البحث عن النبوغ
أجد نفسي أتمنى تمدد فكرة «مخيم الموهبة للأطفال» الذي يتركز على عمل مشترك ما بين هيئة رعاية الإبداع العلمي وديوان الزكاة.. خاصة وأن الموضوعات المستهدفة تدعم تعزيز قدرات الأطفال المشتركين في بناء ثقتهم بأنفسهم والتفكير الإبداعي والابتكاري، ونحن في كثير من الأحيان قد نهضم حقوق أطفالنا بلا قصد عندما «نكممهم» ونقف كحائل بينهم وبين روح المغامرة.. المخيمات هذه لو أصبحت ثقافة ضمن برامج العاصمة ونظمت بروح تربوية عالية فإنها تصبح تجربة قابلة للاحتذاء.. فطفل المدن اليوم يتمتع بظروف استثنائية، حيث يوجد انفجار في وسائل التواصل والتقانات المعلوماتية قد اجتاحت العالم وجعلت الطفل في منظومة مع أطفال كل العالم دون الانغلاق في حيز البيت.. ولكن لنا أطفالاً سودانيين يعيشون حياة مغايرة هناك في الأطراف القصية.. لا يدركون من دنيانا إلا المظهر وتختفي عن أنظارهم لتجعلهم في حيرة من أمرهم.. ربما يسألون أنفسهم «من هؤلاء؟.. ومن أين جاءوا؟.. ماذا يأكلون؟.. وما هذه المياه التي يحملونها؟
لا تستغرب عزيزي القاريء لذلك الكلام.. فهذه النماذج الطفولية موجودة في بلادنا الحبيبة وتحتاج منا لجهد كبير وتفعيل قوي داخل المجتمعات التي تنشئهم، فليس الخطأ.. خطأ فرد.. بل هو خطأ منظومة كاملة، رأيت بعض هذه النماذج في بعض المجتمعات الرعوية التي تنغلق حياتهم فقط حول حيوانهم.. فهو مصدر رزقهم وغذائهم.. ففي زيارة سابقة في سهول غرب البلاد صادفت أطفالاً تكاد ذاكرتي لا تمحو تفاصيل الاستفهام والاستغراب الذي ارتسم على وجوههم ونحن قد جئناهم في أمر يتعلق بحيوانهم الذي يمثل العمود الفقري للأسرة.. وبلا اتفاق أو حديث تمت مقايضة بيننا وبينهم، فقد جئناهم ونحن نحمل «السندوتشات» وماء القارورات، واستقبلونا بكميات وافرة من اللبن التي أغنتنا عن تلك السندوتشات وتلك القارورات وأعانونا على جمع عينات من حيواناتهم ولسان حالنا.. لماذا لا تدخلوا في منظومة المدارس- وهل من حل لمشكلة تعليم الرحل المتحركين المتجولين- ومن ثم لنا أن نحلم لهؤلاء بمستقبل واعد ومخيمات ورحلات وسند.. فلابد من عدالة اجتماعية قوية تفرض نفسها وتحقق المنشود للنبوغ القادم.
آخر الكلام.. ولا ننكر أن هناك نماذج بائسة لأطفال بالمدن.. يعيشون فيها شظف الحياة ولا يأملون في ترف البحث عن أكثر من يوم.
سياج – آخر لحظة – 1365
fadwamusa8@hotmail.com