العاصفة الهادئة
عادت «سميرة» بعد إنتهاء يومها الدراسي فلم تجد بيتهم «الهش» فقد أزيلت دعائمه تحت طائلة السكن العشوائي.. لم تكن تعرف أنهم مجرد عشواء في هذه المدينة أناس بلا وجيع.. أشباح تؤذي المظهر السكاني العام.. وبلغة الهمس حدثت نفسها «يا الله الناس طبقات ودرجات.. جاءوا لدنيا بطريقة واحدة وتشبعوا فيها وتسيد بعضهم بعضاً واستبعد البعض الآخر..» هكذا بدأت تنمو في سميرة بواغض تجاه الآخرين .. الآخرين الذين يسكنون البيوت الثابتة وتتلون أجسادهم بلون الراحة ونورتها.. وإن كان هؤلاء لا ذنب لهم.. إلا أنها لم تجد بداً من تنفيس عاصفتها عبرهم.. لم يكن ذنبهم إجتهادهم في الحياة.. ولكن سميرة لم تعرف إلا هذا الطعم الماسخ لعصف الدواخل لا بأس لا بد من مكان آخر تنصب فيه الرواكيب والعرائش «فأرض الله واسعة».. فكان سكنهم الجديد طرف آخر من أطراف المدينة وكان على «سميرة» إثبات مقدرتها في المدرسة التي دلفت اليها هذه المرة من بوابة النظافة وجمع المخلفات وتنظر بعينها للآخريات عندما تبدأ الحصص تتحسر سراً وتهمس «أنه القدر.. وكل زول بيأخد نصيبه» وظلت تتعلق بهذا النصيب والأيام تتوالى وكل أحلامها تصير ضرباً من الرهاب في صحاري التعب والرهق المتواصل.. إلى أن وصلت لعمر الإنطلاق إلى رحاب الزوجية والثنائيات القدرية.. فكان نصيبها «زكريا» العاطل الثمل لأنه الأقرب لظروفها ومستوى حياتها المحيطة.. أمها تعبت من تبعات بيع الشاي وصارت نموذجاً يتعلم عليه طلبة الطب من تلك الجامعة لدوام بقائها بذلك العنبر.. وحبوبتها تحللت أوصالها تحت قهر الكبر والعجز.. لا مفر من زكريا إلا زكريا.
آخر الكلام:
سميرة موجودة بعاصفتها الهادئة جداً.. جداً..[/ALIGN]
سياج – آخر لحظة – العدد 740
fadwamusa8@hotmail.com