذي أصبح متجانساً ويسعدون بإحصائيات مبكرة تبشرهم بانخفاض الجريمة والأمراض الخطيرة كالإيدز باعتراف وزارتي الداخلية والصحة وارتفاع مستوى المعيشة باعتراف وزير المالية.
عثمان لا يقرأ تصريحات البشير وأحمد إبراهيم الطاهر ونافع عن إيجابيات الانفصال وعن زوال عبء الجنوب ولا مقالات وأشعار أمين حسن عمر فرحاً بالشفاء من ذلك المرض العضال ولا يسمع الهمس الذي يخرج من أفواه الكثير من المسؤولين لأنه يصرُّ على ألّا يسمع ولا يبصر ولا يعقل أنه لا خير في جزء من الجسد مصاب بسرطان لئيم لا يُجدي معه غير البتر وهل يبكي العقلاء على العضو المصاب بالسرطان أم يفرحون ويحتفلون (ويكرِّمون) ويحمدون الله على نجاح عملية استئصال ذلك الورم الخبيث الذي ملأ حياتهم بؤساً وشقاء وتعاسة وتخلفاً وحزناً.
عثمان يتحدَّث عن إسرائيل وانطلاقها من جنوب السودان وكأنَّ إسرائيل لا توجد في غير جنوب السودان بل إن الرجل يعلم لكنه (يتغابى) أن إسرائيل موجودة في أسمرا الأقرب إلى الخرطوم من جوبا وفي القاهرة وإنجمينا وأديس أبابا!!
مشكلة عثمان ميرغني أنه على الدوام (يغرق في شبر موية) وبدلاً من النظر للقضية من وجهة نظر إستراتيجية وكلية ينشغل بالنوافل عن الفرائض ويتجاهل مثلاً ما ينطوي عليه مشروع السودان الجديد الذي كان مطروحاً كبديل تقايض به الحركة الشعبية في سبيل تحقيق هدف ابتلاع السودان نظير التخلي عن الانفصال وأعجب ما في الأمر أن عثمان طوال مسيرته لم يكتب حرفاً واحداً وهو القيادي الإسلامي (قديماً) عن ذلك المشروع وما ينطوي عليه من أخطار استئصالية رأينا عرضًا يسيرًا منها في أحداث الإثنين الأسود «5002م» والأحد الدامي «4691م» وغيرهما.
عثمان لم يلحظ الاحتجاجات التي بدأت تتعالى في الشارع الشمالي ضيقًا بالهجرة العكسية نحو الشمال والتي تتزايد بشكل مطّرد من جنوب السودان فبعد أن قال باقان بعد الانفصال (ارتحنا من وسخ الخرطوم) هاهم يفرُّون بالآلاف من جنتهم الموعودة بعد أن شهدوا (وسخ جوبا) وهوان الإنسان في بلادهم التي يفتك بها الجوع والاقتتال القبلي وهل أدلّ على ذلك من مقتل أكثر من «006» في معركة واحدة قبل أيام بين قبيلتي النوير والمورلي بتواطؤ من الحركة الشعبية (الدينكاوية).. يعودون إلى الشمال كأجانب بعد أن رفضوا الوحدة وغادروا الشمال الذي كانوا ينعمون بجنسيته فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، ولستُ أدري أين وزارة الداخلية التي أُوقن أنها تعلم أخطار الهجرة الجنوبية الجديدة بما في ذلك الأخطار الأمنية (الأمن القومي)؟!
عثمان الغارق على الدوام في الأوهام لم يسأل نفسه لماذا انفصلت كثير من الدول بدون أن تُراق قطرة دم واحدة بالرغم من الوشائج التي تربط بين شعوبها بينما لا يزال يبكي وينتحب رغم علمه أنه لا شيء غير الدماء والدموع يربط بين شعبي الشمال والجنوب!! ولماذا لم تُقِم تلك الشعوب مناحة كالتي يقيمها بعض البكّائين على ما ينبغي أن يسعدوا به ويفرحوا؟!
على كلٍّ لن أسترسل أكثر لكني أقول إن عثمان الذي كثيراً ما يكتب والسلام حتى بدون أن يتمعَّن في حيثيات ما يكتب لا يستحق أن يُرد على كل ما يسوِّد به عموده لكني أشعر أحياناً بأهمية الرد حتى لا يُلبس على الناس ومن ذلك (فتاواه) المضحكة والعجيبة عن أنه لا علاقة بين الدين والهُوية أو قوله إن الله لم يطلب من أحد الدفاع عن دينه أو قوله إن القرآن لم يخاطب إلا الكل البشري والغريب أنني عندما رددتُ على تلك العبارات المضلِّلة والساذجة بالدليل القاطع سكت ولم يرد لكنه بدلاً من أن يتعظ ويكفّ عن الخوض في ما لا يعلم عنه شيئاً يواصل التخليط بدون أن يفكِّر في ما يمكن أن يجرّه عليه من إهدار لمصداقية ما يكتب وانحسار لصحيفته في سوق التوزيع!!

الانتباهة [/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [B][COLOR=#0071FF][FONT=Simplified Arabic][SIZE=5]كل مكابر على فوائد انفصال الجوانب يكون فعلا لا يرى او انه يستعمل نظارة ضبابية قاتمة . ان كل الذي كان يدور قبل وبعد الانفصال يدل على ان هؤلاء القوم لم يحدث في يوم من الايام ان أكنوا للسودان اي محبة او اعطاء شعور بالانتماء للسودان كوطن واحد ، بل ظلوا دوما في عداء سافر مع الشمال والاسوأ انهم حين كانت الحرب كانوا ياتون الى الشمال زرافات ووحدانا قصد للامن والسلام والعيش الكريم .. الا انهم كانوا يبيتون النية بالغدر بالشمال وكانوا يبيتون نية الاستيلاء على الخرطوم ومن ثم كامل السودان ، وكشف ذلك كله تحركات الثنائي الحاقد باقان وعرمان وثالثهم المتذبذب عقار .. ان الحنوب نعم كان ينتمي الى السودان الواحد كارض وموارد الا انه لم يكن كذلك كعنصر بشري ،، بل ظل طوع وارادة التدخلات الاجنبية وكان عصاة طيعة للامبرالية على السودان ولكن تكسرت العصاة عند صبر وجَلَد اهل السودان .. فكان لا مناصة من العمل على تذكية نيران الانفصال ..
    وعدوهم بان الجنوب سيكون جنان الله في الارض وكنوز سليمان ،، وخزائن قاروون وقوة جنكيز خان وذلك امعانا في ترغيبهم في الانفصال .. الا انه بعد الانفصال تلفتوا ولم يجدوا غير دولة واحدة وطامعة في قيادتهم فقط والسيطرة على مواردهم المائية الا وهي اسرائيل .. وصدقوني لن يدوم هذا الزواج اليهودي المسيحي طويلا لان افريقيا لاتعرف الاستقرار مهما طال الامد فسوف تخرج خاسرة اما بوحدة طوعية مع الشمال واما بانقلابات متكررة لاتعرف كيف تتصرف معها اسرائيل ..
    هنا لا نحبذ ان يتجه النقاش الى سجال شخصي ومعترك بلا ارض نود ان توجه الصحافة اقلامها للكتابة عن السودان والسودان الجديد وكيفية تطوير الاداء والادارة وكيف يمكن ان نتجاوز عقدة الماضي والبكاء على الاطلال فاليوم الذي مضى لن يعود .. وسؤالي لعثمان ميرغني ماذ جنينا من وحدة السودان مع الجنوب طيلة الفترة الماضية وارجو عمل حسابات دقيقة هل كان يستفيد الشمال من الجنوب ام ان الجنوب طيلة حياته كان عبئا على السودان ككل الى ان جاء البترول وشجعهم او انه اوهمهم بانهم سيكونون افضل حالا من ان يكون في اطار سودان واحد ..
    استاذنا الطيب نرجوك كذلك ان نتجاوز مسالة الجنوب هذه ونمضي الى العمل وليتك تسلط هذا القلم على الفساد الذي استشرى في اوصال الدولة والخدمة المدنية .. نرجوك استاذنا الطيب وبما لك من مصادر موثوقة ومقربة في اماكن صنع القرار ان تكون عونا لنا ان يخاف كل مريض قلب تعدى على حقوقنا .. نرجوك استاذ الطيب ان تنقل الصورة التي يعاني بها الشعب لسعادة الرئيس حتى لايكون تحت تضليل الحرامية والذين وصلوا على حين غرة الى موارد البلاد .. نأمل ان يعمل هذا القلم على دعم حماية المواطن وان يكون لسان حال الغلابة الذين اعياهم استبداد بعض المتنفذين وانهكهم تغول الجزارين الذين لاتعرف سكينتهم رحمة في تقطيع اوصال الفقراء والمساكين ..وليكن هذا القلم مثالا يحتذى به في عالم الصحافة النزيهة والجميلة والتي يمكن ان يطمئن المواطن انها تحميه وتنطق بلسانه ..[/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]